حين لا ينفع الندم

حين لا ينفع الندم

حين لا ينفع الندم

 العرب اليوم -

حين لا ينفع الندم

عمرو الشوبكي

نظمنا العربية تندم غالبا حين لا ينفع الندم، واعتادت أن تكابر وتستكبر حتى يسبق السيف العزل، والحقيقة أن تجاربنا العربية تفاوتت فى درجة الندم وفى قدرتها على الاستجابة لمتطلبات شعوبها، فنظام مبارك مثلا استجاب لجانب مما كان يطلبه الناس على مدار سنوات متأخرا، فأضاع على نفسه فرصة الخروج الكريم، وعلى مصر فرصة بناء تجربة تحول ديمقراطى آمنة.

فقد تجاهل مبارك احتجاجات ملايين المصريين لمدة أسبوع كامل إلى أن اكتشف متأخرا حقيقة الموقف، وقام بإصلاحات اللحظات الأخيرة وعدل دستور 71 وحل البرلمان المزور وعين نائبا أعطاه صلاحياته، وأجهض مشروع التوريث، ولكنها كلها كانت إجراءات متأخرة ولو فقط لأسابيع.

مبارك كان فى منطقة وسط بين النظم التى تسمح بنيتها الداخلية بإجراء إصلاحات حين تتعرض لانتفاضات شعبية أو تهديد داخلى أو خارجى، فقد كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق التغيير الآمن عبر التوافق على رمز أو جسر من داخل الدولة للعبور من النظام القديم إلى الجديد، ولكن للأسف فشلنا فى تحقيق هذا الهدف بعد أن كنا قريبين، واخترنا منذ تنحى مبارك أسوأ الخيارات، على عكس تونس التى اختارت أفضل الخيارات التى أوصلت فى النهاية رجلا من داخل الدولة والنظام القديم مثل الباجى قائد السبسى كجسر آمن بين القديم والجديد إلى سدة الرئاسة.

والمؤكد أن مصر وتونس لديهما فروق بين الدولة والنظام السياسى حتى لو وظف الأخير بعض أجهزة الدولة الأمنية لصالحه، إلا أنه لم يستطع أن يقوم بنفس الشيء مع القضاء والجيش، وبالتالى ماكان مستحيل حدوثه مع القذافى وبشار الأسد حدث فى مصر وتونس حين قرر الجيش الانحياز للشعب، والتخلى عن مبارك وبن على، لإيمانه الأصيل أنه جزء من الدولة وليس النظام السياسى، حتى لو كان على رأسه أحد قيادات حرب أكتوبر، ففى حال التناقض بين الدولة والنظام السياسى، وبين الأخير والشعب، لم يقف الجيش مع النظام.

كارثة الحالة السورية ومأساتها أن النظام والدولة شيء واحد فالجيش هو جيش النظام بامتياز ولم يبد فى أى لحظة أى قدرة على التمايز والانفصال عن نظام بشار لصالح الدولة والشعب، وأصبح ثمن سقوط نظام بشار هو سقوط للدولة والجيش ومزيد من الدماء والخراب فى سوريا تماما مثل بقائه الذى سيعنى أيضا دماء وخرابا فى كل سوريا.

سقوط بشار أو بقاؤه نتيجة حتمية لعجز النظام على الاستجابة لتحديات اللحظة التاريخية وحين رفع المتظاهرون السلميون شعار: «الشعب السورى ما ينذل» كان رد بشار هو «شبيحته» الطائفيون والقتل العشوائى.

صحيح هناك مؤامرات خارجية وصحيح أيضا هناك تنظيمات إرهابية تقتل وتكفر وصحيح أن سقوط بشار عبر هزيمة أو تفكيك للجيش السورى سيفتح الباب أمام بحور من الدم غير مسبوقة فى العالم العربى إلا أن السؤال لماذا لم يستجب بشار للحد الأدنى من مطالب الشعب السورى ويفتح الباب أمام مسار سياسى جديد؟.

البعض يتصور أن الحديث عن سقوط بشار الأسد يعنى تجاهل نتائج هذا السقوط، والحقيقة هى العكس تماما فالنتائج ستكون كارثية على سوريا والمنطقة بأسرها لأننا جربنا ماذا يعنى انهيار دولة وتفكك جيش فى العراق وليبيا.

القادم كارثى فى سوريا وقد يندم بشار ومن معه على الفرص الضائعة فهل يمكن فعل شىء قبل أن يكون الندم كما هى العادة بعد فوات الأوان؟.

arabstoday

GMT 01:58 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

العدوُّ الأول

GMT 01:56 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

حديث استقرار على ضفاف النيل

GMT 01:54 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أدبُ الحجّ وحولَ الحجّ

GMT 01:52 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

السعودية... خدمة الحجاج مجد خالد تالد

GMT 01:50 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل غزة قريبة من نقطة التحول؟

GMT 01:47 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«أولاد رزق... القاضية»... عندما تتحدث الأرقام

GMT 01:44 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

تحالف فرنسى جديد

GMT 01:42 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أخبرنى أحدُ العارفين: طفلُكِ اختاركِ!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين لا ينفع الندم حين لا ينفع الندم



الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ العرب اليوم

GMT 03:07 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

استشهاد 9 فلسطينيين في غارة إسرائيلية على وسط غزة
 العرب اليوم - استشهاد 9 فلسطينيين في غارة إسرائيلية على وسط غزة

GMT 00:32 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي

GMT 12:01 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

أرسنال يعلن عن وفاة نجمه السابق كامبل

GMT 03:57 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

قصف روسي على مدينة بولتافا الأوكرانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab