معبد وشاشة وكتاب 12

معبد وشاشة وكتاب (1-2)

معبد وشاشة وكتاب (1-2)

 العرب اليوم -

معبد وشاشة وكتاب 12

عمار علي حسن

لا يبدو أن ما بين الإعلام والدين والثقافة من اتصال هو أمر خفى على أحد، سواء العابر السريع أو المتأمل المقيم، فقد بنت هذه المسارات الثلاثة، عبر تاريخ طويل، علاقة من التفاعل القوى، ترسخت أكثر مع ثورة الاتصالات واقتصاديات المعرفة، التى حولت العالم بأسره إلى «غرفة» صغيرة، تزخر بسجال ثقافى بمعناه الواسع حول القيم والتصورات والإدراكات وطرائق العيش والمعارف الذاتية المتبادلة، وسجال عقائدى، زادت حدته مع وسائل الإعلام الجديد، وشبكات التواصل الاجتماعى التى لا تكف عن البث، بلا هوادة، وفى كل الاتجاهات.
والسؤال الذى يطرح نفسه فى هذا المقام هو: أى صيغة من العلاقة يمكن أن نجدها بين هذه المسارات أو الحقول الإنسانية، سواء على مستوى التفكير والتنظير أو بالنسبة للتطبيق والممارسة؟
والإجابة عن هذا التساؤل تحتاج ابتداءً فحص كل مسار أو حقل منها على حدة، توطئة لاكتشاف العلاقة أو التأثير المتبادل بينها. وهنا نحتاج إلى ما يلى:
أ- التفرقة بين الدين والتدين وعلوم الدين، باعتبار الأول هو النص فى تجليه الإلهى، أو «الوحى» كما أُنزل وتعامل معه الناس على هذا الأساس. والثانى هو الطريقة التى تفاعل بها البشر مع الدين، وهى إما حافظت عليه فى مقصده الرئيس الرامى إلى الامتلاء الروحى والسمو الأخلاقى والنفع العام بشقيه المعنوى والمادى، أو ابتعدت به عن جوهره ومقصده ليصير «أيديولوجية» عند من يتخذون من الدين إطاراً للعمل السياسى والتنافس على السلطة، أو تجارة عند أولئك الذين تكسّبوا من الأديان بدءاً من الكهنة أمام المعابد الفرعونية القديمة وحتى شيوخ الفضائيات، وما بينها من أشكال لا حصر لها من التربح بإنتاج الخطاب الدينى، وكذلك أساطير عند من أفرطوا فى أسطرة التاريخ الدينى أو بالغوا فى إضفاء الكرامة على القديسين والأولياء، أو حوّلوا الدين إلى عُصاب نفسى حين سعوا إلى إيجاد مبرر دينى لعوارهم النفسى سواء المكبوت أو المفرج عنه فى سلوك معين، وهناك كذلك ما يحوّله إلى ثقافة سائدة تتماهى مع ما هو متعارف عليه بين مختلف الجماعات البشرية. أما علوم الدين فهى ما تم إنتاجه على ضفاف «النص الإلهى» من تفسيرات وتأويلات وفقه وفلسفة وتشريعات ورقائق ومأثورات، وهى منتج بشرى لا قداسة له فى الحقيقة وإن كان البعض يقدسه حتى لو لم يعلنوا هذا صراحة.
ب- هناك خلاف بين مفهوم الثقافة فى حقيقته وطبيعته وحسب ما انتهى إليه العديد من الرؤى والتصورات العلمية وبين المعنى المتداول على ألسنة العوام ووفق أفهامهم. فقديماً وصفوا المثقف بأنه من «يقطف من كل بستان زهرة» قاصدين بالطبع بساتين المعرفة، وحديثاً أجملوا الثقافة فى أنها «الكل المعقد من المعارف والأفكار والآداب والفنون» وهناك من طلب إخراجها من حيّز العلوم الإنسانية، لا سيما الآداب والفنون، لتمتد إلى العلوم الطبيعية، بحيث يحمل علماؤها لقب «مثقف» أيضاً. ويوجد من جعل الثقافة أبعد من هذا لأنها تعنى «طريقة العيش» وبالتالى فكل إنسان على سطح الأرض يعد مثقفاً، اتكاء على أسلوب حياته. وهناك من يمدها أكثر لتصير هى الحضارة، ليس فقط فى شقها الرمزى والمعنوى، بل فى المادى أيضاً.
ج- هناك من يضيّق مفهوم الإعلام ووسائله ليحصرها فيما نعرفه الآن فى زماننا من وسائل إعلام مقروءة ومسموعة ومرئية، ثم يضيف الإعلام الإلكترونى، وهناك من يتوسع بالمفهوم ليذهب إلى كل أشكال الإخبار الحديثة والعصرية والتقليدية التى عاشت البشرية عليها ردحاً طويلاً من الزمن.

 

arabstoday

GMT 07:10 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 07:09 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 07:08 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 07:06 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

GMT 07:04 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غول الترمبية والإعلام الأميركي... مرة أخرى

GMT 06:56 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الصراع في سوريا وحول سوريا

GMT 06:55 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

سوريا واللحظة الحرجة!

GMT 06:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترمب ــ «بريكس»... وعصر القوى المتوسطة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معبد وشاشة وكتاب 12 معبد وشاشة وكتاب 12



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab