«حماس» وتيارات الإسلام السياسي

«حماس» وتيارات الإسلام السياسي

«حماس» وتيارات الإسلام السياسي

 العرب اليوم -

«حماس» وتيارات الإسلام السياسي

بقلم - عمرو الشوبكي

تُعد «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) جزءاً من فصائل الإسلام السياسي في العالمَين العربي والإسلامي؛ لكنها في الوقت نفسه حركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وبنت نموذجها من خلال قدراتها المقاومة التي أصبحت نقطة تميزها مقارنة ببقية الفصائل الأخرى.

وسيبقى السؤال حول تأثير حركة «حماس» بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) على تيارات الإسلام السياسي حاضراً، وهل ستعتبر هذه التيارات أن صمود الحركة لأكثر من 4 أشهر بطولة ونموذج يُحتذى يقوي من حضورها؛ خصوصاً في ظل تاريخ من الإخفاقات العربية في مواجهة إسرائيل؟ أم أن ما قامت به «حماس» هو محل نقاش، وأن قضية النجاح أو الصمود تتعلق فقط بجانبها المقاوم وشجاعة عناصرها وإيمانهم العقائدي القوي، وليس نجاحاً في الإدارة والحكم والتنمية، بحيث لا يمكن الترويج لـ«نموذج حماس» في إدارة قطاع غزة، إنما لنموذجها المقاوم المرتبط بوجود الاحتلال، وإنه في حال زواله لا توجد مؤشرات على وجود قدرات لـ«حماس» لتقديم نموذج «نجاح» في إدارة الدولة الفلسطينية الواعدة.

والحقيقة أن سؤال: هل «ستُنعش» حركة «حماس» حركات الإسلام السياسي؟ وهل ستساهم في استعادتها ولو قدراً من حضورها بعد تجارب إخفاق كبيرة شهدتها في الحكم والإدارة، وخصوصاً في مصر مع جماعة «الإخوان المسلمين» التي تنتمي «حماس» لمدرستها الفكرية والسياسية، قبل أن تعلن فك ارتباطها بهيكلها التنظيمي؟

الحقيقة أن تجربة «حماس»، حتى لو لم تُهزم في معركة غزة، وبقي جانب من قوتها التنظيمية والعسكرية كامناً، فإن ذلك لن يؤدي إلى إحياء جديد لتيارات الإسلام السياسي.

والحقيقة أن السبب في ذلك يرجع إلى أن نموذج «حماس» يعتمد على المقاومة، ورغم أن هناك من لا يتفق مع أدواتها وأساليبها في المقاومة، فإن الخلاف يتسع إذا انتقلنا من النقاش حول المقاومة إلى نموذج الحكم، والإدارة، والخطاب العقائدي، والسياسي.

إن المطروح بالنسبة لفصائل وتيارات الإسلام السياسي، ليس البحث عن نموذج مقاومة، إنما نموذج حكم وإدارة، وإن النقاش في معظم البلاد العربية يدور حول الحكم الرشيد ودولة القانون والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وهي كلها قضايا لم تنجح فيها «حماس»، ولم تهتم بها، ولم تكن ضمن أولوياتها، في حين أن معظم الدول العربية تنتظر حلولاً وإجابات لهذه التحديات والمشكلات.

عملية 7 أكتوبر المفاجئة، ونجاح المناورة الحمساوية والخداع الاستراتيجي الكبير في مواجهة إسرائيل، نال دعم قطاعات واسعة من الشارع العربي تجاوزت تيارات الإسلام السياسي، واعتبرها كثيرون رداً على جرائم الاحتلال، كما أن الصمود في غزة دفع ثمنه نحو 28 ألف فلسطيني معظمهم من المدنيين، مما أثار تعاطف الرأي العام العالمي مع الشعب الفلسطيني، بدوافع إنسانية وحقوقية بعيدة عن البناء العقائدي لحركة «حماس»، ومعظم تيارات الإسلام السياسي في العالمَين العربي والإسلامي.

«حماس» لن تُنعش ولن تحيي تيارات الإسلام السياسي؛ لأن الجوانب المضيئة فيها ليست هي المطلوبة في العالم العربي، ولن تزيد من قوة تيارات الإسلام السياسي التي تعاني من مشكلات هيكلية في بنية مشروعها السياسي، وفي قدراتها على الإدارة والحكم.

ومع ذلك، هناك مساحة يمكن أن تؤثر فيها لا تتعلق بـ«حماس»، إنما بقراءتنا لـ«حماس»، وإن هذه القراءة يمكن أن تنسحب على تيارات الإسلام السياسي أو جماعات التطرف، وتتمثل في اعتبار كثير من المثقفين العرب أن «حماس» ليست نبتاً شريراً هبط من السماء على قطاع غزة، إنما هي نتاج سياق اجتماعي وسياسي صنعه الاحتلال، فيه من الظلم والقهر والإذلال الكثير، وإن عملية 7 أكتوبر كانت بسبب مرارات كثيرة مستمرة منذ عقود، كما قال أمين عام الأمم المتحدة.

الجانب الأكبر من الكتابات العربية والعالمية انطلق من فرضية أن «حماس» سبب أو عرض لمرض اسمه الاحتلال، وبزواله يمكن أن تظهر «حماس» أخرى أو جديدة أو تيار سياسي ديني محافظ «وغير حمساوي»، ولنا في إسرائيل نموذج في انتشار أحزاب دينية متطرفة، ولكنها جزء من اللعبة السياسية والديمقراطية، ويقبلها العالم، حتى لو انتقدها.

النقاش العالمي حول حرب غزة يدور بين رؤية إسرائيل وحلفائها التي تري أن فصائل المقاومة مجموعة من القتلة والإرهابيين، تحركهم نوازع دينية «شريرة» ويجب القضاء عليهم وقتلهم، دون أي بحث في الظروف التي أدت إلى جعلهم إرهابيين وفق التعبير الإسرائيلي؛ لأنها تهرب من السؤال حول أسباب وجود العنف وانخراط كثير من الشباب الفلسطيني في فصائل المقاومة، وتضحيتهم بحياتهم من أجل تحرير بلادهم.

المقاربة العربية والعالمية بما فيها المعارضة لـ«حماس»، اعتبرت أن «حماس» وفصائل الإسلام السياسي نتاج مكون عقائدي، وأيضاً -أو أساساً- واقع سياسي أليم يخيم عليه الظلم والقهر، ولكي يشهد العالم «حماس الجديدة» لا بد من زوال الاحتلال، وتلك ربما الرسالة الأهم التي تبناها كثير من العرب في مواجهة السردية الإسرائيلية التي اعتبرت أن «حماس» نتاج الثقافة العربية الإسلامية، وتَأَصُّل ثقافة العنف لدى الشعب الفلسطيني.

ستؤثر حرب غزة على أهمية امتلاكنا لمقاربة أكثر اجتماعية وأكثر سياسية، في التعامل مع ظواهر التطرف والعنف وتيارات الإسلام السياسي، ولا بد -كما فعل كثير من التجارب العالمية- من أن نضع سؤال: لماذا ظهر التطرف؟ وما أسبابه؟ قبل الشروع في مواجهته والقضاء عليه، بتعبيرات رئيس الحكومة الإسرائيلية في مواجهة «حماس»، فالمؤكد أنه ومنظومته لن يستطيع اجتثاث «حماس»، وأن المطلوب تغيير الظروف السياسية والاجتماعية والثقافية التي أنتجتها، وهنا يمكن أن نتحدث عن إضعاف أو تهميش، وليس اختفاء أو اجتثاث.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» وتيارات الإسلام السياسي «حماس» وتيارات الإسلام السياسي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab