الرحيل في ليلة القدر

الرحيل في ليلة القدر

الرحيل في ليلة القدر

 العرب اليوم -

الرحيل في ليلة القدر

بقلم - مصطفي الفقي

عندما يرحل مسؤول فى السلطة قد تهتز له المنابر وتُكتب القصائد ويذكره الناس بصوت مرتفع، أما عندما يرحل فى هدوء وينسحب من الحياة بعد أن أصبح فى الظل فتلك مفارقة تحتاج التأمل، وأنا أتذكر مثلًا أن الفقيه القانونى رفيع الشأن أحمد فتحى سرور الذى انسحب من الحياة فى ليلة القدر كان يملأ قاعات المحاضرات وساحات المحاكم وأعمدة الصحف بحكم كفاءته العالية وذكائه الحاد وعلمه الغزير.

لكنه مضى إلى رحاب ربه تاركًا تلك الثروة العلمية والعملية مؤكدًا ما قاله الشاعر (يموت راع الضأن فى جهله ميتة جالينوس فى طبه)، ولقد تعاملت مع الراحل لسنوات عشر على الأقل قضيتها رئيسًا للجنة العلاقات الخارجية فى البرلمان المصرى وبهرنى بقدرته على تخريج المواقف وتجميل الأحداث وتجنب المشكلات بحنكة وبصيرة.

وعندما قام النائب- حينذاك - المستشار مرتضى منصور محتجًا على جلوس الوزراء فى الصف الأول بينما يجلس باقى النواب وراءهم برر ذلك الدكتور فتحى سرور تلقائيًا بقوله عن مقاعد الصف الأول إنها ليست مقاعد مميزة، لكنها مقاعد مخصصة! كما كان الرجل أسطورة فى القانون الجنائى على المستوى الدولى والوطنى والمحلى، وقد قضى حبيسًا فى السجن لفترة بعد ثورة 25 يناير عام 2011، لكنه صرف ذلك الوقت فيما يفيد العلم والقانون.

فاستكمل موسوعته الكبرى فى القانون الجنائى التى تقف تالية لموسوعة السنهورى باشا فى القانون المدنى، ولقد زرت لبنان منذ أعوام قليلة واستقبلنى الأستاذ نبيه برى رئيس مجلس النواب والزعيم السياسى المعروف وبينما كنا نتحدث فى مكتبه سألنى عن الدكتور فتحى سرور وأحواله وصحته وقال لى: لقد كنت منزعجًا تمامًا عندما جرى حبسه فى غمار أحداث الثورة لأن الرجل أسدى خدمات جليلة لأمته ووطنه وللقانون والعدالة.

وأضاف أنه فى اجتماعات البرلمان الدولى كان إذا سأل الدكتور فتحى سرور سؤالًا عن آثار قضية ما فإن الكل يصمت ويسحب رؤساء البرلمانات العربية استفساراتهم لأن الرجل قد ناب عن الجميع فيما يريدون قوله، ولقد تبوأ الراحل الكبير رئاسة عدد من البرلمانات الدولية على التوالى بدءًا من البرلمان العربى والبرلمان البحر متوسطى وصولًا إلى البرلمان الدولى الذى وصل إلى قمته باسمه وبمكانة مصر فى العالم المعاصر.

وأتذكر أنه اتصل بى ذات صباح وقال لى إنه قد تلقى دعوة من الحكومة الإسرائيلية ليمثل مصر فى العيد الفضى لاتفاقية السلام وذلك عام 2004. وأضاف أنه تم عرض الأمر على الرئيس مبارك الذى قال: إن مصطفى الفقى يذهب هو ليمثل البرلمان المصرى اكتفاءً بمستوى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بدلًا من رئاسة البرلمان كله، ولم يكن لدى مانع فى الذهاب شريطة أن تتاح لى كلمة أسجل فيها إدانة علنية من داخل إسرائيل على الجرائم التى يرتكبونها ضد الشعب الفلسطينى فى العقود الأخيرة.

لكن الجانب الإسرائيلى قال: إن ممثل البرلمان المصرى سوف يجلس إلى جانب إرئيل شارون، رئيس الوزراء، لكن دون أن يعطى الكلمة، ولقد تعللت بهذا الرفض واعتذرت عن الذهاب وغضب الرئيس على لفترة حتى اغتال الموساد الشيخ أحمد ياسين ثم نائبه عبدالعزيز الرنتيسى فى أسبوع واحد، وعندما عادت المياه إلى مجاريها مع الرئيس قال لى: هل أثر فيك ما كتبه عادل حمودة ومصطفى بكرى تحذيرًا من الذهاب إلى إسرائيل؟!، فقلت له: سيدى الرئيس ربما كان الأمر كذلك، لكن حالتى النفسية وتاريخى الشخصى لا يسمحان لى بأن أذهب إلى إسرائيل كالآلة الصماء دون أن أتحدث.

فقال لى: معك حق، لكنك تهربت من المهمة بطريقة أعرفها عنك متعللًا بآلام الركبتين، وأردف قائلًا: إن تصرفات الإسرائيليين لم تكن تستحق الزيارة لا من الدكتور سرور ولا منك. وقد ظلت علاقتى بالدكتور فتحى سرور علاقة طيبة وشاركت فى الاحتفال بعيد ميلاده التسعين وكنت دائم التواصل معه، فقد كان الرجل يحمل عقل عالم كبير وقلب طفل طاهر يألف الناس ويغشى المجالس ويبدو نموذجًا لرجل دولة من طراز رفيع.. رحمه الله وغفر له جزاء ما قدم للأمة العربية والدولة المصرية من خدمات جليلة.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرحيل في ليلة القدر الرحيل في ليلة القدر



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:34 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل
 العرب اليوم - جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab