درس في التسويق السياسي

درس في التسويق السياسي

درس في التسويق السياسي

 العرب اليوم -

درس في التسويق السياسي

عمار علي حسن

مع بداية الانتخابات البرلمانية المصرية، أمس، بات واضحاً أن كثيراً من المرشحين وظَّفوا مواقع التواصل الاجتماعى فى الدعاية لأنفسهم، وهى مسألة راحت تزحف تدريجياً على مختلف الاستحقاقات الانتخابية فى دول العالم قاطبة، بعد أن ثبتت حجتيها فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وقبل أيام ناقش الباحث والإعلامى المتميز محمد فتحى يونس أطروحة دكتوراه عنوانها «التسويق السياسى لباراك أوباما فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2008: دراسة تحليلية لعينة من الصحف الأمريكية»، فى كلية الآداب بجامعة المنصورة المصرية، انطلق فيها من تصوُّر يبيِّن أن أسلوب الدعاية الذى اتبعته حملة «أوباما» قبل أن يصل إلى البيت الأبيض عام 2008 يعد تطوراً فارقاً فى «التسويق السياسى»، أو على حد ما ورد نصاً فى الأطروحة: «مثَّل وصول أوباما إلى الرئاسة منعطفاً جديداً فى السياسة الأمريكية من جهة، ولعلم التسويق السياسى من جهة أخرى».

الدراسة التى أعدها الباحث، تحت إشراف الأستاذ الدكتور سامى السعيد النجار والدكتور أحمد زكريا، تنطلق من أن التسويق السياسى له علاقة وثيقة بالانتخابات الأمريكية، لأن الولايات المتحدة صاحبة الريادة فى الترويج للمنتج السياسى، وهنا يقول الباحث: «فاز باراك أوباما بمقعد الرئيس الرابع والأربعين فى تاريخ الولايات المتحدة، وهو أول أسود يتولى المنصب، كما جاء من جذور أفريقية إسلامية، ومثل العِرق الأسود والجذور الإسلامية عائقين فى طريق مستقبله السياسى، فبعد هزيمته فى أول انتخابات يخوضها للكونجرس عام 2000، كان هناك طرح بضرورة تغيير اسمه ذى الأصول الإسلامية، حتى يتجنب غضب الأمريكيين على المسلمين، لكن كان هناك استحالة لتنفيذ ذلك، لأنه قد عرف به، ومن ثم كان أعضاء حملته أمام تحدٍّ كبير بتقديم منتج سياسى يتمثل فى أوباما نفسه، يُقبل عليه المستهلك السياسى الأمريكى، وبالمثل ما يحمله أوباما من منتجات سياسية تتمثل فى وعود وحلول للمشكلات يحتاجها الناخب الأمريكى، وعبر وسائل تسويقية ملائمة، وبثمن مقبول، إضافة إلى اتباعه أساليب دعائية ساعدت على ترويج المنتجات السياسية الموجهة للأسواق، وكذلك تقنيات جديدة ارتبطت بالاعتماد على وسائل الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعى».

ويمضى الباحث: «منذ البداية كانت الصحف الأمريكية تنشر مواد صحفية تخص وعود أوباما الموجهة للناخب الأمريكى الموزّع على أسواق عِرقية ومهنية وعمرية متنوعة، وتحمل المضمون الصحفى منتجات سياسية، منها ما ارتبط بشخصية أوباما نفسه كمنتج بحد ذاته. وبنهاية السباق حصد أوباما 388 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابى الأمريكى مقابل 155 فقط لمنافسه جون ماكين».

انطلقت الدراسة من تساؤلات محددة منها: ما شرائح السوق الانتخابية التى وجهت إليها حملة أوباما منتجاتها السياسية؟ وما الفنون الصحفية المستخدمة لعرض المضمون التسويقى لأوباما فى بعض الصحف الأمريكية؟ وما الأساليب والتقنيات الدعائية التى استخدمتها الحملة فى المزيج التسويقى لمرشحها ونشرتها الصحف؟ وما عناصر العلامة التجارية لأوباما خلال فترة الانتخابات؟ وما مضمون المنتجات السياسية الذى تم تسويقه سياسياً للناخبين؟ وماذا عن استخدام وسائل الإعلام الجديدة؟ وما الدور الذى لعبته فى حسم الأمور لصالح «أوباما»؟

وفى تحليله لمعطيات دراسته من بيانات ورصد لأساليب الدعاية وعرض للمواد الصحفية استعمل الباحث «نظرية الخيار العام» التى تنشغل بكيفية اتخاذ الجمهور قراراته وصنعها، وكذلك تفاعُل جمهور الناخبين والسياسيين والبيروقراطية ولجان العمل السياسى، وهى النظرية التى تستخدم فى تحليل رغبات الناس عند دخولهم الأسوق للشراء، بما ينفع فى تحليل رغباتهم عند اتخاذ القرار، لا سيما المتعلقة بالانتخابات. ووفق هذا المنهج يبيِّن الباحث كيف وعد «أوباما» الناخبين بفوائد ذاتية من القرارات والسياسات التى سيتنهجها حين يصل إلى «البيت الأبيض»، وكيف كون مجموعات صغيرة من الناخبين تشكل أقليات تصويتية تجمعها مصالح محددة، وكيف وظّف المنتج السياسى المستمد من قوة أمريكا فى المجال الدولى من أجل جذب الناخب.

هذه أطروحة علمية مهمَّة لكل اللاعبين أو الممارسين السياسيين، لأنها تجيب لهم باستفاضة وجلاء عن سؤال قديم يتجدد: كيف وصل «أوباما» إلى البيت الأبيض؟ وفى ثنايا الإجابة تكمن الاستفادة من طرائق الدعاية وأساليبها فى أكثر وسائلها جدة وجدية، وتصاغ رسالة بليغة تؤكد أن الاستخفاف بـ«الأبنية السيبرية» التى يسكنها مدشنو الصفحات على «تويتر» و«فيس بوك» وأخواتهما لم يعد عملاً مقبولاً، لا سيما أن ثورة يناير مثلاً برهنت على إمكانية الانتقال من العالم الافتراضى إلى الواقع المفروض بسهولة ويسر.

arabstoday

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:27 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 10:16 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس في التسويق السياسي درس في التسويق السياسي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab