نموذج جنوب إفريقيا

نموذج جنوب إفريقيا

نموذج جنوب إفريقيا

 العرب اليوم -

نموذج جنوب إفريقيا

بقلم - عمرو الشوبكي

أهمية ما قامت به جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية تكمن أولا في انحيازها للأداة المدنية والقانونية لمواجهة إسرائيل، بصرف النظر عن قرار المحكمة وبصرف النظر عن كل جوانب الخلل والانحياز الفج الذي أصاب المؤسسات الدولية وخاصة مجلس الأمن، إلا أنها بهذه الخطوة فتحت طريقا مهما للضغط على إسرائيل وفضحها، وممارسة الضغوط الدولية والقانونية عليها وعدم تصور البعض أن تهديد حرية الملاحة في البحر الأحمر أو القول «اللعنة على اليهود» سيعنى الانتصار على إسرائيل.

أما الجانب الثانى من أهمية هذه الخطوة فيكمن في أن جنوب إفريقيا دولة مدنية ديمقراطية تمتلك تاريخا ملهما في النضال ضد الفصل العنصرى، وإنه رغم مشاكلها الاقتصادية والسياسية والأمنية، إلا أنها انحازت لقيمها ومبادئها وتاريخها، رغم أنها ليست طرفا في هذا الصراع ولا يوجد لديها مواطنون يعيشون في غزة أو تضرروا من هذه الحرب، ولم تختر أن تفعل ما يفعله البعض بترديد الجملة البائسة «إحنا مالنا»، كما أنها ليست دولة يصنفها الغرب «مارقة» كما يفعل مع إيران، وليست متهمة بدعم الإرهاب أو إرهابية كما يفعل مع فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس، إنما هي دولة مندمجة في النظام العالمى وناضلت من اجل تغيير جوانبه السلبية وأهمها التاريخ الاستعمارى، وإن كفاحها ضد نظام الفصل العنصرى الذي دعمه الغرب وبريطانيا لفترة طويلة نجح في إسقاطه عبر نضال شعبى ومسلح دفع الغرب نفسه إلى مراجعة موقفه والتسليم بإرادة الشعب الجنوب إفريقى.

لقد امتلكت جنوب إفريقيا واحدة من التجارب الملهمة في تاريخ البشرية، وواجهت نظام الفصل العنصرى الشبيه بقوة بالنظام الإسرائيلى بنضال سياسى ومدنى على يد حزب المؤتمر الوطنى الإفريقى، لكن بعد القمع والحظر الذي تعرض له الحزب وإطلاق النار على المتظاهرين السلميين الرافضين لسياسة الفصل العنصرى، أسس نلسون مانديلا في 1961 جناحا عسكريا لحركته السياسية سماه «رأس الحربة» وأصبح رئيسا له واعتقل وحكم عليه بالسجن مدى الحياة ثم خرج في عام 1990 بعد 27 عاما قضاها في الحبس، بكل ما مثله ذلك من رمزية نضالية عالمية، وأسقط نظام الفصل العنصرى بالتسامح والمصالحة الوطنية مع الأقلية البيضاء، وأصبح أول رئيس من أصول إفريقية يحكم جنوب إفريقيا وبقى لمدة واحدة من 1994 إلى 1999.

نموذج جنوب إفريقيا ملهم للفلسطينيين وللعالم، وأن اتهامها لإسرائيل بارتكاب جرائم إبادة سيكون تأثيره مضاعفا عن تأثير أي دولة أخرى، خاصة أنها بلد تحرر بفضل نضال داخلى شعبى ومسلح، وأيضا دعم شعبى دولى أثر بعد ذلك على الحكومات والنظم الغربية التي تخلت تباعا عن دعم نظام الفصل العنصرى حتى تحررت جنوب إفريقيا واستقلت وقضت على نظام الفصل العنصرى، وهى رسالة مهمة لكل دول العالم.

arabstoday

GMT 23:45 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

عودة «دون كيشوت»

GMT 22:54 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

إسرائيل ليست ضحية

GMT 00:30 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

«الهبوط الصعب»

GMT 00:30 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تحشيش سياسي ..!

GMT 00:30 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

القمة العربية... اليوم التالي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نموذج جنوب إفريقيا نموذج جنوب إفريقيا



 العرب اليوم - ظافر العابدين يعود الى دراما رمضان بعد طول غياب

GMT 04:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

قمة البحرين

GMT 00:24 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

نسيج العنف... ما بعد حرب غزة؟

GMT 10:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

إطلالات تراثية ملهمة للملكة رانيا

GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 08:58 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مفاجآت كبيرة في فيلم "الست" لمنى زكي

GMT 22:59 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

إسرائيل تعترض هدفا جويا من الأراضي السورية

GMT 07:27 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

زلزال يضرب محيط مدينة نابولي بجنوبي إيطاليا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab