«باب رزق»

«باب رزق»

«باب رزق»

 العرب اليوم -

«باب رزق»

عمار علي حسن

من الضرورى أن يوسع أى كاتب عالمه، وهذا لن يتم إلا بسعة الاطلاع وفق المبدأ الذى رسخه الأديب الكبير الأستاذ نجيب محفوظ، عليه رحمة الله، حين قال: «القراءة بلا حدود وفى أى اتجاه»، وأيضاً بالتأمل والاستبصار، وقبل هذا وذاك بتعميق الخبرة الحياتية المفتوحة على الجهات الأربع.

أقول هذا بمناسبة صدور روايتى الأخيرة «باب رزق» التى اعتقد قراء أنها ستأتى على منوال أعمالى الأخيرة التى نهلت من رافد «الواقعية السحرية» بشقه العربى الزاخر بالعجائب والغرائب، فوجدوها مختلفة، وسألونى عن هذا فى رسائل على «فيس بوك» و«البريد الإلكترونى»، بل تبلورت هذه الأسئلة أكثر فى حوار أجرته معى وكالة أنباء «رويتر»، خص منه الرواية الأخيرة ثلاثة أسئلة هى:

س: فى معظم رواياتك السابقة مثل (السلفى) و(شجرة العابد) وغيرهما اعتاد منك القارئ المزج بين الواقع والخيال، بين الأرض والسماء، لكن فى أحدث أعمالك (باب رزق) آثرت الواقعية الكاملة فى الشخصيات والأحداث فهل هذا عن قصد؟ وهل لذلك غاية محددة؟

ج: لا بد للكاتب أن يوسع عالمه وينوعه، وإلا سيسقط فى فخ التكرار، ويتآكل مشروعه الإبداعى بمرور الوقت. وهذا النوع من الواقعية الفجة ليس جديداً علىّ، ففى رواياتى الأولى «حكاية شمردل» و«جدران المدى» و«زهر الخريف» عالجت موضوعات من الواقع، وما أضيف إليها من خيال لم يكن بهدف صناعة السحر الذى ورد فى «شجرة العابد» و«جبل الطير» و«السلفى» إنما كنت أنهل من خبرة واقعية أضفتها إلى شخصيات، بعضها كان حقيقياً.

س: الرواية جاءت بلغة عربية فصحى.. فهل فكرت فى كتابتها باللغة العامية حتى تلائم أجواء الأزقة والحوارى أم أن اللغة لا تؤثر كثيراً على تواصل القارئ واندماجه مع الأحداث؟

ج: أميل إلى الكتابة بالفصحى دوماً ولا أستعمل العامية إلا للضرورة القصوى، وأحل هذه المعضلة أحياناً باستخدام الفصحى البسيطة، أو ما يسميها نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم: اللغة الثالثة. هناك قصص لى فى مجموعتى «عرب العطيات» استعملت فيها العامية، لكن وجدت فيما بعد أنه كان بوسعى أن أتجنبها فى أغلب المواضع، والوصول إلى روح السرد الشفاهى والتعبير عن البيئات الاجتماعية الهامشية لا يشترط التسليم باللغة المحكية فى تلك البيئات، لكن الأهم هو رسم السياق وإدراك جوهر هذه الشخصيات فى التعبير والتصرف، لا سيما أن الراوى فى «باب رزق» هو بطل الرواية، وهو شاب متعلم، يعد دراسات عليا فى الفلسفة، وبالتالى خلفيته التعليمية والثقافية ساعدتنى كثيراً على حل معضلة التعبير بألسنة المهمشين.

س: فى الوقت الذى لاحت فيه بارقة أمل لبطل الرواية فى الخروج من المستنقع الذى خاض فيه وكاد يعود إلى هدفه الأساسى والارتقاء بمستواه جاءت النهاية قاسية بعض الشىء ومفاجئة للقارئ فهل تراها كذلك أم هى نهاية طبيعية لمقدمات كل ما جرى له منذ قدومه للقاهرة وتل العقارب؟

ج: أعتقد أن نهاية البطل الكابوسية تتماشى مع مسار حياته، المفعمة ببؤس وقبح شديدين، ولم يكن بوسعى أن أضع بعض المساحيق على مصير تعس لأجعله مستساغاً، فبطل الرواية يصنع بهجته من تفاصيل صغيرة فى عالمه المقبض، رغم أنه دخل دائرة لا فكاك منها، وهذا خير تعبير عن حياة أمثاله ممن يعيشون فى العشوائيات والمقابر، إنه هنا أمثولة، أو نموذج للعيش فى مثل هذه البيئة الاجتماعية الصعبة.

فى الرواية، وباختصار شديد، يتحايل شباب حى عشوائى على التقاط أرزاقهم بطرق غريبة، ويحركهم كعرائس الماريونيت عجوز قعيد له فى المكر باع طويل. وسط هذا البؤس تولد قصة حب ناقصة، وصراع دامٍ ضد سارقى القوت والفاسدين فى جهاز الشرطة، لكن كل هذا لا يبدد آمالاً عريضة بالخروج من الأزقة الغارقة فى العوز إلى براح عالم زاخر بالنعمة والراحة. فى منتصف الطريق تتوالى المفاجآت لتحدد مصائر بشر متعبين، وتوزعهم على مصائر لا تخطر على بال.

 

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«باب رزق» «باب رزق»



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab