راتب تقاعد للبيع

راتب تقاعد للبيع

راتب تقاعد للبيع

 العرب اليوم -

راتب تقاعد للبيع

بقلم - النائب السابق خلود الخطاطبة

قضى عمره وهو يكافح في الحياة على مدى 30 أو 40 عاما في وظيفته، ليستحق راتبا تقاعديا من الضمان الاجتماعي ليعينه على نوائب الدهر والشيخوخة معا، لكنه يضطر إلى بيع هذا الراتب لمدة محددة أو طوال فترة استحقاقه للراتب، مقابل مبلغ مالي أقل بكثير من القيمة الإجمالية لرواتبه، لكن الميزة بان المبلغ يدفع له دفعة واحدة.

أخر ما تفتقت عنه ذهنية المواطن الأردني الفقير هو بيع تقاعده، ليواجه التحديات المعيشية له ولأسرته، بعد أن استنفذ كافة الطرق والقنوات التي يمكنه من خلالها الاستدانة لسداد إيجار منزل أو لتأمين قسط لطالب جامعي، أو حتى ليأكل هو وأسرته، وكل هذا تؤكد الحكومات المتتالية بان الإجراءات الاقتصادية لن تمس الطبقتين الوسطى والفقيرة.

الإجراءات الحكومية على مدى سنوات برامج التصحيح الاقتصادي مست بشكل أساسي الطبقتين الوسطى والفقيرة، وعلى الأخص ضريبة المبيعات التي يتم تحصيلها عن كل شيء من المستهلك النهائي وهو المواطن، وبالتالي فان التاجر لم يمس، وأسعار المحروقات التي ترفع شهريا أو تثبت ولكن لا تخفض، لا تمس إلا الفقراء والموظفين، فالتاجر وصاحب المصنع لن يتورع برفع سعر أي سلعة لتعويض فارق أي رفع في أسعار المحروقات من جيوب المواطنين.

رفع ضريبة الدخل على أصحاب العقارات وشركات الإسكان والمصانع والبنوك، لن يؤثر أيضا إلا بالطبقتين الفقيرة والمتوسطة كون الشركات سترفع سعر العقار لتعويض الفارق، ومؤجر المنزل سيرفع سعر الإيجار على المواطن الذي يتحمل بالنهاية كلفة الرفع، والبنوك ستضغط لرفع نسبة الفائدة على تعاملاتها الشخصية والتجارية، كما يحدث حاليا.

الا تدرك الحكومات بأن المظاهر في تغير البنية الاجتماعية الأردنية سببها بشكل رئيس انهيار الطبقة الوسطى، إلا تعلم بأن 25 الف طالب نقلتهم أسرهم (من فلول الطبقة الوسطى) من مدارس خاصة العام الحالي إلى المدارس الحكومية التي بدأت تعاني جراء هذا الضغط الهائل، الا تدرك أيضا بان حجوزات البنوك على منازل وبيعها بالمزاد العلني تعود لفلول الطبقة الوسطى، والا تعلم بان من أضحوا يبيعون رواتبهم التقاعدية هم من فلول الطبقة الوسطى.

عندما يصبح الأردني غير قادر على دفع قسط جامعي لابنه، وغير قادر على تسديد إيجار منزله، وغير قادر على ملاحقة فواتير الكهرباء والمحروقات، فانه بالضرورة سيفكر بابتكار طرق يستطيع من خلالها تأمين حاجته، وعندما لم يتبق له سوى راتبه التقاعدي فانه سيبيعه بلا ادنى تفكير لأي شخص يمكن أن يساعده بالخروج من المأزق، فأين حماية الطبقة الوسطى؟.
الحكومة مدعوة إلى التفكير مليا قبل إقرار أي إجراءات في طريقها إلى "التصحيح" الاقتصادي، وان تضمن أن إجراءاتها  لن تقترب نهائيا من المواطن المتهالك، وان تعمل على ضبط السوق تماما في مواجهة أية تحركات للقطاع الخاص لتحصيل الضرائب الجديدة من جيوب المواطنين، وان تتفادى كارثة اجتماعية في حال استمرار مواطنين ببيع أخر ما يملكوه "رواتبهم التقاعدية" لأنه لن يتبق لهم أي شيء مستقبلا ليبيعوه أو يأكلوا منه، ولن يتمكنوا من اللجوء إلى صندوق المعونة الوطنية لأنه حسب الوثائق يملكون رواتب تقاعدية لكنها "مباعة" أو "برسم البيع".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

راتب تقاعد للبيع راتب تقاعد للبيع



GMT 10:32 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

أعلنت اليأس يا صديقي !

GMT 14:36 2022 الأحد ,13 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:09 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 20:31 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 06:57 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس النواب وتحد مقبل

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab