الثقافة الجنسية في المدارس

الثقافة الجنسية في المدارس

الثقافة الجنسية في المدارس

 العرب اليوم -

الثقافة الجنسية في المدارس

بقلم : حلمي الأسمر

قلنا إن حياة البشر في هذا العصر تتحوسب على نحو متسارع، بما في ذلك عواطفهم وأسرهم وتجارتهم وفنهم وأدبهم وعلمهم وصحتهم، وحتى عملهم، وكل شيء من تفاصيل يومياتهم، ومع الحوسبة، ثمة عولمة لا تهدم الحواجز بين الدول، بل بين غرفة وأخرى في بيتين في قارتين!

ثمة أسر تكونت عبر الانترنت، ولطالما قرأنا وسمعنا عن زيجات تمت عبر الشبكة العنكبوتية، ويبدو أن هناك اهتماما متزايدا من قبل طالبي الزواج للبحث عن شريكة الحياة في «غرف الدردشة» وعلى المواقع التي تتيح لكل «نصف» البحث عن نصفه الاخر.

أكثر من ذلك ثمة مواقع عربية إسلامية، تتيح للمتصفح الاطلاع على أدق التفاصيل في حياتنا، وفق رؤية أخلاقية متطورة منفتحة على مصراعيها للحياة بكل خصوصيتها وسخونتها!

حوسبة العلاقة الانسانية الخاصة بين البشر بكل حساسياتها، يفتح الباب مجددا للهمس الصارخ الذي يدور حول مشكلاتنا الاجتماعية التي لا نتحدث عنها علانية، بل بصوت مخنوق مكتوم او لا نتحدث أبدا، فيما هي تلتف على رقابنا وأرواحنا بأذرع اخطبوط عظيم يكاد يخنقنا ويقتل فلذات اكبادنا ونساءنا ورجالنا وحتى شيوخنا، منذ سنوات كتبت في هذا المكان عن زواج «المسيار» وعديد من أنواع الزواج «الجديدة» التي ابتدعها العقل الجمعي المحروم، وفي كل مرة كنت أفاجأ بحجم ردود الفعل التي يثيرها هذا الموضوع، والاهتمام الذي يلقاه، وإن اتخذ كل هذا شكلا غريبا من التعبير انصب على شكل هواتف من شرائح مختلفة من القراء والقارئات يتحدثون همسا على استحياء، ولكن بشغف بين سائل مستفسر ومستهجن راقت له الفكرة إلا ان حياءه (أو حياءها!) منعه من الصراخ فرحا وهو يقول «وجدتها وجدتها»!

موضوعات الزواج والحب، والعلاقات الأسرية بين الزوج والزوجة، والأبوين وأبنائهما والأبناء فيما بينهم، موضوعات خطيرة وينبني عليها استقرار المجتمع برمته، ومع ذلك لا يزال الحديث فيها مغلفا بكثير من الرهبة والتحفظ خاصة في الاوساط المحافظة والملتزمة ولكم اهدرت حياة امرأة او رجل او فتاة ومضى عمره او عمرها وهم حبيسو اوهام او معتقدات خاطئة او أساطير، مع ان هناك حلا لكل مشكلة، ولم يخلق ربنا عز وجل البشر لتعذيبهم، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا، بل ثمة على الدوام كوة للفرج، ومندوحة للخلاص، ولكن الكارثة هنا اننا مطالبون بالاعتذار منذ مرحلة ما قبل البلوغ عن اعضائنا ونموها، وعواطفنا وتأججها، ودقات قلوبنا وأوارها واشتعالاتها، فيستبد بنا الحرمان، وتلجأ الطبيعة المكتومة لاجتراح طرق ملتوية للتعبير عن ذاتها، وهنا تقع الكارثة، مع ان الاولى شق طريق علني ومهندس جيدا لهذه الطبيعة حتى تسير فيه سلسة طيّعة راضية مرضية لا تضاد الفطرة السليمة!

قبل فترة نشر كتب الدكتور هاني جهشان،  مستشار الطب الشرعي، مداخلة على فيسبوك تحدث فيها عن ضرورة تعليم الثقافة الجنسية في المدارس، لأن النشاط الجنسي –كما يقول- مُكون طبيعي للحياة البشرية يستوجب التعامل معه بالمعرفة العلمية المنضبطة، وبالمرجعية الأخلاقية والدينية السائدة، وبالتالي تهدف هذه الثقافة لحماية الفرد الأسرة والمجتمع. المكونات الرئيسية للثقافة الجنسية تشمل المحاور الجسدية والنفسية والاجتماعية للنشاط الجنسي وللصحة الإنجابية بحيث يتم توصيل معلومات علمية حقيقية مقبولة اجتماعيا وتضبط سلوك الطلاب في بيئة الأسرة والمدرسة وعموم المجتمع، وقال إن الأدبيات العلمية أثبتت أنه لا يوجد أية فائدة من المبادرات العشوائية بتزويد الطلاب بمعلومات متعلقة بالثقافة الجنسية في مناهج علم الأحياء أو بدروس إضافية متناثرة، وإنما يتوجب على الدولة القيام ببرنامج وطني قائم على المرجعية الطبية العلمية والمرجعيات الاجتماعية والأخلاقية الدينية السائدة بالمجتمع.
أضم صوتي لهذا الرأي، وننتظر مبادرات وزارة التربية والتعليم، في عهد وزيرها المميز.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثقافة الجنسية في المدارس الثقافة الجنسية في المدارس



GMT 05:44 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

«إفطار المحبة»... من حكايا دفتر المحبة (٣)

GMT 04:16 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

هدايا «عيد الأم»

GMT 09:03 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

البابا شنودة... من حكايا المحبة (٢)

GMT 05:12 2023 الجمعة ,18 آب / أغسطس

هل للطفل مطلق الحرية ؟

GMT 14:47 2023 الخميس ,20 تموز / يوليو

كلماتك الإيجابية أعظم أدواتك

GMT 11:40 2023 الأربعاء ,17 أيار / مايو

كبار السن بين الألم و الأمل

GMT 09:39 2023 الأحد ,05 شباط / فبراير

وما أدراك ما أشباه الرجال!

الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab