جمهورية العراق الروائية

جمهورية العراق الروائية

جمهورية العراق الروائية

 العرب اليوم -

جمهورية العراق الروائية

بقلم الروائي وارد بدر السالم

العصر الأدبي العالمي اليوم هو عصر الرواية بلا منازع، وقد تعددت المصادر المعرفية لروايات القرن الحادي والعشرين حينما خرجت عن أطرها التقليدية فامتزجت فيها العلوم والمعارف والفنون وتقانات الحداثة بكل ما فيها من مفاهيمي جديدة ذات صلة بالنوع الإبداعي والخلق الراقي، ولم يعد هناك حاجز فني يعيق الكتابة الروائية، ولا شرط قديم يقنن النوع الأدبي في استرسالاته الجديدة ومفاهيميته المستحدثة من روح العصر بعمليته الفذة وثقافته المتجددة.

بل ابتكرت رؤى فنية جديدة في سرديات الكتابة ساهمت على نحو واسع في إثراء المشهد الروائي العالمي، وتحوّله من قوالب ومحطات معروفة إلى انفتاحات جمالية أكثر تعبيرا والتصاقا بواقع عالمي شامل، يخوض الحياة بطرق مختلفة ومتعددة في جيوب الاقتصاد والسياسة والديمقراطيات العسكرية والحروب والمتغيرات المعروفة في بُنى المجتمعات وهيكليتها الجماعية في عصر إلكتروني وعلمي سريع التطور.
هذا الانفتاح الواسع على فرشة الكتابة في سرديات الرواية الجديدة خلق معه جيلا أقل ما يقال عنه إنه جيل استسهل مثل هذا التحول، فأصابته عدوى الكتابة جريا وراء الموضة الكتابية التي تبشّر بعصر روائي عريض انتاب الثقافة العالمية، بوصف تبسيطي يرى أن الرواية هي ملحمة العصر وهي الأكثر قدرة على تمثل مثل تلك المتغيرات الحاسمة في بنية العالم.

ومن هذه الزاوية التي نحصرها في السرد الروائي نشأ جيل في العالم العربي من كتبة الرواية، لا يمكن أن نحيط باتساعه وتمدده، وظاهر الأمر هو حالة ثقافية صحية تشير إلى الكثير من إيجابيات الخروج من الهامش إلى المتن، لكن الحاصل هو غير هذا بلا شك، ففي العراق مثلا صدر خلال 13 سنة ما يقارب الـ600 رواية أو يزيد على ذلك، وهو رقم خيالي لا يمكن تصديقه في الحال، لكننا نصدقه ببساطة لأن الانفتاح الثقافي الجديد أعطى مؤشرات كثيرة للخروج إلى المتن الثقافي بغياب سلطة نقدية وتقاليد ثقافية في فوضى الكتابة المجانية التي لم تكرّس أهميتها حتى اليوم، لكنه نزوع شخصاني وراء الموضة الروائية وحُمّاها التي اجتاحت العالم. وهو نزوع ربما له ما يبرره في بعض الأحيان ولكن ليس التبرير دائما هو نقطة الخلق الإبداعي.

الأمر نفسه ينسحب عربيا بشكل عام، ففي جائزة عربية معروفة وصل عدد الروايات المشاركة ،المطبوعة والمخطوطة- ما يقارب الـ1000 رواية وهذا رقم رسمي لا يمكن التشكيك فيه، لكن يمكن التشكيك في المنجز الإبداعي لعموم المشاركات، فهذا العدد الكبير يعني أن الأمة العربية أنتجت 1000 روائي في سنة واحدة، ويعني أن الحياة الثقافية بخير مع أن الرواية العربية في كل تاريخها الإبداعي لم تنتج مثل هذا العدد على مدى أجيال متعاقبة.

لن أتوسع في الأمثلة المتراكمة عربيا وأحصرها نسبيا في جمهورية العراق الروائية، التي سال لعاب كتّابها روائيا، فانشغلت مطابع بيروت وبغداد ودمشق والقاهرة بالطبع اليومي لروايات عراقية بـ"الريزو" والاستنساخ والطبع المتقدم أيضا، لأسماء أغلبها لم نسمع به، لكنها موضة الرواية التي سحبت إليها الشعراء والهواة لتشكيل جمهورية عراقية روائية، قد نباهي بها لاحقا أقراننا من الدول العربية الذين يشهدون مثلنا زخما سرديا لا قرار له.

قبل أيام قليلة قدّم أحد الروائيين الجدد روايته الجديدة وكنت أستمع إليه وهو يقول "كتبتُ هذه الرواية وأنا لم أقرأ رواية واحدة في حياتي!".
وعلى هذا علينا أن نقيس كيف سيصبح حال جمهورية العراق الروائية مستقبلا وماذا سينتظرها؟

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمهورية العراق الروائية جمهورية العراق الروائية



GMT 13:11 2016 السبت ,30 تموز / يوليو

بنات لالش

الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab