رواية قيس ونيللي 22

رواية "قيس ونيللي" (2-2)

رواية "قيس ونيللي" (2-2)

 العرب اليوم -

رواية قيس ونيللي 22

عمار علي حسن

وفى رواية محمد ناجى الأخيرة «قيس ونيللى»، التى بدأ بها «مركز الأهرام للنشر» مشوار سلسلة تحمل اسم «روايات الأهرام» سرعان ما يواجه قارئها حقيقة موجعة، وهى أنه ليس فى رحاب قصة حب حافلة بالجمال والفرح، إنما أمام مجتمع متوحش يقبض على رقاب المحبين وأرواحهم، فلا يجدون ما يعينهم على مواصلة العشق، الذى ما إن يولد حتى يموت، وهى مسألة تعيّنت بالفعل بموت أحلام البطل الشاب، موظف التحويلة فى إحدى المؤسسات الصحافية الذى كان يتطلع ليكون صحافياً، وموت البطلة التى كانت تسعى لتصير ممثلة شهيرة، فخطفها المرض الخبيث فى ريعان شبابها، بعد أن أجبرها الفقر على أن تفقد شرفها فى لحظة عابثة، وقبل هذا موت الشيئين اللذين جذبا كلاً منهما للآخر فى بداية الحكاية، فستانها اللافت وبذلته الوحيدة التى يتبادلها مع شخصين آخرين يقطنان معه غرفة بائسة فوق سطوح وسط القاهرة، حيث اضطرا فى النهاية إلى بيعهما لتاجر ملابس قديمة، ليعلنا بذلك وفاة ما بينهما من عاطفة نبيلة لم تجد بيئة صالحة كى تنمو وتصنع لهما بهجة كانا يتسولانها على قارعة الزمن.

العنوان يشى بقصة حب سرعان ما يسرق الراوى منها الجمال والسعادة، ويوزعها على مسارات حياتية مفعمة بالفجيعة والوجيعة والأنانية والانتهازية والاستغلال والتطفل، تصنعها صحبة من العجائز تتوزع على مهن مهمة، قاض وكاتب وضابط ورسام، يديرون حواراً طيلة الوقت حول واقع صعب، ويصنعون وقت الرواية أو زمنها، حيث الغزو الأمريكى للعراق، والظلال الثقيلة التى يرميها على هذه الشخصيات، ومعالم الطريق التى يرسمها للشاب والفتاة فى تواطؤ خفى، فكما ضاع العراق ضاعا، علاوة على أن حوار هؤلاء يكشف جانباً من الفساد الاجتماعى والسياسى الذى تمدد فى شرايين المجتمع وأوردته، ووصل إلى نخاعه وخلاياه، وأورث من يتابعه عن كثب ويعانى منه كآبة مقيمة.

تنطوى الرواية على جاذبية شديدة، فما إن تبدأ فى قراءة عبارتها الأولى حتى تشدك فى نعومة إلى صفحاتها، ولا تدعك تفارقها حتى تنتهى منها، وأنت تتقلب بين غنائية وسخرية سياسية ومفارقات اجتماعية، تتتابع فى ثلاثة خطوط، الأول يرسمه الشاب والفتاة بعوزهما ومخاوفهما المبررة ولهفتهما على عيش حب حقيقى، والثانى تبينه التفاصيل التى تصنعها شخصيات تبتعد بمرور الوقت عن قلب الفاعلية والتحكم، لكنها تتوهم أنها لا تزال قابضة على أشياء مهمة، والثالث ترسمه ريشة الفنان التشكيلى الماركسى الذى تتتبع الرواية، عبر مقاطع متباعدة، لوحته الأخيرة، وتجعلها تتماشى مع كل ما يحدث له ولشخصيات الرواية من وقائع وأحداث.

بذا لا تختلف «قيس ونيللى» عن عالم محمد ناجى الذى تتحول فيه الأحلام الرومانسية البديعة إلى كوابيس حالكة السواد، وتنهار القيم الإنسانية أمام توحش مجتمعات الندرة الغارقة حتى آذانها فى المادية، أو المستسلمة تماماً لقسوة الحياة، ويهرب كثيرون إما فى أشياء تغيبهم عن واقع تعيس أو أساطير تخطفهم إلى عالم لا يجدونه بين أيديهم.

arabstoday

GMT 05:53 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

المقدِّمة ألغت الألعاب

GMT 05:49 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الآن أعينكم على نتنياهو

GMT 05:46 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

فى انتظار كامالا هاريس!

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

GMT 05:16 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

«المتحدة» واستعادة دولة التلاوة

GMT 04:44 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

القلم الذهبي... في البدء كانت الكلمة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية قيس ونيللي 22 رواية قيس ونيللي 22



ميريام فارس بإطلالات شاطئية عصرية وأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:07 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

غارة إسرائيلية على أطراف بلدة مركبا فى لبنان

GMT 16:01 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

ارتفاع التضخم في أمريكا خلال يونيو الماضي

GMT 13:19 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

محمد ممدوح يكشف عن مهنته قبل التمثيل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab