محمد سلماوي
أكثر ما يلفت نظر المسافر إلى الخارج هو ذلك التناقض الصارخ بين صورتنا كما هى فى الداخل، وكما تبدو فى الخارج، وقد قادتنى الظروف خلال الفترة الماضية إلى كل من واشنطن ونيويورك وموسكو ولندن وباكستان لحضور مؤتمرات واجتماعات، فوجدت نفسى فى كل من هذه البلاد، بلا استثناء، محاطاً بصورة مغايرة تماماً لما نشهده فى مصر.
لن أخوض فى أسباب تلك الصورة المغلوطة، فأسبابها سياسية، قتلناها بحثاً، بعد أن أثبت نظام الإخوان خلال فترة حكمه القصيرة استعداده الكامل لخدمة المصالح الأجنبية فى تفتيت المنطقة، وإقامة شرق أوسط جديد، وفق تصور أمريكى معلن ومعروف.
لكن هل يكفى أن يناصب الغرب الوضع الحالى فى مصر العداء، بعد سقوط الإخوان، حتى يرى العالم كله مصر الجديدة من خلال عيون الغرب؟ وألا نتحمل نحن أيضاً بعض المسؤولية فى ذلك؟
هناك عدة حقائق ينبغى ألا تغيب عنا، أهمها أننا تكاسلنا فى إيصال وجهة نظرنا إلى العالم، ليس فقط إعلامياً، وهناك أجهزة رسمية هذه مهمتها، وإنما أيضاً سياسياً، فكيف يكون تقرير منظمة «هيومان رايتس ووتش»، ومقرها نيويورك، هو التقرير السائد فى العالم عن حال حقوق الإنسان فى مصر، بينما لدينا لجنة وطنية فى القاهرة شكلت لهذا الغرض، فحاربتها معظم أجهزة الدولة، أو لم تأخذ مهمتها مأخذ الجد، كما اتضح من شكوى رئيس اللجنة نفسه، القاضى الدولى فؤاد عبدالمنعم رياض؟!
إننا مقبلون على محاكمة قاسية فى جنيف ستبدأ قريباً داخل مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، حين يتم طرح موضوع «حقوق الإنسان فى مصر»، فماذا أعددنا لذلك؟ وكيف تبدأ مناقشة الموضوع دون أن نكون قد استبقنا الأحداث وملأنا العالم بوجهة نظرنا عن حقيقة الوضع فى مصر، آخذين فى الاعتبار الظروف القاسية التى تواجهها مصر فى حربها ضد الإرهاب الأسود، الذى يعتبر أكبر انتهاك لحقوق الإنسان، لكن لا يرد له ذكر فى تقارير المنظمات الغربية، هل نعلم أن الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية Iccpr تجيز للدول فى المادتين (8) و(10) منها أن تحيد to derogate عن الالتزام بحقوق الإنسان فى ظروف وطنية وأمنية معينة؟ هل تسلحنا بهذا الحق المنصوص عليه دولياً فى مواجهة من يتهموننا بانتهاك حقوق الإنسان؟