بؤس الإدارة والعميان الستة

بؤس الإدارة والعميان الستة

بؤس الإدارة والعميان الستة

 العرب اليوم -

بؤس الإدارة والعميان الستة

عمار علي حسن

حين أنظر فى حالنا السياسى والإدارى تحضرنى حكاية العميان الستة والفيل، والتى تقول إن هؤلاء كانوا قد سمعوا عن الفيل وأرادوا أن يعرفوه عن كثب، فطلبوا من رجل أن يوقفه لهم، وراحوا يتحسسونه. وحين وضع الأول يده على جسم الفيل صاح: «إنه يشبه الحائط تماماً»، فلما وضع الثانى يده على ناب الفيل وقال: «إنه لا يشبه الحائط مطلقاً، إنه مستدير وأملس وحاد، إنه يشبه الرمح»، أما الثالث فوضع يده على أنف الفيل (خرطومه) وقال لصاحبيه: «كلاكما مخطئ، إنه يشبه الثعبان»، أما الرجل الرابع فقد احتضن بذراعيه رجل الفيل وصاح فى أصحابه: «حقاً إنكم عميان، إن الفيل يشبه جذع الشجرة»، وجاء دور الرجل الخامس وحدث أن لمست يده أذن الفيل الضخمة فقال لهم إن الفيل لا يشبه أياً مما وصفتم، إنه يشبه مروحة كبيرة، أما الرجل السادس والأخير فكان ما زال يبحث عن جسم الفيل ليتحسسه، وأخيراً وقعت يده على ذيل الفيل، وقال لأصحابه: «إنكم حقاً لحمقى، إنكم لستم فقط عميان بل أيضاً فقدتم الإحساس، إن الفيل لا يشبه الحائط ولا يشبه الرمح ولا يشبه الشجرة أو الثعبان بل إنه يشبه تماماً الحبل الطويل الضخم، وعندما غادر الفيل كان كل من الرجال الستة مقتنعاً برأيه الذى كونه عن حجم وشكل الفيل، لقد صدق كل منهم فى وصفه للفيل، فكلٌ وصَفَ ما جرّب، ولكن فى الواقع أن كلاً منهم فشل فى معرفة الصورة الكاملة للفيل، لأن كلاً منهم استطاع أن يتعرف على جزء من الصورة، ولو أن كلاً منهم تخلى عن تعصبه لرأيه وعملوا معاً كفريق واحد لاستطاعوا أن يضعوا أجزاء الصورة بجوار بعضها البعض ومن ثم يمكنهم جميعاً أن يروا الصورة الكاملة، وما حدث لهؤلاء الرجال يحدث لغيرهم من المبصرين، فعلينا أن نعلم أن لكل منا دوره فى الحياة، كل واحد يرى جزءاً من الصورة بطريقته الخاصة، ولكى نرى الصورة كاملة، علينا أن نعمل سوياً بروح الفريق لنرى الصورة التى لا يمكن أن نراها لو عمل كل منا منفرداً.

لقد بدأ العلماء والممارسون على حد سواء، يدركون منذ مطلع ثلاثينات القرن العشرين، أن القرار الذى تصنعه مجموعات يمكن أن يكون أكثر دقة وعمقاً واتساعاً، لأنها تأتى بما لا يمكن لفرد وحده أن يصل إليه، علاوة على أن الأفراد يكونون أشد التزاماً بتنفيذ القرارات التى اشتركوا فى اتخاذها.

وهناك عدة مزايا لهذا الأسلوب فى التفكير والتدبير، منها أنه يتيح تدفق المعلومات والخبرات من قرائح عدة، فتتسم بالغزارة، قياساً إلى ما يمكن أن يقوم به فرد واحد، ثم يسمح بتعدد وجهات النظر، وإكسابها موضوعية، مبتعداً بها عن الذاتية التى يمكن أن تعيب القرار المنفرد، وفى الوقت نفسه تشبع الحاجة إلى تقدير الذات لدى المجتمعين، فتعزز انتماءهم.

لكن هذا يشترط توافر بيانات ومعلومات كافية أمام أفراد المجموعة، وأن تتوافر لهم فرصة البحث فى اتجاهات متعددة، فنية وإدارية وسياسية واجتماعية، وعدم الاستسلام للإجراءات البيروقراطية الصارمة أو الروتين المعتاد، وسيادة روح التعاون بين المديرين، وعدم سيطرة أحد الأفراد على النقاش وفرض وجهة نظره على الآخرين.

فتوافر هذه الشروط سيسهم إلى حد كبير فى شحذ الخيال، لأنه سيكون حاصل تفاعل قدرات تخيلية لمجموعة، من الممكن أن يكون كل منهم قد أتيحت له فى المسافة الزمنية بين تحديد موضوع المناقشة وبين إجرائها بالفعل فرصة جيدة كى يفكر فى جوانبه كافة، وهو ما لا يتوافر لفرد واحد ينفرد بالتفكير واتخاذ القرار، ويتوهم أنه فى غنى عن العالمين، فمثل هذا كأحد هؤلاء العميان الستة، الذى يظن كل منهم أنه قد عرف الحقيقة وهو بعيد عنها تماماً.

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بؤس الإدارة والعميان الستة بؤس الإدارة والعميان الستة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab