«جبل الزمرد» 1  2

«جبل الزمرد» (1 - 2)

«جبل الزمرد» (1 - 2)

 العرب اليوم -

«جبل الزمرد» 1  2

عمار علي حسن

لم تكتف الأديبة منصورة عز الدين فى روايتها «جبل الزمرد» الصادرة عن دار التنوير مؤخراً باستعادة حكاية قديمة من الأسطورة الخالدة «ألف ليلة وليلة» ومدها على اتساع رواية كاملة مثلما فعل البرازيلى باولو كويليو فى «الخيميائى» حين التقط صفحات قليلة من الليالى ونفخ فيها من قريحته فصارت العمل الأدبى الأكثر توزيعاً فى العالم بأسره. كما أنها لم تستنسخ الليالى بلغة جديدة وبناء مختلف وهدف آخر مثلما فعل نجيب محفوظ فى روايته الساحرة «ليالى ألف ليلة»، لكن الكاتبة ذهبت فى طريق شقته من قبل التركية أليف شافاق فى «قواعد العشق الأربعون» حين وازت بين حكايتين وقعتا فى زمنين متباعدين لتصعدا درامياً معاً، من التأسيس والانطلاق إلى صناعة الحبكة ثم الذهاب إلى حلها بطريقة جلية مبهرة، وكذلك اللبنانية هالة كوثرانى فى روايتها «كاريزما»، وإن كان موضوعها ولغتها ومراميها مختلفة تماماً عن هاتين الروايتين.

ففى «جبل الزمرد» لا تتوازى الحكايتان اللتان تختلفان من حيث الزمن والشخصيات والسياقات، إنما تتداخلان وتتواشجان إلى حد كبير، فتتمم الجديدة منهما القديمة، وتفسر القديمة سريان الجديدة، وتؤسس كل منهما ذرائعيتها على الأخرى فى صيغة من «الاعتماد المتبادل» مصنوعة بمهارة مناسبة، اتكاءً على أن «الليالى» نص مفتوح يمكن الإضافة إليه أو التشاكل والتفاعل معه بطرق متعددة، لا سيما أن ما وصلنا إليه منه يتسم بهذه الخاصية، إذ يقال إنه نص شارك فى كتابته على مدار قرون الفرس والشوام والمصريون، وأثر كثيراً فى الإرث الإنسانى، ليظل منهلاً يغرف منه الأدب فى الشرق والغرب من دون تحسّب ولا تهيّب ولا حرج.

هنا تريد الكاتبة أن تتمم إحدى حكايات هذه الأسطورة الكبرى، وهى مسألة لم تتركها للاستنباط إنما وضعتها جهاراً نهاراً فى صدر عملها عبر عنوان فرعى يقول «أو الحكاية الناقصة من كتاب الليالى»، ومن أجل هذا راحت تستعين بمراجع مهمة أوردتها فى ثبت محدد مثل «مسالك الأبصار فى ممالك الأمصار» لابن فضل الله العمرى، و«خريدة العجائب وفريدة الغرائب» لابن الوردى، و«منطق الطير» لفريد الدين العطار، و«عجائب الهند» لبرزك بن شهريار، فضلاً عن «محاورة فايدروس» لأفلاطون، و«صيدلية أفلاطون» لجاك دريدا.

ويبدو أن الاعتماد على هذه الخلفيات المرجعية كان قوياً إلى درجة أن الأسلوب يتفاوت نسبياً بين ما يجرى فى الزمن الحديث على أيدى شخصيات تسعى للوصول إلى حقيقة ما جرى لأميرة «جبل الزمرد» وذلك الذى تخيل مبدعو الليالى أنه قد وقع لها فى الزمن القديم وبين ما حدث لشخصيات وصلت بالفعل إلى هذا الجبل العجيب عبر مغامرات ومقامرات رهيبة، غارقة فى المعاناة والأساطير والأمانى المفرطة.

فلغة الحوار والوصف والسرد عن الزمن الجديد تتخفف من حمولات الرؤى والصور القديمة وطرق التعبير عن المدركات، ثم تُثقل بها حين يعود الحكى إلى زمن الليالى الأصلى، لكنها فى الحالين لغة شاعرية وجزلة، وتصل إلى المعنى من أقرب طريق، متلافية أى زوائد أو إشباع للسرد، ومعبرة عن البناء المتناسق الذى شيدته الكاتبة، ولم يهتز منها إلا فى مواضع بسيطة كانت تنجرف فيها وراء حكايات تفصيلية يمكن حذفها من دون أن تؤثر على مجرى الرواية، أو تقع أسيرة الالتزام ببعض خطوط الحكاية الأساسية المستمدة من الليالى، وهى مسألة لم تنكرها هى منذ البداية.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جبل الزمرد» 1  2 «جبل الزمرد» 1  2



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab