بقلم - عمرو الشوبكي
مَن استمع لتصريحات المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلى، «دانيال هاجارى»، حول حماس سيتصور أنه يستمع لأحد القيادات السياسية المدنية فى إسرائيل، أو باحث متخصص فى شؤون الشرق الأوسط والتيارات الإسلامية وليس قائدًا عسكريًّا.
وبعيدًا عن أى حسابات سياسية وراء مثل هذا التصريح فى ظل السجال الدائر فى الدولة العبرية بين المستويين السياسى والعسكرى، إلا أن كلامه كان فيه كثير من الوضوح، حتى لو لم يصل إلى النتائج الصحيحة المترتبة على هذا الكلام.
فقد ذكر «هاجارى» أن الحديث عن تدمير حماس ذَرٌّ للرماد، حيث مادامت لم تجد الحكومة بديلًا لحماس، فالحركة ستبقى، وكرر ما سبق أن قاله جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، من أن حماس فكرة وحزب، بل أضاف أنها مغروسة فى قلوب الناس، ومَن يعتقد أن بإمكاننا إخفاءها فهو مخطئ، وأشار إلى أنه لا يمكن إعادة جميع المحتجزين لدى حماس بالوسائل العسكرية.
هذا التحليل الصحيح الذى سبق أن تحدث فيه كثير من الخبراء والسياسيين على مستوى العالم بخصوص حركة حماس لم يدفع إسرائيل إلى الوصول لنتائج صحيحة والاعتراف بأن الحل فى تحويل مسار حاضنتها الشعبية فى اتجاه دعم مشروعات التنمية السياسية والاقتصادية وليس حمل السلاح، وهو لن يتحقق إلا إذا دفعت إسرائيل استحقاقات لا ترغب فى دفعها، وعلى رأسها القبول بقيام دولة فلسطينية، فى حين أن المتحدث الإسرائيلى تمسك بأن هدف الجيش هو قتل السنوار، وأنه قريب من القضاء على كتائب حماس فى رفح.
ورغم أن كلام المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى فيه إقرار بأنه لا يمكن القضاء على أى فكرة، وأنه لا يمكن تسطيح مشكلة حماس فى أنها تنظيم تصنفه إسرائيل وأمريكا بأنه إرهابى، فتنتهى مشكلتها بالقوة المسلحة، ويتم القضاء عليها، إنما يعنى أن هزيمة التنظيم المسلح لحركة حماس لا تعنى نهاية الحركة ولا نهاية فكرة المقاومة المسلحة بصرف النظر عن الفصيل الذى يمارسها.
مشكلة التحليلات الإسرائيلية الجادة أو الواقعية بعيدًا عن شعارات قوى التطرف والإرهاب التى يمثلها بن غفير وسموتريتش وغيرهم أنها لا تمتلك الجرأة فى أن تصل إلى الحلول الصحيحة، وتكتفى أحيانًا بتوصيفات صحيحة.
القول إن حماس فكرة مغروسة فى نفوس الناس جملة صحيحة، لكن الحل بالنسبة لإسرائيل هو القوة الباطشة، فى محاولة للقضاء على تنظيمها المسلح، حتى لو كان الثمن ارتكاب جرائم إبادة جماعية واستهدافًا متعمدًا للمدنيين، فى حين أن الحل لن يكون بأى حال عسكريًّا.
إنما سيكون بدعم الخيارات السياسية لكل الفصائل الفلسطينية وإنهاء الخيار المسلح، وهو لن يتحقق إلا إذا نجح المجتمع الدولى عقب توقف الحرب فى تطبيق قرارات الشرعية الدولية المهدرة منذ أكثر من نصف القرن، وفرض انسحاب إسرائيلى من الأراضى التى احتلتها عقب حرب 67 وإقامة الدولة الفلسطينية.