من أجل مجتمع مسالم

من أجل مجتمع مسالم

من أجل مجتمع مسالم

 العرب اليوم -

من أجل مجتمع مسالم

عمار علي حسن

يرى عالم الاجتماع المصرى الشهير سيد عويس فى دراسة له بعنوان: «لا للعنف: دراسة علمية فى تكوين الضمير الإنسانى» أن أنماط التعبير عن العنف عبر السلوك العدوانى ضد المجتمع أو السلطة، قد تبدأ سلبية، ثم تتدرج نحو الإيجابية والفاعلية، أى يعتدى الشخص على نفسه لدرجة أن يقدم على الانتحار، ثم يمارس عنفاً ضد الآخرين عن طريق الاعتداء على أموالهم (السرقة) أو الاعتداء على الآداب العامة (البغاء) أو يعتدى على دولة (التجسس) بل قد يتصاعد الأمر إلى الاعتداء على أشخاص بأعينهم (القذف والضرب والتعذيب والقتل).

وعالج «علم الإجرام» هذه المسائل، عبر دراسة الجرائم ومرتكبيها وأسبابها وخلفياتها النفسية والوراثية والاقتصادية والسياسية، وسبل تفاديها، وأساليب حجر المجرمين ومعاملتهم ومعاقبتهم، والنقطة الأخيرة المرتبطة بملاءمة العقاب للجريمة، محل اهتمام «علم اجتماع القانون» أيضاً. وهناك اتجاهات معرفية نظرت إلى ضرورة دراسة الانحراف كمصدر للمعارضة الاجتماعية، أو التمرد على المجتمع، بدلاً من الاكتفاء بالدعوة إلى إعمال القانون ودعمه.

وكما أن القانون الداخلى يجرم «العنف الاجتماعى» فإنه يجرم «العنف السياسى» أيضاً، أياً كانت الهيئة التى يتجسد بها فى الواقع المعيش، وأياً كانت الأسباب المؤدية إليه، والبواعث الكامنة خلفه والدافعة له، وأياً كان المذهب السياسى أو الفلسفة التى تقف وراءه، أو الإطار الذى يحكم النظام السياسى للدولة التى يقع فيها. فالنظم الحاكمة يمكن أن تتدرج فى العقوبات التى تفرضها على العنف السياسى لكنها تسعى جميعاً إلى أن تجعله فعلاً مؤثماً ومجرماً بموجب القانون.

ولهذا انشغل القانون الجنائى بما تسمى «الجريمة السياسية»، وتوسع بعض القانونيين فى تكييفها، فرأوا أنها كل جريمة تكمن خلفها بواعث سياسية، سواء استناداً إلى معيار شخصى مثل قتل رئيس الدولة أو أحد المسئولين أو المعارضين، أو إلى معيار موضوعى يراها كل جريمة تمس الشخصية القانونية للدولة، مثل تلك التى تمس أمن الدولة، أو المتصلة بالحريات العامة، أو الوحدة الوطنية وغيرها.

لكن الأمر يختلف بالنسبة للقانون الدولى، إذ إن المجتمع الدولى، وعلى النقيض من المجتمع المحلى، يفتقد إلى السلطة العليا، ولذا أتاح القانون الدولى العرفى استعمال العنف فى علاقات الدول، وجعل الحرب من أعمال السيادة ووسيلة لتسوية نزاع لم تفلح المفاوضات السلمية فى إنهائه، وأعطى مجلس الأمن الدولى، وفق الفصل السابع، حق استخدام القوة ضد طرف أو أطراف دولية، وتحدثت اتفاقية جنيف عن «الحرب العادلة»، أما المقاومة المسلحة للاحتلال فهى مشروعة تماماً، حسب ضوابط معينة.

وفى مقابل العنف طرح علماء الاجتماع والسياسة والفلاسفة مفهوم «اللاعنف»، أى المقاومة السلمية، الذى يراه الزعيم الهندى الخالد المهاتما غاندى بأنه «تبدأ من اللحظة التى نشعر فيها بحب من يكرهوننا»، بينما عرفه الفيلسوف الإنجليزى الشهير برتراند راسل بأنه «تصرف عقلانى يرمى إلى تفادى الصراع مع طرف أو أطراف معينة، وتحقيق السلام والانسجام مع مثيرى التوتر والقلق، فى ظل الإيمان بأن ثمن الصراعات المسلحة والحروب باهظ بشرياً ومادياً». ورأى المفكر الفرنسى جان مارى مولر أن اللاعنف مسألة أعمق من مجرد التصرف العقلانى، لأنه ضرب من ضروب الوعى حيال الحقوق والواجبات المتبادلة بين الأفراد والجماعات، وحيال ضرورة إنهاء الاستغلال والاحتكار والنزاعات والحروب.

وأعطى جين شارب المفهوم بعداً إجرائياً حين عرفه بأنه «ممارسة حضارية تفرض انتهاج أساليب سلمية، تتكئ على التهدئة والمهادنة والتنازل عن بعض الحقوق فى سبيل التوصل إلى حل النزاعات التى تحقق طموحات ومصالح الأطراف المتخاصمة دون اللجوء إلى العنف فى سبيل التوصل إلى الهدف ذاته». ويبتعد بتريم سورو عن هذا خطوة حين يرى أن اللاعنف غاية نبيلة يجب أن نصل إليها حتى ولو كلف هذا خسائر مادية ومعنوية للطرف الراغب فى التهدئة والسلام.

واللاعنف له أسس محددة، أولها: أنه مقاومة تميل إلى العصيان وليس احتجاجاً يبنى على مهاجمة الخصم وإيذائه. وثانيها: أنه سعى دائب لكسب القاعدة الشعبية التى يؤدى حضورها وميلها إلى جانب المقاومين ضد السلطة المستبدة إلى حسم المعركة لصالحهم. وثالثها: أنه مسعى نضالى يمكن أن يتخذ من الإجراءات الطبيعية والقانونية المتاحة طريقاً للتغيير، مثل السعى إلى إسقاط السلطة بانتخابات ينجح المقاومون فى فرض ضمانات لنزاهتها وتكافؤ الفرص بين المتنافسين فيها. ورابعها: أنه حركة علنية وليست سرية، سواء على مستوى أساليب الحشد والتعبئة أو الأنشطة صغيرة كانت أو كبيرة.

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أجل مجتمع مسالم من أجل مجتمع مسالم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 العرب اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab