أطفال داعش 22

أطفال داعش (2-2)

أطفال داعش (2-2)

 العرب اليوم -

أطفال داعش 22

عمار علي حسن

داخل حدود المناطق الشاسعة التى سيطر عليها تنظيم داعش الإرهابى فى العراق وسوريا يلتقى أطفال الغرباء مع نظرائهم من القرباء، ويخضعون لدروس فى التطرف تحت اسم على غير مسمى هو «المدارس القرآنية»، ليتلقوا أفكاراً تكفيرية، وبعدها يتم إرسالهم إلى معسكرات للتدريب على فنون القتال، ابتداء بإطلاق الرصاص الحى وانتهاء بذبح الدمى استعداداً لجز رؤوس البشر فيما بعد، وليس أمام هؤلاء الأطفال الضحايا من سبيل آخر بعد حرمانهم من الالتحاق بالمدارس العادية، التى يكفر الداعشيون مناهجها فى العلوم الإنسانية والطبيعية.

ويقول أحد مقاتلى داعش: «نطمح أن يكون هذا الجيل هو الذى سوف يحارب المرتدين والكفار.. إنه الجيل الذى سيحكم الدولة الإسلامية»، أما المتحدث باسم التنظيم فيقول: «الأطفال أقل من 15 سنة يخضعون لتدريب فى معسكر للشريعة حيث يتعلم العقيدة وأمور الدين.. وبعد 16 سنة يخضع الطفل إلى التدريب العسكرى ثم يمكنه أن يشارك فى العمليات العسكرية.. إن أسامة بن زيد قاد جيش المسلمين إلى الروم بتكليف من الرسول وعمره 17 سنة أو 18 سنة».

ويتسق هذا مع صناعة «إسلام تاريخى» حول الحروب التى اضطر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى خوضها من دفاعية إلى هجومية وأسماها غزوات حتى يبرر التوسع الإمبراطورى فى العصور الأموية والعباسية والعثمانية تحت اسم الفتح الإسلامى، مع أن «النص القرآنى» فى آيات القتال إن جُمعت على صعيد واحد، يجعل الحرب «عادلة» و«دفاعية» تقوم فى أساسها على «رد العدوان» فقط.

وقد بلغ استعمال «داعش» للأطفال حدّ الظاهرة، فلفتت انتباه المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة فأصدرت تقريراً أفادت فيه أن تنظيم داعش يدرب أطفالاً تتراوح أعمارهم بين 12 و13 عاماً عسكرياً فى الموصل، التى يقول شهود عيان بها، وفق ما أوردته مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية الشهيرة، إنهم قد شاهدوا أطفالاً مسلحين يحملون أسلحة بالكاد ويرتدون ملابس داعش السوداء ويقومون بدوريات أمنية. وأحياناً يتم إرسال الأطفال إلى ميادين القتال لاستعمالهم دروعاً بشرية فى الخطوط الأمامية ونقل دم للجرحى، وفق ما تفيد به بعض منظمات غير حكومية لرعاية الأطفال.

ومما يعزز فرص «داعش» فى تجنيد المزيد من الأطفال أن الصغار تأثروا إلى حد بعيد ببيئة الحرب والفوضى التى يعيشون فيها، وجعلتهم يحاكون المعارك باستخدام ألعاب قتالية من البلاستيك، وتقليد أدوار المسلحين، بل إن بعضهم يمسك الأسلحة الرشاشة والمسدسات والسيوف، وكأنهم مقاتلون محترفون.

وفى كردستان العراق مثلاً اخترع الأطفال «لعبة مطاردة تنظيم داعش»، حيث تلعب مجموعة دور مسلحى التنظيم، وأخرى تؤدى دور عناصر البشمركة، ووصلت اللعبة إلى حد أنهم نفذوا مشهداً يقلدون فيه داعش فى الرجم والإعدام بقطع الرأس. وقد استجابت السوق لطلب الأطفال فازدحمت بعرض ألعاب تحاكى المعارك ضد داعش.

واستغلال الأطفال فى المواجهات العنيفة والمسلحة ليست جديدة، فخلال حرب الخليج الأولى كان الخمينى يضع فى أعناقهم «مفاتيح الجنة» ويرسلهم إلى الجبهة لتفجير الألغام، وميليشيات أفريقية مسلحة طالما استعملتهم فى صراعاتها الدموية، ووجدنا جماعة الإخوان تجبر أطفالاً جلبتهم من دور أيتام على ارتداء أكفان مكتوب فوقها «مشروع شهيد» وتركتهم حتى ساعة اقتحام تجمع «رابعة»، وهناك جماعات متطرفة فى تونس تربى الأطفال على فكر متشدد داخل مؤسسات مغلقة لا تخضع لإشراف حكومى، وهذا يقود فى نهاية المطاف إلى صناعة إرهابيين.

لكن هذه الظاهرة الممقوتة اتسعت مع «داعش» فى خرق تام لتعاليم الدين الإسلامى ومبادئ حقوق الأطفال والقيم الإنسانية الخيّرة فى كل الأديان والمذاهب والفلسفات.

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال داعش 22 أطفال داعش 22



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab