قاهر جديد للظلام

قاهر جديد للظلام

قاهر جديد للظلام

 العرب اليوم -

قاهر جديد للظلام

عمار علي حسن

كنت غاية فى السعادة والامتنان، وأنا أتابع الأخبار التى تتوالى عن مناقشة باحث كفيف لأطروحة دكتوراه فى كلية الإعلام، جامعة القاهرة، ليكون أول مصرى من فاقدى البصر يحصل على هذه الدرجة بنور بصيرته.

الباحث اسمه صابر حمد جابر حماد، ورسالته عنوانها: «دور الإعلام المسموع والمرئى فى التوعية بقضايا حقوق الإنسان لدى ذوى الإعاقة فى المجتمع»، وأشرفت عليها الدكتورة ابتسام أبوالفتوح الجندى الأستاذة بكلية الإعلام، وموضوعها تنبع أهميته من أنه يمس فئة عريضة من المجتمع الإنسانى، وهى متحدى الإعاقة، الذين يصل عددهم عبر العالم قرابة 650 مليون نسمة، من بينهم 55 مليون شخص فى الوطن العربى وحده وفقاً لتقديرات منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، وفى مصر تصل أعدادهم إلى نحو 15 مليون مواطن، وفقاً لبعض التقديرات الرسمية والأهلية، وتتنوع الإعاقات ما بين بصرية وحركية وذهنية وسمعية وقزامة وغيرها.

أطروحة د. صابر تتبعت وحللت قضايا حقوق الإنسان الخاصة بمتحدى الإعاقة، التى تبثها البرامج الموجهة لهم؛ من خلال المحطات الإذاعية والقنوات التليفزيونية الحكومية، وتحديد دور هذه البرامج فى توعية ذوى الإعاقة، وتأثيرها على اندماجهم فى العمل السياسى والاجتماعى، وقياس ثقافة القائمين بالاتصال فى تلك البرامج، فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، وقضايا المعاقين بشكل خاص، ودراسة واقع ذوى الإعاقة وقضاياهم السياسية والمدنية والاجتماعية فى المجتمع بصفة عامة.

ومن النتائج المهمة التى خلصت الدراسة إليها أن البرامج التى درستها اهتمت بالحقوق الاجتماعية والمدنية والثقافية للمعاقين، متمثلة فى الصحة والتعليم والأمن، بينما أهملت الحقوق السياسية، وأبرزت البرامج الجوانب الإيجابية لجهود الدولة والمجتمع المدنى، واتفقت مع التوجهات الرسمية للدولة.

لم يكتف د.صابر بالرصد والتحليل، إنما دعا، متعاطفاً مع ذويه، إلى إنشاء قناة فضائية خاصة بذوى الإعاقة، تهتم بقضاياهم، وتعمل على توعيتهم بكافة حقوقهم، وكذلك توعية المجتمع بهذه الحقوق. ودعا أيضاً إلى ضرورة استعانة كافة البرامج فى الإعلام الحكومى والخاص بمترجم بلغة الإشارة للصم، وطالب بدعم وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان لدى القائمين بالاتصال فى البرامج الخاصة بمتحدى الإعاقة، من خلال دورات تدريبية متخصصة، وتشجيعهم على العمل التطوعى فى المؤسسات الخاصة بذوى الاحتياجات الخاصة، الذين عليهم أن يشاركوا فى التعبير عن قضاياهم واحتياجاتهم، من خلال تخصيص مساحات لهم فى كافة وسائل الإعلام الحكومية والخاصة.

لقد اتصل بى د. صابر، كى أحضر المناقشة، لكنّ ظرفاً قاهراً حال دون هذا، وإن كنت قد تابعت أخبارها وأصداءها عبر الصحف طيلة الأيام الفائتة، وأسعدنى أن يكون هو أول باحث كفيف يحصل على الدكتوراه فى هذا الحقل العلمى، واستعدت به كل ما قرأته عن الطاقة الجبارة التى تسرى فى نفس الإنسان وعقله وذائقته، فإن اكتشفها تغلب بها على كل صعب، وذلل بها كل عسير، وتذكرت «طه حسين» الذى قهر الظلام، ووسّع بصيرته لتجعل منه أعظم المفكرين والأدباء والباحثين فى زماننا، فقد كانت مواهبه متعددة على قدر ما كان فى نفسه من رغبة فى تحدى إعاقته.

وأعتقد أن من الواجب أن يكون للدكتور صابر مكان فى أى من جامعاتنا، ليُدرِّس علم الإعلام، ويعطى مثلاً ناصعاً لأبنائنا من الطلاب على أن بوسع أى منهم أن يقتل اليأس ويكون ما يريد.

arabstoday

GMT 05:53 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

المقدِّمة ألغت الألعاب

GMT 05:49 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الآن أعينكم على نتنياهو

GMT 05:46 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

فى انتظار كامالا هاريس!

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

GMT 05:16 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

«المتحدة» واستعادة دولة التلاوة

GMT 04:44 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

القلم الذهبي... في البدء كانت الكلمة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قاهر جديد للظلام قاهر جديد للظلام



ميريام فارس بإطلالات شاطئية عصرية وأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:07 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

غارة إسرائيلية على أطراف بلدة مركبا فى لبنان

GMT 16:01 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

ارتفاع التضخم في أمريكا خلال يونيو الماضي

GMT 13:19 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

محمد ممدوح يكشف عن مهنته قبل التمثيل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab