تاريخ المرتزقة 4  6

تاريخ المرتزقة (4 - 6)

تاريخ المرتزقة (4 - 6)

 العرب اليوم -

تاريخ المرتزقة 4  6

عمار علي حسن

وشهد منتصف القرن التاسع عشر توسعاً فى استعمال المرتزقة على يد الجمهورية الفرنسية الثالثة. وقد شكلت فرنسا فرقة ضخمة من المرتزقة سميت «الفرقة الأجنبية» بلغ عدد جنودها نحو ثلاثين ألفاً، استعملتها فى اجتياح الجزائر عام 1830، وكان أغلب هؤلاء من المجرمين الباحثين عن مأوى. وواصل الفرنسيون اعتمادهم على المرتزقة فقاتلوا إلى جانب الجنود النظاميين فى الحربين العالميتين الأولى والثانية، وفى حرب فيتنام، حيث قاتلت فرقة المرتزقة ببسالة حتى انسحبت القوات الفرنسية من هناك عام 1954، فأعيدت تلك الفرقة إلى الجزائر، وظلت هناك إلى أن أصدر الرئيس شارل ديجول قراراً بحلها وتسريحها عام 1959، فساحت عناصرها فى أفريقيا جنوب الصحراء التى كانت تشهد صراعات حادة أيامها، ووجد هؤلاء من هم بحاجة إلى طاقتهم وخبرتهم القتالية.

وحذت إنجلترا حذو فرنسا فى هذا الشأن. فرغم أن لندن حظرت استعمال المرتزقة بموجب قانون صدر عام 1870 فإن بعض مواده تركت -عن قصد- الباب موارباً أمام العودة إلى الاعتماد على الجنود المأجورين، حين استثنت مجموعة دول الكومنولث البريطانى إلا إذا صدر أمر خاص من ملك بريطانيا إلى الحاكم العام فى أى من هذه الدول. ومن هنا أتيح للسلطات البريطانية تشكيل فرق من جياع الهند، ووضعت ابتداء من عام 1904 خطة للارتقاء بمستواها القتالى، ثم أرسلتها إلى مختلف ميادين المعارك التى كانت الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس مشتبكة فيها دفاعاً عن ملكها المديد. وكانت فى طليعة تلك الفرق فرقة من نيبال أطلق عليها اسم «كمكثوا» كانت مدربة تدريباً متقدماً أهّلها لأن تكون بمثابة «قوات خاصة» تعمل فى صفوف الجيش البريطانى. وقد قامت بريطانيا بتأجير بعض مرتزقتها إلى الدول حديثة العهد بالاستقلال، حتى تؤمّن النخب الحاكمة هناك عروشها الجديدة. وكسبت لندن من وراء هذا أموالاً وفيرة.

وكانت الفرقة الهندية السادسة فى طليعة القوات البريطانية التى احتلت العراق، وحين راحت لندن توطد وجودها العسكرى على أرض الرافدين، عقب الحرب العالمية الأولى، عمدت إلى تأسيس جيش كامل من المرتزقة عُرف باسم «جيش الليفى»، كانت أغلب عناصره من الأكراد والتيارية الذين جلبتهم بريطانيا إلى العراق من الخارج. ووظف هذا الجيش فى حماية بعض المعسكرات البريطانية، وذلك على غرار ما كان مطبقاً فى الهند آنذاك. وقد اتفق رئيس وزراء العراق نورى السعيد مع الإنجليز سراً على تشكيل حرس من قوات المرتزقة للقواعد الجوية البريطانية تتكفل الحكومة العراقية بنفقاته، فلما غادر الحكم طالب الإنجليز خلفه ناجى شوكت بالاستمرار فى تنفيذ الاتفاق، لكن حكومته رحلت دون أن تبت فى هذا الطلب.

ووصل الأمر إلى حد استقدام بريطانيا مرتزقة صهاينة إلى أرض العراق ليقفوا فى وجه كفاح العراقيين لنيل استقلالهم، وكان هؤلاء ينتمون إلى منظمة أرجون الإرهابية، وساعدهم على دخول أرض الرافدين جلوب باشا، القائد الإنجليزى، الذى كان رئيساً لأركان الجيش الأردنى، وقاده فى حرب 1948 ضد العصابات الصهيونية فى فلسطين.

ولما ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى على المسرح الدولى سارت على الدرب نفسه، فاعتمدت على مرتزقة فى حرب فيتنام، من بينهم طيارون تابعون لشركة «إير أمريكا» كُلفوا بتنفيذ هجمات استفزازية ضد مواقع فى فيتنام الشمالية، ثم تم استعمال مرتزقة من الآسيويين لضرب أهداف هناك بدءاً من 30 يوليو عام 1964، بغية استدراج الفيتناميين الشماليين إلى حرب واسعة النطاق، وهو ما تحقق بالفعل. وقد ظل المرتزقة يقاتلون إلى جانب القوات الأمريكية حتى انتهت المعارك بهزيمتها النكراء عام 1975.

لكن واشنطن عادت إلى استعمال المرتزقة فى صراعها ضد الاتحاد السوفيتى المنهار إبان الحرب الباردة، وكانت أنجولا ساحة لهذه العملية. فالأمريكيون استعانوا بروبرتو هولدن، زعيم الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا، الذى كان صهر رئيس زائير (الكونغو الديمقراطية حالياً)، موبوتو سيسيكو، فقام عن طريق مكتب له بلندن بتأجير مرتزقة كثيرين. ودخل النظام العنصرى الحاكم آنذاك فى جنوب أفريقيا على الخط وأرسل مرتزقة أفارقة وأوروبيين إلى رجلهم فى أنجولا وهو زعيم الاتحاد الوطنى لاستقلال أنجولا، جوناس سافيمبى. وكانت هذه العناصر جميعاً بحاجة إلى قيادة، فجاء دور عسكريين أمريكيين متقاعدين باحثين عن المال أو متعطشين للقتال، وانضم إليهم مرتزقة بيض من جنوب أفريقيا وأوروبا. وكان الجيش الأمريكى وقتها ينشر إعلانات لجلب متطوعين ينضمون إلى صفوف المرتزقة برواتب مغرية، وقد تم تجميع من تقدموا بقاعدة سان دييجو وحملتهم الطائرات إلى أنجولا.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

arabstoday

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 09:39 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

متى يخرج السيتى من هذا البرميل؟!

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 09:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 09:33 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 09:30 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تاريخ المرتزقة 4  6 تاريخ المرتزقة 4  6



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab