قطر الثورية

قطر الثورية

قطر الثورية

 العرب اليوم -

قطر الثورية

عمرو الشوبكي

مدهشة هى حالة قطر، فتلك الدويلة الصغيرة التى تتقمص أدوار الدولة الكبرى بسبب أموالها وفضائيتها، صارت لغزاً لم يستطع الكثيرون فك رموزه، فهى ليست دولة بالمعنى المتعارف عليه، فالقدر أعطاها النفط والغاز اللذين جلبا لها المال، والقدر أيضا ابتلى شعبها المسالم بأسرة حكم هى الأسوأ فى تاريخ النظم العربية، فليس عيبا أن تكون صغيرا بلا عمق تاريخى، ومحدودا فى مواردك الإنسانية والبشرية، ولكن العيب (كل العيب) أن ترتدى ثوبا ليس ثوبك، وتتصور أنك يمكن أن تتحول من بلد تقليدى ومحافظ إلى بلد ثورى وتنفق كل هذه الأموال فى التخريب والهدم، وتتصور أن قناة تليفزيونية يمكن أن تصنع لك مستقبلا، مثلما تصورت أنك يمكن أن تشترى دوراً بأموال تدفعها لسياسيين عرب لكى تستضيف مؤتمراً أو ترعى اتفاقاً، أو ترسلها لجماعات إرهابية انتقاما من أى دولة عربية ذات تاريخ، وحتى الرياضة السامية لم تسلم من مفاسد أموالك ودفعت الكثير لكى تنال تنظيم كأس العالم، وتتصور أنك بالرشوة وشراء الذمم يمكن أن تصبح دولة ثورية وكبرى.

الغريب والصادم أن قطر التى قررت أن تصبح ثورية، كما تتحدث قناتها فى حديث الثورة، تنسى أو تتناسى أن الثورة لا تُصنع فى الفضائيات (هى أشياء لا تُباع ولا تُشترى)، ولا بشراء الذمم ورشوة الناس.

نعم قطر تسوّق نفسها على أنها دولة ثورية بعد أن سقطت دول الممانعة التى «تمحكت» فيها أيضا فى الماضى، فى نفس الوقت الذى تستضيف فيه أكبر قاعدة أمريكية فى العالم العربى، ولديها علاقات قوية بالإسرائيليين، وترفع شعارات ثورية ضد مصر إذا كان ذلك فى صالح الإخوان والجماعات التكفيرية، وتتحول إلى داعية استقرار وتسوية إذا كان أى من هؤلاء فى السلطة أو مسيطراً على أجزاء من أى بلد فى المنطقة.

لن تقنع قطر أحداً بأنها دولة ثورية، وهى التى لم تعرف فى تاريخها كله كلمة انتخاب، ولا انتفاضة (ولا نقول ثورة) ولا تاريخا سياسيا من أى نوع، فالثورية تُقبل من عبدالناصر حين أمم قناة السويس عام 1956 ودفعت مصر ثمنا باهظا لهذه الخطوة من أجل كرامتها واستقلالها، وتُفهم أيضا فى إيران التى عرفت ثورة شعبية شارك فيها 6 ملايين مواطن وسقط فيها عشرات الآلاف من الضحايا، ورأيناها أيضا فى فنزويلا فى عهد الراحل شافيز الذى طبق اشتراكية ثورية وواجه أمريكا بحق، ونحترمها من الجزائر بعد أن قدمت مليون شهيد لكى تتحرر من الاستعمار، ولكن ليس هناك من هو مستعد أن يسمع أن قطر دولة ثورية حتى لو رددت الجزيرة ذلك كل يوم.

هل يعقل أن تصبح قطر وسيطا بين النظام فى مصر والإخوان؟ هل هى قوة عظمى حتى تصبح راعية للحوار الداخلى فى مصر بعد أن فشلت أمريكا فى ترتيبه؟ وهل سمعنا عن ملكيات ثورية إلا مع قطر، أم أن ثقافة الشريك المخالف وادعاء أدوار وهمية هى التى دفعتها لمثل هذه الادعاءات؟

المدهش أن قطر كان يمكن أن يكون لها دور إصلاحى وسلمى فى المنطقة العربية يقبله الناس إذا لم تمارس هذا الادعاء الثورى الوهمى، واحترمت ثقافتها المحافظة والتقليدية مثل باقى دول الخليج العربى، لكنها لم تفعل، ولم تقبل أن تكون متسقة مع تركيبتها الداخلية وطبيعتها المحافظة مثلما فعلت السعودية والكويت والبحرين وعمان والإمارات (على ما بينها من فروقات)، واختارت حالة ادعاء وهمى ستتهاوى قريبا.

arabstoday

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

التقوى.. وأبواب اليُسر

GMT 17:58 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

سعيًا في اتجاه الروضة

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

وماذا فعلنا نحن العرب؟!

GMT 15:41 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

«إن كنت أقدر أحب تانى.. أحبك أنت»

GMT 15:38 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

حصانة تحميه ولا تستثنيه

GMT 15:37 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

حراس آثار مصر!

GMT 00:32 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

حاذروا الأمزجة في الحرّ

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

نعم لغزة وفلسطين ولا للميليشيات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قطر الثورية قطر الثورية



 العرب اليوم - هنية يؤكد أن أي اتفاق لا يضمن وقف الحرب في غزة "مرفوض"

GMT 00:37 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح
 العرب اليوم - أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح

GMT 14:29 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

الإفراط في تناول الفلفل الحار قد يُسبب التسمم

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

نعم لغزة وفلسطين ولا للميليشيات

GMT 03:16 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

جولة في مطار بيروت لتفنيد تقرير تلغراف

GMT 06:07 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

الأهلي يعلن فوزه في مباراة القمة رسميًا

GMT 15:54 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

غوغل تجلب الذكاء الاصطناعي إلى طلاب المدارس

GMT 14:45 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

أسماك القرش تُودي بحياة ممثل أميركي في هاواي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab