صراحة الملك سبقت شجاعة الأميرة

صراحة الملك سبقت شجاعة الأميرة

صراحة الملك سبقت شجاعة الأميرة

 العرب اليوم -

صراحة الملك سبقت شجاعة الأميرة

بقلم - بكر عويضة

متميزاً عن غيره من الأسقام، يثير مرض السرطان نوعاً من الخوف والحزن في الآن نفسه، فور تشخيص وجوده لدى أي شخص، يختلفان عمّا تثيره بقية الأمراض. الأغلب أن بينكم مَن مرّ بتجربة تعامل صعبة في هذا الخصوص، حين علم أن عضواً في الأسرة، أو أحد أصدقاء العمر، أو زملاء العمل، أُصيب بذلك المرض الخبيث تحديداً. منشأ الصعوبة راجع للحيرة في كيفية التعامل مع الشخص المُصاب، خصوصاً إذا كان، أو كانت، بين الأعزاء؛ أيكون الصواب عدم الحديث في الموضوع كلياً، أم الاكتفاء بالمواساة والتشجيع على خوض المعركة بتحدٍ وإيمان بإمكانية الشفاء، إلى غير ذلك من ظواهر الحيرة. سبب ذلك معروف أيضاً، فكلمة سرطان في حد ذاتها، اعتاد الناس على ربطها ببدء العد التنازلي للحياة، ومِن ثم الاستعداد لتقبل الموت بوصفه النتيجة الحتمية لبدء الخلايا السرطانية افتراس جسد ضحيتها ببطء، أو بأسرع من المُتوقع إذا تمكّنت من الانتشار سريعاً في أنحاء البدن كافة.

أكاد أعتذر لقارئات وقراء مقالتي هذه، لما قد يكون أثاره تخصيصها لموضوع مُكئب كهذا من تأفف، أو ضيق، لكنني سوف أستعين بالمثل الشجاع الذي ضربته الشابة كيت ميدلتون، أميرة ويلز، حين أعلنت مساء الجمعة الماضي أنها مصابة بأحد أنواع السرطان، وأنها بدأت تلقي العلاج الكيميائي المانع لانتشار الخلايا السرطانية. الملك تشارلز الثالث نفسه سبق الأميرة كيت - اختصار اسمها كاثرين- عندما صارح رعيته، والعالم كله، يوم الخامس من فبراير (شباط) الماضي بأنه بدأ العلاج من السرطان إثر تشخيص إصابته بالمرض. هل من الجائز الافتراض أن إقدام عاهل المملكة المتحدة، على مصارحة عوام الناس كلهم، وليس الخواص منهم فحسب، بشأن إصابته بالسرطان، شجّع أميرة ويلز الشابة على التماهي مع شجاعة الملك؟ نعم، ذلك افتراض جائز تماماً، لكنه ليس بالضرورة السبب الوحيد للشجاعة التي تحلت بها أميرة ويلز حين اتخذت قرار البوح بمرضها الخطير.

الأرجح أن عدداً من الأسباب أسهم في دفع كل من الأميرة كيت، والأمير ويليام، في اتجاه الإقدام على التصريح علناً بخضوعها للعلاج من مرض السرطان. أحد أوضح تلك الأسباب طبيعة عصر ثورة المعلومات من جهة، والتلاحم غير العادي من جهة ثانية، القائم بين منصات التواصل الاجتماعي، وبين أجيال الشباب بشكل خاص، في العالم كله، ومن مختلف الثقافات، فهو تلاحم عابر لكل القارات، ومقتحم لكل الطبقات الاجتماعية، لا يفرق بين غني وفقير، ولا بين مسؤول كبير ومجرد خفير. إزاء واقع مثل هذا، وبفعل تأثير طغيان الإعصار الحامل اسم «سوشيال ميديا»، وسرعة انتشار كل خبر يُتداول عبر المواقع التي تخضع لصولجان هيمنته، بصرف النظر عن الصدق أو الزيف والادعاء، تعرّض ويليام وكيت خلال الشهرين الماضيين لأمواج من حملات تشكيك لم تنجُ منها حتى علاقتهما بوصفهما زوجين، وبات من الأفضل لهما قطع الطريق على محاولات المساس بهذا الجانب تحديداً، عبر الكشف لكل الناس عن تشخيص وجود مرض السرطان لدى كيت.

إضافة إلى ما سبق، مهم التذكير أن كل متابع لتميز الحضور العام لكل من أمير وأميرة ويلز، يعرف منذ ظهور علاقتهما صديقين إلى العلن، خلال زمالتهما بوصفهما طالبين في جامعة سانت أندروز، وقبل زواجهما، كم أنهما قريبان جداً من عموم الناس دائماً، ولذا لم يكن غريباً أن يشكل نبأ يوم الجمعة الماضي صدمة في بريطانيا كلها، بل وخارجها أيضاً. وفي عودة إلى مدخل المقالة، يبقى القول إن شفاء الأميرة كيت التام، بات ممكناً في ضوء التطور الحاصل في علوم الطب عموماً، وهو ما نتمناه لها، ولملايين غيرها يعانون، بصمت وخوف، آلام السرطان في مختلف أنحاء العالم.

arabstoday

GMT 01:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الثالثة غير مستحيلة

GMT 00:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 00:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 00:33 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

بريطانيا... آخر أوراق المحافظين؟

GMT 00:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراحة الملك سبقت شجاعة الأميرة صراحة الملك سبقت شجاعة الأميرة



GMT 14:01 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 العرب اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 07:17 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

جامعات أمريكا وفرنسا

GMT 07:22 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 07:28 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 01:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الثالثة غير مستحيلة

GMT 00:33 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

بريطانيا... آخر أوراق المحافظين؟

GMT 07:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 00:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 14:01 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 00:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 07:21 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نجح الفنان وفشل الجمهور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab