رواية عن معاناة كاتبها 12

رواية عن معاناة كاتبها (1-2)

رواية عن معاناة كاتبها (1-2)

 العرب اليوم -

رواية عن معاناة كاتبها 12

عمار علي حسن

لا يكف الأديب الأستاذ أسامة حبشى عن صناعة الدهشة، إذ تبقى هى المقصد الغالب على سرده، إلى جانب نزوعه نحو تجريب أشكال أخرى للكتابة الروائية، حسبما أمدّنا فى أعماله السابقة «خفة العمى» و«موسم الفراشات الحزين» و«سرير الرمان» و«حجر الخلفة». وإبداعاته السابقة تلك قد تجعلنا نظن أنه قد منح مفتاح دخول يسيراً لروايته الأخيرة التى أعطاها عنواناً مختلفاً هو «1968»، ليذكرنا به فحسب بعنوان جورج أورويل الشهير «1984» وثلاثية المصرى جميل عطية إبراهيم «1952» و«1954» و«1981» والرواية التى يكتبها الجزائرى واسينى الأعرج «العربى الجديد: 2084» وثار بشأنها جدل لتشابه مضمونها مع رواية أخرى لمواطنه بوعلام صنصال وعنوانها «2084: نهاية العالم».

لكن رواية «1968»، الصادرة عن دار العين للنشر، لا تأخذ منحى التأريخ ولا التنبؤ الذى أخذته كل تلك الروايات، إنما تحفر فى اتجاه مغاير، خالطة الحكمة بالهذيان، والواقعى بالمتخيل، وساعية وراء نصوص لأربعة أدباء كبار هم المكسيكى خوان رولفو، والروسى دوستويفسكى، والجزائرى مالك حداد، والسودانى الطيب صالح، الذى أهدى إليهم الكاتب روايته وبدا متيماً بنصوصهم، ومتفاعلاً معهم أحياناً، أو سابحاً فى عوالمهم المدهشة الموزعة على السحر والجنون والعفوية، لكنه لا ينقل عنهم.

ما سبق قد يوحى بأننا أمام رواية سهلة التناول، تتهادى لقارئها بلا عناء، لا سيما أن حجمها لا يزيد على 118 صفحة من القطع المتوسط، لكن ما إن تبدأ فى مطالعة أول سطورها حتى تجد نفسك فى حاجة ماسة إلى أن تطلق كل حواسك لتستيقظ، حيث تقول: «ماذا أنتظر من رجل كلما ذهبت عيناه للغفوة قليلاً وجد نفسه يبتلع جسماً كبيراً، غريباً، وبمجرد أن يبدأ فى ابتلاع جسم آخر مشابه، فإذا بالجسم يتوقف فى حلقه، وتبدأ يد غامضة المصدر تضرب على ظهره كى تساعده فى الإفلات من الموت، ولكنه يتقيأ قططاً. رجل يبتلع القطط».

وبعدها نكتشف أن ذلك الذى يبلع ويلفظ القطط هو كاتب، يقترب من العقد السادس فى عمره، يعيش حالة ولادة متعثرة لرواية «1968» نفسها مع أخته العانس الشاهدة على معاناته، ويكرر هذا العنوان فى صفحات عدة، وبطريقة مباشرة تصل إلى حد أن يقول فى متن النص: «روايتى ليست سياسية، ولا تتحدث عن حلم طلاب العالم أجمع، حيث حركة الطلاب فى عام 1968، ولا هى رواية عن النكسة، ولكن رواية 1968 كانت رحلة داخل الحلم المدفون داخل شخوص روايتى»، ثم يقول فى مكان لاحق عن أخته نرجس التى برعت فى صيد الطيور وتحنيطها: «يا ليتنى كنت مثلها صياداً ماهراً فى رسم شخوص روايتى 1968»، ويقول أيضاً: «فرحة إغماض إلهى قليلاً بعيداً عن ضجيج التذكر تستعصى علىّ، لا نوم ولا أفكار تسعفنى كى أنهى روايتى 1968»، و«رواية 1968 تقتل فىّ كل أمل الاستمرار فى الكتابة»، وفى موضع خامس: «مرت ساعة لم ينطق كل منا حرفاً، وتذكرت خلالها روايتى 1968»، وفى سادس يقول عن أخته: «أذكر قبل دخولى نوبة الهذيان ذات مرة أن جاءت وجلست بجانبى وحدثتنى عن روايتى 1968، وأعلنت رفضها القاطع لما كتبت»، ويدلل على الولادة المتعثرة للرواية فيقول فى موضع سابع: «حذفت ما كتبت للمرة الألف على ما أعتقد.. لم أكن مقتنعاً بما كتبته فى روايتى 1968، خاصة وأن استخدام اللغة الدارجة يرعبنى.. لذلك مزقت كل ما كتبت».

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى).

arabstoday

GMT 05:18 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

أمة الرواد والمشردين

GMT 05:16 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات

GMT 05:15 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

المسلمون والإسلاميون في الغرب

GMT 05:13 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

في مدح الكرم

GMT 05:12 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

إنها أزمة مصطلحات!

GMT 05:10 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

أميركا واختبار «الديمقراطية الجندرية»

GMT 04:33 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

لبنان بين حربي 2006 و2024

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية عن معاناة كاتبها 12 رواية عن معاناة كاتبها 12



ميريام فارس بإطلالات شاطئية عصرية وأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:07 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

غارة إسرائيلية على أطراف بلدة مركبا فى لبنان

GMT 16:01 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

ارتفاع التضخم في أمريكا خلال يونيو الماضي

GMT 13:19 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

محمد ممدوح يكشف عن مهنته قبل التمثيل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab