نكبة مستمرة وقضية مُختطفة

نكبة مستمرة... وقضية مُختطفة

نكبة مستمرة... وقضية مُختطفة

 العرب اليوم -

نكبة مستمرة وقضية مُختطفة

بقلم - بكر عويضة

تحت عنوان «النكبة المستمرة»، دعت بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في بريطانيا، ومجلس السفراء العرب، إلى فعالية تلتئم مساء اليوم في إحدى قاعات لندن قرب مجلس العموم البريطاني. يلقي كلمة اللقاء الرئيسية الدكتور حسام زملط، سفير فلسطين، الذي أسهم بجهد لفت الأنظار في شرح وجهة النظر الفلسطينية، وحظي بإعجاب معظم من تابع حُمى ما اندلع على شاشات التلفزة، ومحطات الراديو، في بريطانيا، من نقاشات حامية الوطيس منذ وقوع غزوة «طوفان الأقصى»، واندلاع حرب بنيامين نتنياهو، وما يُسمى «جيش الدفاع الإسرائيلي»، على شعب قطاع غزة. إنها الحرب التي انقلبت وبالاً على إسرائيل ذاتها، بعدما استفزت في وحشيتها العالم أجمع، إذ رأى الناس بأعينهم وسمعوا بآذانهم، كيف تبيد قوات واحد من أقوى جيوش العالم عتاداً جموع مدنيين عزل، ليس لهم من حول، ولا لهن من قوة، فتدفع بهم وبهن في موجات تهجير قسري من الشمال إلى الجنوب، بدءاً، ثم من رفح جنوباً إلى المواصي في الوسط، الآن، والأرجح أن كل هذا التوحش، الذي جاوز كل مدى، لم يزل في أول المشوار.

إحياء الذكرى تحت عنوان «THE ONGOING NAKBA»، بلغة الإنجليز، وفي القاعة المركزية بقلب «ويستمنستر»، حي مركز تشريع واتخاذ القرار البريطاني، اختيار يضع، بشكل لافت للنظر، أصبع التاريخ على واحد من أهم مراكز صنع النكبة في مطابخ مؤامرات تقسيم النفوذ العالمية. أقول هذا، مع افتراض احتمال أن واضعي العنوان أنفسهم ربما لم يخطر ببالهم هذا الأمر في الأساس. حقاً، ليس من جديد يُضاف إذ يُقال إن الحكومات البريطانية، باختلاف أطيافها السياسية، طوال فترات ما قبل الحرب العالمية الأولى، وصولاً إلى وضع الحرب الثانية أوزارها، تتحمل النصيب الأكبر من المسؤولية إزاء كل الذي تمخض على أرض منطقة الشرق الأوسط عموماً، وفلسطين خصوصاً، من مصائب، ونكبات، وحروب دفع باهظَ أثمانها بشر أبرياء ينتمون إلى مختلف الأعراق، والأجناس، والثقافات، لمجرد أن سوء حظ أغلبهم شاء أن يكونوا من شعوب هذا الجزء تحديداً من العالم، حتى لو أن أحداً منهم، ومنهن، لم يُستشر بأي قرار سلم، أو حرب، وإنما فُرض عليهم، وعليهن، الانسياق وراء متخذي القرارات بلا قيد، أو شرط.

أين العجب، إذنْ، إذا قيل إن نكبة الخامس عشر من مايو (أيار) التي تبلغ من العمر ستة وسبعين عاماً اليوم ليست فحسب مستمرة، بل، وهذا أسوأ حقاً، هي متجددة أيضاً، ترتدي بين كل حين وآخر ثوباً مختلف التصميم عن ثوب خلعه، بعدما ملّ منه، زعيم كان يلبسه كي يظهر به أمام الملأ، كي يدغدغ باسم فلسطين أحلامهم؟ ليس من عجب إطلاقاً، إنما يثير العجب فعلاً أن ترث قيادات أحزاب، وتنظيمات، ودول، وحكومات إرث زعماء أنظمة فشلت في كل ما أعلنت من شعارات تحرير من نوع «من النهر إلى البحر»، مثلاً، ثم إنها تبيع هذا الإرث المغشوش لجماهير العوام التي تقبل العوم بأي بحر، والتي يبدو أنها مستعدة لأن تلبس أي ثوب، بصرف النظر عن نسيج القماش، وواضح أنها عطشى لشرب الماء، حتى لو أنه ملح أجاج. كيف، إذنْ، والحال هكذا، لا تستمر نكبة شعب فلسطين، وقد تولى أمرها قادة وضعوا مصالح أحزابهم، وأجندات تحالفاتهم، قبل غيرها، طوال السبعة عقود الماضية؟

صحيح أن نكبة فلسطين بدأ تنفيذها قبل إنشاء إسرائيل الدولة بخمسين عاماً في مؤتمر بازل الصهيوني بسويسرا عام 1897، إنما من الصحيح القول أيضاً إن قضية شعبها العادلة اختطفها مُتاجرون بها من كل الألوان، والرايات، داخل فلسطين وخارجها، وهي لم تزل مُختطفة حتى الآن، والأرجح أن تبقى كذلك إلى أجل غير معلوم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نكبة مستمرة وقضية مُختطفة نكبة مستمرة وقضية مُختطفة



ميريام فارس بإطلالات شاطئية عصرية وأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:07 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

غارة إسرائيلية على أطراف بلدة مركبا فى لبنان

GMT 16:01 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

ارتفاع التضخم في أمريكا خلال يونيو الماضي

GMT 13:19 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

محمد ممدوح يكشف عن مهنته قبل التمثيل

GMT 13:16 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

عمرو سعد يكشف تفاصيل عودته الى السينما
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab