سعيد نوح 2 2

سعيد نوح (2- 2)

سعيد نوح (2- 2)

 العرب اليوم -

سعيد نوح 2 2

عمار علي حسن

ويقوم سعيد نوح فى روايته الموسومة بـ«61 شارع زين الدين» بتجريب مغاير, حيث تتعدد الأصوات وتتنوع مستويات السرد، رغم أن الحكاية تغرف من الواقع وترصد جانباً من حياة المهمشين، فالنص يسرده راوٍ عليم، هو الكاتب نفسه، الذى لا يجد غضاضة فى الدخول إلى ثنايا النص ومتنه، والإمساك بمصائر الشخصيات، أو دفعها إلى التمرد فى بعض المواقف، وإتاحة الفرصة لها لمراجعة المؤلف كى يعدل مسارها، مثلما نرى فى حوار على لسان شخصيات الرواية التى تلاقت لتعرف المصير الذى اختاره لها المؤلف، ثم ترفضه لأنه فى نظرها كاتب خائب يتجنى عليها، ولذا تقول له: «أيها السيد الكاتب المتحكم فينا، نحن عبيدك. يا علىّ الجناب اسمع منا كلمة واحدة ووحيدة لا تغامر إذ يناديك السراب».

وفى رواية «كلما رأيت بنتاً حلوة أقول يا سعاد» يستفيد «نوح» من تقنيات السينما، ولا يتقيد بالشكل التقليدى السائد للرواية، دون أن يفقد العلاقة الحميمة بشخصيات أعماله، لا سيما أن هذه الرواية هى تجربة خاصة له، حيث يعرض الارتباط العاطفى والإنسانى النبيل والنازع إلى الصوفية بين أخ بسيط وأخت كانت محاطة بحب الجميع واحترامهم، لطهرها وصدقها وحدبها على كل من حولها. والأخ هنا هو المؤلف ذاته، والأخت فى الرواية كانت أخته فى الواقع التى انتقلت إلى رحمة ربها وهى فى ميعة الصبا، ولهذا مارس «سعيد» طريقته التى حفلت بها رواياته اللاحقة بتدخله فى النص وذكر شخصيات حقيقية، والانتقال العفوى بين تسجيل الواقع والتخييل.

أما فى رواية «أحزان الشماس»، التى ظلت حبيسة الأدراج لسنوات عديدة، فيقتحم «نوح» عالم الرهبان فى أحد الأديرة بصعيد مصر، عبر مسار طفل يدعى جرجس يبلغ من العمر 11 عاماً وهو كفيف، وحين يزور الدير بصحبة أبيه يسمع ترنيمة «الأم الحنون» بصوت قساوسة وشمامسة، فتترك فى نفسه أثراً عميقاً، ويتمنى أن يتضخم إلى هؤلاء النساك المنقطعين للعبادة، ويكون له ما أراد، فتظهر له معجزات ويفيض الخير على يديه، وهذا يثير حفيظة الراهب «متى» فيتآمر عليه، وينجح فى إبعاده عن تلقى الاعترافات، ويرسله إلى الجبل بدعوى أنه فى حاجة ماسة إلى التطهر، وهناك يقابل «تريزا» ويتزوجها ويرزق منها بطفل، حين يأتى وقت تعميده لا يبكى، فيقال إنه من أوصى به المسيح وينتظره فى الملكوت، ولذا ينشغل ذهن «جرجس» بابنه، ومع هذا حرص على أن يبتعد عنه حتى لا يفرط فى التعلق به، ويهمل شغله وأم ولده، التى تظن أن قلبه قد هام بامرأة غيرها، لكن يسترد وعيه حين يحضر تعميد طفل آخر لا يبكى فيقول عنه الكاهن ما قاله عن ابن «جرجس»، فيعود الأب إلى أسرته يرعاها لكن يفجعه موت ابنه وهو فى الثامنة عشرة من عمره، فيموت بعده بتسع عشرة ليلة. وفى ثنايا هذه الحكاية يرسم سعيد نوح ملامح الحياة داخل الدير، ويظهر معرفة بأسرارها وطقوسها ولغتها المتبادلة، ويميط اللثام عن المسكوت عنه فى السرد المصرى، باستثناء أعمال قليلة.

هكذا تمضى المسيرة الروائية لسعيد نوح نابعة من تجربته الذاتية أو خبرته الشخصية المباشرة والصريحة، والتى ينقل عنها من دون مواربة، وكذلك حصيلة تأملاته الوجدانية التى يحلو له هو أن يتحدث عنها طويلاً واصفاً إياها بـ«الميول الصوفية الجلية»، وأيضاً قراءاته المتتابعة للآداب العربية والعالمية، وهى قراءة متأنية وعميقة إلى درجة أنه يضع خطوطاً تحت عبارات تعجبه أو صور جمالية تروق له وتدهشه، وقد ينقلها فى أوراقه الخاصة ليتدبرها قبل أن يقدم على عمل جديد أو أثناء كتابته، ليتناص معها أو يشاكسها.

arabstoday

GMT 05:53 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

المقدِّمة ألغت الألعاب

GMT 05:49 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الآن أعينكم على نتنياهو

GMT 05:46 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

فى انتظار كامالا هاريس!

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

GMT 05:16 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

«المتحدة» واستعادة دولة التلاوة

GMT 04:44 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

القلم الذهبي... في البدء كانت الكلمة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سعيد نوح 2 2 سعيد نوح 2 2



ميريام فارس بإطلالات شاطئية عصرية وأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:07 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

غارة إسرائيلية على أطراف بلدة مركبا فى لبنان

GMT 16:01 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

ارتفاع التضخم في أمريكا خلال يونيو الماضي

GMT 13:19 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

محمد ممدوح يكشف عن مهنته قبل التمثيل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab