الهروب الكبير من الوزارة

الهروب الكبير من الوزارة

الهروب الكبير من الوزارة

 العرب اليوم -

الهروب الكبير من الوزارة

عمار علي حسن

يهرب كثيرون من تولى الوزارة فى مصر، وبلغ الهروب حدّ أن صار ظاهرة يستغربها الناس، لكن ما إن يُعرف السبب حتى يبطل العجب. وهذه المسألة ليس لها سبب واحد، إنما جملة أسباب تراكمت حتى صارت شيئاً مفزعاً ما إن يراه أو يتذكره الذين يتم الاتصال بهم ليصيروا وزراء حتى يولوا الأدبار، غير عابئين بشىء، ولا نادمين على ما فعلوه، بل إن بعضهم يرمى الوزارة كأنها كرة لهب، ثم يجلس يتنفس الصعداء.

قبل أكثر من عشر سنوات كتب الدكتور مصطفى الفقى، الدبلوماسى وسكرتير الرئيس حسنى مبارك لسنوات والكاتب والباحث، مقالاً فى صحيفة «الأخبار» عن «الاستوزار» عدّد فيه الفوائد الجمة التى يحصل عليها من يتولى الوزارة فى مصر، من قبيل المهابة والنفوذ والمال، وبدا ناعياً حظه لأن الدور لم يطله. الآن سقطت هذه الفوائد كأوراق الخريف، فلم يعد المنصب يضفى على صاحبه مهابة، والنفوذ لم يبق على حال القديم، أما أن يدر المنصب على صاحبه ثروة، مثلما كان يجرى فى الماضى، فذلك ما يفتح عليه باب جهنم، وقد يقوده مكبل اليدين إلى السجن.

فأى وزير يجد نفسه أمام رقابة ومساءلة ومتابعة لم يعتدها المسئولون فى مصر، وهى متابعة من الجهات الأربع، فالرئيس يستدعى وزراء ويسألهم عما يفعلون، ويطلب منهم أن ينجزوا مهما كانت الظروف والعقبات أو حجم الموارد المتاحة أمامهم. والإعلام عينه مفتوحة، إذ لا تخلو برامج المساء فى مصر من تناول أداء ومهام كل وزارة، ويا ويل من سقط فى زلة لسان أو قرار خاطئ أو فعل غير فطن، أو رد فعل غير مدروس، ستلوكه ألسنة المذيعين بلا هوادة ولا رحمة. والناس أصبحت عيونهم مصوبة وآذانهم مفتوحة حيال الوزراء، فإن وجدوا منهم إساءة لا يصمتون كما كانوا يفعلون فى الماضى، إنما يجهرون بالنقد اللاذع، ويردون الصاع صاعين، غير هيابين ولا محجمين، فالثورة ضد مبارك والإخوان كسرت حاجز الخوف عند الجميع. أما مواقع التواصل الاجتماعى فحدّث ولا حرج، إذ يتفنن الشباب فى السخرية من الكبار بتعليقات ورسومات وقفشات وعلامات، تنهمر كسيل عرم، ولا تحدها قيود من أى صنف. وأخيراً تأتى الأجهزة الرقابية، مثل الجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الإدارية والكسب غير المشروع ونيابة الأموال العامة، لتحصى وتفحص، بطريقة مختلفة نسبياً عن تلك التى كانت سائدة قبل ثورة يناير.

علاوة على هذا فإن عمر الوزارات فى مصر قد قصر بعد الثورة، فبعضها لم يعش سوى عدة أسابيع أو شهور، الأمر الذى يجعل البعض يحجم خوفاً من «الحرق السياسى» لأن المدة المتاحة له لا تمكنه من إظهار قدراته، ولذا يفضل هؤلاء أن يتريثوا لعل عين السلطة التى امتدت إليهم لا تبتعد عنهم فى مرات مقبلة، يكون فيها عمر الوزارة طويلاً، وبالتالى يتمكنون من أن يحققوا ما يريدون من فعل لافت، قد يؤهلهم للبقاء مدة أطول، أو يتم تصعيدهم فى الحياة السياسية الرسمية إلى مستويات أعلى. وهناك من يرى أن المساحة المتاحة الآن للوزير كى يُظهر قدراته الخاصة باتت ضيقة، فى ظل هيمنة مؤسسات تقليدية ترتبط بـ«الدولة العميقة» أو رئيس الدولة نفسه على القرار.

لكل هذا أحجم كثيرون عن الوزارة، ووجد المكلف بتشكيلها المهندس شريف إسماعيل صعوبات فى الاختيار، فاضطر إلى الإبقاء على بعض وزراء سلفه إبراهيم محلب أو الانتقاء من ذات السلة التى كان يلتقط منها أعضاء فريقه الوزارى، وهى مسألة تحول دون التجديد السياسى فى مصر فى ظل جمود النخبة الرسمية ودورانها فى المكان نفسه.

arabstoday

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 09:39 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

متى يخرج السيتى من هذا البرميل؟!

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 09:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 09:33 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 09:30 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهروب الكبير من الوزارة الهروب الكبير من الوزارة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab