إسماعيل سراج الدين

إسماعيل سراج الدين

إسماعيل سراج الدين

 العرب اليوم -

إسماعيل سراج الدين

بقلم : مصطفي الفقي

كتبت عنه منذ عدة سنوات مبهوراً بعلمه، مُشيداً بثقافته، وأنا اليوم أعاود الكتابة عنه ولكن فى مناخ مختلف، فأنا أتشرف بالجلوس على مقعده مديراً لـ«مكتبة الإسكندرية»، وأحسبنى من أكثر الناس معرفة بشخصه وإدراكاً لقيمته، وفى علاقتى به مشهدان لا أنساهما، الأول فى مدينة «سالزبورج» النمساوية، وكنت أقيم أنا وزوجتى مأدبة غداء تكريماً للسيدة «سوزان مبارك»، التى وصلت إلى تلك المدينة لتَسَلُّم ميدالية «التسامح الدولى»، وعرفت أن د. «إسماعيل سراج الدين» موجود فى ذات الوقت، فدعوته للانضمام إلى حفل الغداء، ووافق مشكوراً،

وعندما بدأ يتحدث- وأظنه تطرق يومها إلى مستقبل مشكلة المياه فى العالم- انبهرت قرينة الرئيس الأسبق بحكم اهتماماتها الثقافية والعلمية بحديث د. «سراج الدين»، الذى كانت تراه لأول مرة، ومنذ ذلك الوقت بدأ التواصل بين «إسماعيل سراج الدين» ومؤسسة الرئاسة، إلى أن تعرض لأزمة لا مبرر لها بتقديمه لمنظمة «اليونسكو» (مرشحا من «مصر» ولكنه ليس مرشح «مصر»!)، ومع ذلك فإنه حظى بالتأييد الأفريقى، بينما حظى الشاعر السعودى الراحل «غازى القصيبى» بالدعم العربى، وانتهى الأمر بخسارة كل منهما، رغم أن «إسماعيل سراج الدين» حظى وقتها بتأييد قائمة كبيرة من حمَلَة جائزة «نوبل» وكبار علماء العالم، وهو الذى كان قد ترك لتوه منصبه الدولى المرموق، نائبا لرئيس البنك الدولى، أما المناسبة الثانية فهى عندما اتصل بى قائلاً: لقد أصدرت المحكمة حكمها منذ دقائق قليلة بسجنى لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة، ولم أستوعب الخبر فى بدايته، فطلبت منه تكرار ما يقول،

وتركت عملى فى «مكتبة الإسكندرية»، وسعيت إليه بعد أقل من الساعة، وكان هادئاً كعادته مهذباً كطبيعته، ولكنه كان متألماً على غير ما عهدته، فأنا لم أره حزيناً بعمق إلا مرة واحدة عندما فقد شريكة حياته، ابنة العالِم الموسوعى د. «إبراهيم مدكور»، رئيس «مجمع اللغة العربية»، التى غادرت الحياة منذ عدة سنوات، وجاء محامى د. «إسماعيل» يشرح أبعاد القضية وملابساتها وعنصر المفاجأة فى الحكم، الذى أذهل كل مَن سمعه، رغم أن للقضاء مكانته وللمنصة العالية قدسيتها، وقد انتابنى شعور غامض بأن ما جرى يمثل رسالة سلبية للخارج وما أكثر مَن يترصدون بالوطن ويتلقفون كل ما يسىء إلى صورة «مصر» الحالية، وبالمناسبة

فنحن ندرك أن القاضى يحكم بصحيح الأوراق أمامه، ولا يدخل فى النوايا، وقد لا تعينه الظروف المرتبطة بالأشخاص، فالقاعدة القانونية عامة ومجردة قد يؤدى تطبيقها أحياناً إلى اللجوء لضمير القاضى ليفصل بين الأوراق والحقائق، ونحن ندرك أنه حكم أول درجة، وأن القضاء المصرى العظيم قد وضع ضوابط فى درجات التقاضى لحماية أصحاب الحقوق وإعطاء الفرصة للعدالة مرة أخرى، وهو أمر مستقر لدينا منذ ظهور إله العدل «ماعت» فى «مصر الفرعونية»، وأستأذن القارئ هنا لكى أطرح الملاحظات الثلاث التالية:

أولاً: إننى أعرف «إسماعيل سراج الدين» منذ أكثر من أربعين عاماً عندما كنت أعمل مساعداً للدكتور «أسامة الباز» فى «الخارجية»، وكانت تأتينا السيدة «ليلى»، ابنة «على باشا إبراهيم»، أبرز رواد الطب المصرى الحديث، لتبعث برسائلها إلى ابنها وقرة عينها «إسماعيل سراج الدين»، الذى ربطته صداقة بالدكتور «الباز» منذ كانا معاً فى الدراسة بـ«الولايات المتحدة الأمريكية»، وتوثقت صلتى بالسيدة الراحلة والدته، التى كانت عاشقة للثقافة، مهتمة بالآثار، مع هواية خاصة ورثتها عن أبيها باقتناء «السجاد اليدوى» النادر، وكنا ننظر إلى «إسماعيل سراج الدين» وقتها باعتباره شاباً مصرياً يشرف الوطن فيما يقول وما يفعل فى كل المناسبات، وكان قد التحق بالبنك الدولى وأصبح اسماً ساطعاً فى سماء المنظمات الدولية المرموقة، لذلك جاء طبيعياً أن يترشح ذات يوم مديراً لـ«اليونسكو»

وأن تعهد له «مصر» برعاية الإنشاء الثانى لـ«مكتبة الإسكندرية»، بعد أكثر من ألفى عام من إنشائها الأصلى على يد «بطليموس الأول»، إن «إسماعيل سراج الدين» يمثل قيمة تتجاوز حدود الشخص لكى يصبح واحداً من رموز الوطن الذين نعتز بهم ونفاخر بإنجازاتهم.

ثانياً: إننى رأيت الرئيس «عبدالفتاح السيسى» يوم لقائه بـ«مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية»- الذى يضم كوكبة من رؤساء جمهوريات وحكومات سابقين وصفوة من علماء العالم ونخبة من الشخصيات المصرية، تتقدمهم أسماء مثل «مجدى يعقوب» و«فاروق الباز» و«عمرو موسى» و«عادل البلتاجى» و«فاروق العقدة» و«هشام الشريف» و«محمد سلماوى» و«حسام بدراوى» وغيرهم ممن تعتز بهم «مكتبة الإسكندرية» وتعتمد على علمهم وخبرتهم- لقد تعامل الرئيس مع د. «سراج الدين» بمودة زائدة وتقدير واضح ظهر جلياً فى كلمته قبل مائدة الغداء التى دعانا إليها، وهو اليوم الذى جرى فيه إعلان خلافتى للعالِم الكبير «إسماعيل سراج الدين»، وقد قال الرئيس بصوت مسموع: إن الوطن يحتاج إلى كل أبنائه، ونحن نتطلع إلى جهد د. «سراج الدين» امتداداً لعطائه السابق، وسوف نتوقع إسهامه فى مستقبل «مصر» فى ظل مرحلة جديدة بفكر مختلف، وكان اللقاء ودياً ودافئاً كدفء حرارة ذلك اليوم من شهر مايو الماضى.

ثالثاً: إننى أسجل هنا كمدير جديد لـ«مكتبة الإسكندرية» أن «إسماعيل سراج الدين» قد بذل جهداً خارقاً فى إقامة ذلك الصرح الكبير، ومن يعملون كثيراً قد تفوتهم بعض الأمور الصغيرة عن غير قصد، ولكننا نُذكِّر الجميع بقول الحق تبارك وتعالى: (ولا تبخسوا الناس أشياءهم).

تحية لـ«إسماعيل أنيس سراج الدين»، أيقونة مضيئة فى سماء «مكتبة الإسكندرية»، نستمد منه الخبرة ونسأله النصيحة، فالأفراد زائلون و«مكتبة الإسكندرية» باقية ما بقيت «الكنانة» بإذن الله.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسماعيل سراج الدين إسماعيل سراج الدين



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:11 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً
 العرب اليوم - الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 11:50 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
 العرب اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية
 العرب اليوم - إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس
 العرب اليوم - أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 11:11 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هاني سلامة وياسمين رئيس يجتمعان مجددا بعد غياب 12 عاما
 العرب اليوم - هاني سلامة وياسمين رئيس يجتمعان مجددا بعد غياب 12 عاما

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 01:33 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقالات جديدة في أحداث أمستردام وتجدد أعمال الشغب

GMT 13:05 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان آفاق مسرحية.. شمعة عاشرة

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مفكرة القرية: الطبيب الأول

GMT 10:50 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سبيس إكس تعيد إطلاق صاروخ Falcon 9 حاملا القمر الصناعى KoreaSat-6A

GMT 20:05 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

انضمام بافارد لمنتخب فرنسا بدلا من فوفانا

GMT 16:04 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يكشف طبيعة إصابة فاسكيز ورودريجو في بيان رسمي

GMT 07:23 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 08:47 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يتألق في حفل حاشد بالقرية العالمية في دبي

GMT 14:12 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يفقد أرنولد أسبوعين ويلحق بموقعة ريال مدريد

GMT 22:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ليوناردو دي كابريو يحتفل بعامه الـ50 بحضور النجوم

GMT 12:05 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

اليورو يلامس أدنى مستوياته مقابل الدولار منذ أواخر يونيو

GMT 02:27 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

27 شهيدًا ومصابًا في عدوان إسرائيلي استهدف السيدة زينب بدمشق

GMT 01:59 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إعلان حالة التأهب الجوي في ثلاث مقاطعات أوكرانية

GMT 08:40 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نيللي كريم مهدّدة بالخروج من دراما رمضان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab