متى نربح المعارك الصغيرة 1  2

متى نربح "المعارك الصغيرة"؟ (1 - 2)

متى نربح "المعارك الصغيرة"؟ (1 - 2)

 العرب اليوم -

متى نربح المعارك الصغيرة 1  2

عمار علي حسن

قبل نحو خمسة عقود من الزمن ضربت أرجل العرب مناطق عدة فى العالم، حيث خاضوا معركة التحرير الكبرى ضد الاستعمار، حتى حمل عصاه ورحل. واليوم بعد الإنهاك الذى حدث بفعل تعثر الثورات والانتفاضات تغيرت موازين القوى، وتراجعت قدرات العرب، الذين كان يقال إنهم القوة السادسة فى العالم عسكرياً قبل أربعة عقود فقط، لتصبح إمكاناتهم مجتمعة فى التسليح أقل من إسرائيل، وفى الاقتصاد أضعف من إسبانيا، وفى عالم الترجمة والنشر أدنى من دولة أوروبية صغيرة فقيرة هى اليونان، أى أنهم فقدوا، إلى حين، القدرة على إدارة المعارك الكبيرة فى عالم الحرب والمال، ولم يعد أمامهم إلا أن يلتفتوا إلى الصغير من المعارك، فيحسنون إدارتها، ليجنوا فوائد سريعة ترمم الشروخ التى مزقت البنيان العربى على مدار العقدين الأخيرين.

فبدلاً من انتظار العرب لحظة تاريخية فارقة يستعيدون فيها جزءاً من مجدهم الضائع وحضاراتهم العظيمة التى أهدت الدنيا عطايا مادية لا تنسى، ونفحات روحية لا تزال متوهجة، عليهم أن يعملوا بجد واجتهاد فى سبيل تحسين أوضاعهم الراهنة بالقدر الذى يسمح لنظامهم الإقليمى بالبقاء على قيد الحياة، أو على أقل تقدير الحيلولة دون تدهور أوضاعهم إلى الحد الذى يخرجهم تماماً من «زمام التاريخ» أو يؤدى إلى «إعلان وفاتهم»، حسب ما قال الشاعر الشهير نزار قبانى ذات يوم بقصيدة بكائية أبدعها فى لحظة يأس جارف، تصور فيها أن الغد سيكون، بالضرورة، أسوأ من اليوم، وأن العروبة تسير، لا محالة، إلى ذهاب أبدى.

إن معطيات التاريخ تهدى إلينا حكمة عميقة وناصعة عن أمم لم تقعدها، الهزائم الكبرى أو النكسات الشاملة والوهن العام الذى تمكن منها حتى النخاع، عن محاولة كسب النزال المحدود والاشتباك المحدد مع وقائع حياتية جانبية، نراها صغيرة وهى من عظائم الأمور، حتى خرجت من ضيق إخفاقها إلى براح الإنجازات العريضة، التى دفعتها إلى مقدمة الصفوف، بعد أن كانت قبل عقود فى عداد الأمم المغيبة عن التدفق الرئيسى لحركة العلاقات الدولية. ولعل ما مرت به الصين والهند، مثلاً لا حصراً، يدلل على هذا الأمر بجلاء لا يشوبه غموض، ووضوح لا يصيبه لبس.

فالصين ما ظن أحد أنها ستفيق من حرب الأفيون، وتسترد وعيها، وتطلق طاقتها فى اتجاه المزاوجة بين ما فى القيم التقليدية الكنفوشيوسية من جوانب أخلاقية إيجابية وما فى ثورتها الحمراء من اتجاه صارم وقوى إلى تهيئة المجتمع لحياة عملية مختلفة، ثم تقرر، بعد الدخول فى جدل عميق حول الملامح النهائية للأيديولوجيا وحدود التفاعل المرن مع العالم، أن تخط لنفسها بثقة طريقاً مستقيمة، جنت منها ثروة طائلة، وحققت لبكين وجوداً اقتصادياً، ومن ثم ثقافياً وسياسياً أحياناً، فى كل مكان على سطح الأرض. فالصين لم تشأ أن تستمر فى مناطحة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى السابق فى عالم التسلح الرهيب، بل امتلكت فقط فى هذه الناحية ما يكفى للدفاع عن سيادتها الوطنية، ولم تجارِ القطبين الكبيرين إبان الحرب الباردة فى بلوغ أجواز الفضاء الرحيب، بل قررت أن تبدأ من مجال هامشى ضئيل فى عالم المال والقوة، لكنه بالغ التأثير فى دنيا الحضور الثقافى والرمزى، ثم الاقتصادى فيما بعد، وهو صناعة «لعب الأطفال»، التى لم تلبث أن اتسعت لتطوق مجالات صناعية تلبى الاحتياجات اليومية البسيطة للفرد والأسرة فى أرجاء العالم كافة، من ملبس وأدوات كتابية وزينة وهدايا.. إلخ، وأنجزت فى هذه الناحية إلى الدرجة التى تثير حنق وحقد الولايات المتحدة.

arabstoday

GMT 09:58 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

قربى البوادي

GMT 09:55 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

الترمبية... المخاطر والفرص

GMT 09:48 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

عهد الفرصة السانحة يحتاج إلى حكومة صدمة!

GMT 09:45 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

السودان... حرب ضد المواطن

GMT 09:43 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

ثقة اللبنانيين ضمانة قيام الدولة المرتجاة!

GMT 09:41 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

البحث عن الهرم المفقود في سقارة

GMT 09:40 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

استراتيجية «ترمب ــ ماسك»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى نربح المعارك الصغيرة 1  2 متى نربح المعارك الصغيرة 1  2



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:53 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

محمد هنيدي يخوض تجربة فنية جديدة في السعودية
 العرب اليوم - محمد هنيدي يخوض تجربة فنية جديدة في السعودية

GMT 02:54 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

انتشال جثث 39 شهيدًا من غزة بعد أشهر من الحرب

GMT 03:50 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الاتحاد الأوروبي يحاول تجنب حرب تجارية مع أميركا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab