تعقيدات القضية الليبيبة 12

تعقيدات القضية الليبيبة "1-2"

تعقيدات القضية الليبيبة "1-2"

 العرب اليوم -

تعقيدات القضية الليبيبة 12

عمار علي حسن

لم تعد ليبيا دولة موحدة، لا على المستوى النظرى أو العملى، فالخلافات اللفظية الحادة والمريرة التى اندلعت بين المتنافسين السياسيين على مواقع التواصل الاجتماعى عقب سقوط القذافى سرعان ما انتقلت إلى الميدان، واختلط الحابل بالنابل، وفتح باب الحرب على مصراعيه، وتشابكت العوامل التى تدخل منه ولا تخرج، فى اللهاث وراء الثروة والسلطة والنفوذ، وصراع القديم الذى لا يريد أن يموت، مع الجديد الذى لا يجد فرصة كى يولد.

والخلاف والشقاق فى ليبيا غاية فى التعقيد، ومفتوح فى الجبهات كافة، فهناك صراع بين قوى البيروقراطية والمؤسسة الهشة القديمة من ناحية، وبين المؤسسات الجديدة التى ترتبت على ثورة 17 فبراير من ناحية أخرى، وهناك صراع بين الجيش الضعيف والميليشيات العديدة والمتوحشة، وهى مسألة لم ينهها ضم الميليشيات إلى قوات الجيش المكونة من 100 ألف عنصر، والأجهزة الأمنية المكونة من ضعف هذا العدد، فعلى الرغم أن عناصرها تتلقى رواتب منتظمة من الحكومة فإنها تُبقى على ولائها لميليشياتها الأصلية، وبالتالى تصبح قوات الجيش والأمن، التى يجب أن تكون الجهة الوحيدة التى تحتكر السلاح فى البلاد، مفككة من الناحية الواقعية، ويضرب صراع ضارٍ فى جنباتها بلا هوادة، وتدخل على الخط الصراعات القبلية التقليدية ومعها التنافس الجهوى فى بلد كان مقسماً من قبل إلى ثلاث ولايات. ويتداخل القتال من أجل حيازة الثروة النفطية مع ذلك الذى يرمى إلى تحصيل النفوذ وسط نعرة قبلية مستعرة. وهناك صراع أشد وطأة بين حاملى الأفكار الدينية المتطرفة التى لا تؤمن بـ«الدولة الوطنية» وتراها «رجساً من عمل الشيطان»، أو «بدعة»، وبين من يؤمنون بأن الدولة هى الكيان الاجتماعى والسياسى الجدير بالولاء.

وبينما لا تريد قوى ثورية وشريحة اجتماعية كانت مغبونة فى حكم القذافى لرموز نظامه أن يعودوا إلى الواجهة، ويطلقوا عليهم اسم «الأزلام» و«الطحالب» يصارع هؤلاء من أجل الحفاظ على مكتسباتهم بمن فيهم عسكريون وساسة وأفراد أمن ورجال مال وأعمال. وفى البداية حين لم تتمكن أى من القوتين من هزيمة الأخرى استعانت بقوة خارجية بغية تحقيق هذا الهدف، فاستعان القذافى بمرتزقة من بعض البلدان الأفريقية، واستعانت القوى الاحتجاجية بقوات حلف «الناتو»، وهذا التدخل الخارجى فتح نافذة واسعة أمام صراعات إقليمية ودولية على الساحة الليبية، الأمر الذى ألقى بظلال كثيفة على إمكانية فض هذه التشابكات الحادة تباعاً، أو إنهاك الأطراف إلى درجة اقتناعها جميعاً بأنه لا مناص من التفاهم، فالأموال والأسلحة التى تتدفق إلى الأراضى الليبية، وتذهب إلى ميليشيات بعينها تطيل أمد الصراع وتؤججه، وتضعف من فرص كل من يسعى إلى حلول سلمية للمعضلة الليبية.

واستمر هذا المسار فى الاتكاء على الخارج، فأخذت بعض الأطراف الداخلية تعتمد على أطراف خارجية فى تمويلها وتسليحها وتغذيتها بالأفكار والمعلومات وتوجيهها فى الساحة الداخلية وتوظيفها كورقة فى صراع إقليمى أشمل، يراد من خلاله لليبيا أن تكون نقطة انطلاق لخلق توتر دائم لكل البلدان العربية المجاورة لها، وخصوصاً مصر والجزائر. وهذا الوضع يدفع الدول المستهدفة بالقطع إلى أن تبادر إلى الدفاع عن مصالحها من الأراضى الليبية، عبر تقوية نفوذ ومكانة القوة الساعية إلى لملمة أشتات الدولة، وبناء جسور قوية معها، وتقصير أمد التطاحن الداخلى، فإن تعذر عليها هذا المسار والخيار ستعمل جاهدة على خلق ولاءات داخلية مضادة للتنظيمات والجماعات التى تستهدفها.

arabstoday

GMT 10:33 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

الرجل الذي زرع الكوفية

GMT 10:28 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

كأنهم خطفوا مقاعد الأحزاب !

GMT 10:22 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

تصعيد مجنون

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 09:57 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

رأس الجبل العائم

GMT 09:48 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

دفاتر الحيرة القومية

GMT 09:42 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

عاطف بشاي.. الساخر حتى آخر نفس

GMT 09:36 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

إحياء القدوة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعقيدات القضية الليبيبة 12 تعقيدات القضية الليبيبة 12



هيفاء وهبي تتألق في إطلالة مُميزة بصيحة البولكا دوت

القاهرة - العرب اليوم

GMT 08:00 2024 السبت ,31 آب / أغسطس

من جديد «صحوة البحر الأحمر»

GMT 08:04 2024 السبت ,31 آب / أغسطس

بئس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab