معبد وشاشة وكتاب 22

معبد وشاشة وكتاب (2-2)

معبد وشاشة وكتاب (2-2)

 العرب اليوم -

معبد وشاشة وكتاب 22

عمار علي حسن

 على هذا الأساس يمكن أن نفكر فى علاقة الإعلام بالدين والثقافة، أوسع وأبعد من أغلب ما هو سائد أو متداول فى السوق البحثية والصحفية، والذى ينظر إلى المسألة إجمالاً، خالطاً بين الدين وطرائق التعامل معه وفهمه، وبين الثقافة والحضارة وكذلك بين ما هو حقيقى فيها وهو ما هو محض مزاعم وادعاءات وافتراءات أيضاً.
وهنا يمكن أن نرى تلك العلاقة تقوم بالأساس على «تبادل المنافع» أو «الاعتماد المتبادل» بغضّ النظر عما هو أصيل فيها وما هو فرعى، أو بين ما هو خادم وما هو مخدوم. ويمكن أن أبيّن هذا فى النقاط التالية:
1- يُنظر إلى الإعلام فى الغالب الأعم على أنه مجرد أداة أو وسيلة أو قنطرة واصلة بين منتج رسالة وبين متلقيها، وبالتالى يكون «الدين» نصاً وخطاباً وممارسة، والثقافة بمختلف ألوانها، بمنزلة المضمون لهذه الرسالة، مع مضامين أخرى عديدة. لكن الإعلام لا يقف عند حد النقل، بل تفرز آلياته الذاتية مضامينها عبر علامات وشفرات ووسائل تأثير عديدة، بما يجعل بوسعه أن يتعدى مجرد المرآة العاكسة للأمور الدينية والثقافية ويزيد على كونه الجسر الرابط بين علماء الدين والمثقفين وبين الجمهور العام الذى يتابع ما ينتجونه، ويحدد من خلاله، وعبر محتويات أخرى، تصوره عن الذات والعالم والكون، فى المستوى الأساسى والعام، إلى جانب تفاصيل عديدة متعلقة بالمعارف والقيم والاتجاهات.
2- يتم التعامل مع الدين والثقافة والإعلام أيضاً، كأداة ومحتوى فى الوقت نفسه، بوصفها من «البنى الفوقية» للمجتمع التى تتأثر بـ«البنى التحتية» المتمثلة فى الأشياء المادية، وذلك وفق النظرية الماركسية. لكن فى نظرى فإن الدين والثقافة يتعدى دورهما مجرد التبعية التامة للظروف والأحوال الاقتصادية إلى التأثير المستقل فى تطور المجتمعات الإنسانية.
3- يُنظر للدين والثقافة والإعلام بوصفها من ركائز القوة الناعمة للدولة، فى مقابل ركائز القوة الصلبة أو الخشنة المتمثلة فى القدرات العسكرية والإمكانات الاقتصادية والموارد الطبيعية والموقع الجغرافى وحجم السكان ونوعيتهم. وهذه القوة الناعمة تُستخدم فى إحداث التماسك الداخلى للدولة عبر الوظائف الرئيسية التى يؤديها الخطابان الدينى والثقافى والرسالة الإعلامية فى نشر القيم التى تحض على التعايش والتراحم واحترام التنوع وتفهُّم الخصوصيات والحريات الفردية والعامة وتعلم الاختلاف وأدب الحوار، وتعزيز القيم والاتجاهات الإيجابية التى تحض على العمل والإبداع والتقدم. كما تُستخدم فى تعزيز دور الدولة على المستوى العالمى، فأى بلد يتمتع بوجود علماء دين كبار ومثقفين مبدعين بارزين وإعلام حر مهنى سيجد طريقاً ممهداً للتأثير فى محيطيه الإقليمى والدولى.
4- تشترك حقول الدين والثقافة والإعلام فى أنها تتوسل باللغة، ليس بمستواها الذى يقف عند حد الكلام أو التعبير اللفظى فقط، بل بطرق التعبير الأخرى أو «السيميائيات» حيث الإشارات والإيماءات والإيحاءات والعلامات والرموز.. إلخ، وتلعب اللغة دوراً كبيراً فى تحديد عمق وتحقيق جاذبية الخطابات الناتجة عن هذه الحقول الثلاثة.
5- شهد العقد الأخير، لا سيما فى العالم العربى، اختلاط الأدوار بين عالم الدين والمثقف والإعلامى، فكثير من مقدمى البرامج تحولوا إلى واعظين أو قادة رأى، وبعض علماء الدين والمثقفين تحولوا إلى مذيعين، وتزداد هذه الظاهرة تجذراً بمرور السنوات، وتحول الإعلام إلى قوة هائلة.

 

 

arabstoday

GMT 07:10 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 07:09 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 07:08 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 07:06 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

GMT 07:04 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غول الترمبية والإعلام الأميركي... مرة أخرى

GMT 06:56 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الصراع في سوريا وحول سوريا

GMT 06:55 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

سوريا واللحظة الحرجة!

GMT 06:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترمب ــ «بريكس»... وعصر القوى المتوسطة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معبد وشاشة وكتاب 22 معبد وشاشة وكتاب 22



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab