الوزارة من ذات المغارة

الوزارة من ذات المغارة

الوزارة من ذات المغارة

 العرب اليوم -

الوزارة من ذات المغارة

بقلم عمار علي حسن

ليس التعديل الوزارى غاية فى حد ذاته، إنما هو وسيلة وظيفتها أبعد من تسكين وظائف كبرى أو تدويرها، أو منح فرصة لحفنة من الأشخاص كى يحصلوا بعد فترة قصيرة على لقب «وزير سابق» فيكتبونها فى بطاقات التعريف التى يحملونها فى جيوبهم، ويوزعونها على كل من يطلب التواصل معهم، أو يحصلون على معاش وزير، أو يجلسون بقية أعمارهم يتحدثون عن المؤامرة التى أطاحت بهم من المنصب، ويثرثرون كثيراً عن الإنجازات التى حققوها، لكن أحداً لم يقدر لهم هذا الجهد الفائق الذى بذلوه، ومحاولات التطوير التى بدأوها.

ما تسرب من أخبار عن الأسماء المراد إحلالها محل الوزراء المغادرين، يشى بأن السلطة السياسية تفكر بطريقة تقليدية، وتميل إلى استوزار شخصيات من المغارة نفسها، باختيار أناس من داخل جهاز بيروقراطى وتنفيذى مترهل وبطىء وعاجز عن الإبداع، وهم فى كل الأحوال، حتى الذين يأتون من خارج المكاتب الحكومية، يكونون قد مروا من باب أجهزة الأمن، التى لها اليد الطولى فى الترشيح، وهى تختار، كما جرت العادة، رجالها الذين جربتهم، وضمنت ولاءهم، بصرف النظر عما إذا كانوا يستحقون الترقى الوظيفى من عدمه.

إن الاستوزار يتم بالمقلوب فى بلادنا، إذ يختار الرئيس، ومعه رئيس الوزراء، شخصاً ما لتولى الوزارة، وبعدها يُسأل عما من جعبته من تصورات لأداء مهمته. ولو أن الأمور تجرى وفق منطق سليم، لوضع من يختارون الوزراء المهام المطلوبة، ثم عينوا لكل مهمة أكفأ رجل بوسعه أن ينهض بها.

الآن هناك مشروع ناقص أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي وهو «مصر 2030» وهناك برنامج أعده رئيس الوزراء وسيُعرض على مجلس النواب لإقراره قبل أن يبدأ وزارته الثانية، وهذا المشروع وذلك البرنامج من المفترض أن يكونا قد حددا تلك المهام، وبالتالى يسهلان عملية الاختيار، لكن من أسف فإن عملية تعيين الوزراء تتم، فى الغالب الأعم، بمعزل عن المهام المطلوبة، ولذا يتصرف كل وزير على أساس ما وجده ينتظره فى وزارته، من بيروقراطيين عتاة، وتصورات مشوهة، وعلى ما فى رأسه هو من إدراك لطبيعة المطلوب منه.

ويجرى كل هذا وفق القاعدة المريضة التى تحكم عمل الوزارات فى مصر وهى أن كل وزير يعتقد أن كل من سبقه وما سبقه غير صالح برمته، فيبدأ من الصفر، ومن ثم يمضى تصريف السياسات بشكل متقطع، لا يحدث أى تراكم، ولا يعمّق أى خبرة، ولا يضيف أى شىء ذى بال يدفع هذه السياسات إلى الأمام، وذلك بدلاً من دراسة كل ما سبق، للوقوف على الإيجابى فيتم تعظيمه وتعزيزه، والسلبى فيتم استبعاده أو تغييره.

إن بلدنا، فى ظروفه العصيبة تلك، لا يملك ترف هذه العملية فى الاختيار، فلا البيروقراطيون قادرون على النهوض بشىء، ولا الأمن يعنيه مثل هذا النهوض بقدر ما يميل إلى الرجال الذين يقولون له: نعم، فى كل شىء، ومهما كانت الظروف، غير عابئين بالانحياز إلى ما هو صائب ينفع شعباً طال انتظاره من أجل أن تتبدل أحواله إلى الأفضل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوزارة من ذات المغارة الوزارة من ذات المغارة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab