ستطرح الأمم المتحدة مقاربة جديدة لمعالجة أزمة اللاجئين السوريين وذلك خلال المؤتمر الدولي الثالث للمانحين لدعم الوضع الانساني في سوريا والذي تستضيفه دولة الكويت في 31
مارس الجاري في محاولة اضافية لتلبية الاحتياجات متعددة الأبعاد للاجئين السوريين.
ويأتي هذا المسعى الجديد في ظل افتقاد الأمم المتحدة للموارد الكافية لتمويل الحاجات المختلفة للشعب السوري الذي بات معظمه إما مشردا داخليا أو لاجئا في الدول المجاورة منذ اندلاع
النزاع في بلاده بشهر مارس 2011.
وفي هذا السياق ولضمان حصولها على الأموال التي ستطالب بها خلال المؤتمر المعروف باسم (الكويت 3) وتصل قيمتها الى 4ر8 مليار دولار أطلقت المنظمة الدولية كلا من خطة
الاستجابة الاقليمية للاجئين السوريين 2015-2016 وخطة المثابرة الثالثة من أجل وقف معاناة اللاجئين السوريين في المجتمعات المضيفة بالدول المجاورة على المستويات الإنسانية والإنمائية.
ودخل الصراع السوري عامه الخامس في ظل عدم وجود أي حل يلوح في الأفق ما تسبب في ما بات يعرف ب"تعب المانحين" الأمر الذي أثار مشاكل اجتماعية تتخطى الاحتياجات
الإنسانية حيث اصبح اللاجئون السوريون يعانون من الشح في مواردهم المالية ويفتقرون بالتالي لعدد من وسائل البقاء فيضطرون لبيع ممتلكاتهم الأساسية فيما تلجأ الفتيات الى الزواج المبكر.
وعن هذه المسائل تحدث المنسق الفرعي للتنمية الاقليمية الخاص بالأزمة السورية في برنامج الأمم المتحدة الانمائي غوستافو غونزاليس لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) فقال "نحن قلقون جدا
لأنه خلال أربع سنوات من الأزمة لم يعد التحدي يتمثل فقط في حل النزاع ولكن في الطريقة التي نعالج فيها تأثيرات الأزمة".
وأضاف غونزاليس "نتوقع أن تعمل خطة المثابرة الثالثة وخطة الاستجابة الاقليمية للاجئين السوريين على جمع شركاء التنمية حول الطاولة لمعالجة هذه الأزمات".
وخطة المثابرة الثالثة مكرسة لمساعدة اللاجئين السوريين في خمس دول مجاورة هي لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر والتي تستضيف مجتمعة نحو 3ر3 مليون سوري في حين ان
خطة الاستجابة الاقليمية لسوريا تهدف لمساعدة نحو 5ر6 مليون نازح داخلي.
وأشار الى ان "هناك نوعا من الصدمة الديموغرافية الضخمة في الدول المجاورة ساهمت في تأجيج التنافس على الوظائف والحصول على المياه والسكن وشراء الأراضي".
وأعرب غونزاليس الذي قام بزيارة الى الكويت يومي الأربعاء والخميس من هذا الأسبوع عن أمل الأمم المتحدة في أن يتمتع المانحون بالسخاء خلال المؤتمر الثالث حيث ستوجه نداء
لجمع ما يقارب 4ر8 مليار دولار منها 5ر5 مليار دولار للاجئين في دول الجوار و9ر2 مليار دولار للنازحين الداخليين.
وكشف عن انه سيتم تقديم وثيقتين خلال المؤتمر إحداهما خطة الاستجابة 2015-2016 فيما ستقدم الدول المجاورة وثيقتها الى المؤتمر الأكبر الذي تنظمه الأمم المتحدة للأزمة السورية
تذكر فيها مطالباتها علما بأن الكويت استضافت المؤتمرين الاول والثاني عامي 2013 و2014 وخرجا بإجمالي تعهدات بلغت قيمتها نحو 9ر3 مليار دولار منها 800 مليون دولار قدمتها دولة الكويت.
ورأى ان مؤتمر الكويت الثالث يتعلق بالشراكة لافتا الى ان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية
(اوتشا) قاموا بتعبئة المجتمعات الإنسانية والإنمائية للتأكد من أن المؤتمر سينجح في ضمان موارد إضافية.
واعتبر غونزاليس "ان مؤتمر الكويت الثالث مهم في حد ذاته لأنه سيشكل علامة فارقة اذ ان المشاركين سيناقشون ما يتجاوز (الكويت 3) فالعديد من الجهات المانحة تحاول الجمع بين الأمن والإنسانية والتنمية في احتياجات اللاجئين".
وأضاف "أكثر من ذلك حيث ان المجتمع الدولي يقر بأن هذه الأزمة طال أمدها واستمرت أكثر من المتوقع وبالتالي نحن بحاجة لنهج مختلف وأداة تمويل جديدة تعمل بطريقة مختلفة على الأرض وتستخدم الموارد بشكل أفضل".
وأوضح المسؤول الأممي "ان ما هو جديد في (الكويت 3) هو أنه سيكون لدينا للمرة الاولى مؤتمر تعهدات بنهج جديد إذ ان هناك فهما عاما بأن الأزمة السورية ليست مجرد أزمة إنسانية بل هي أزمة تنمية نتيجة المستوى الهائل من الدمار الذي تعرضت له سوريا وأعادها 40 عاما الى الوراء".
فالصراع السوري الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 ألف شخص حتى الآن ألحق خسائر باقتصاد البلاد قاربت 8ر139 مليار دولار بين عامي 2011 و2013 كما خلق أكبر أزمة تشريد للناس منذ الحرب العالمية الثانية فيما تضاعف عدد الأشخاص المحتاجين في سوريا 12 مرة منذ بداية الأزمة.
وأكد ان "هذه أزمة مدمرة وهي واحدة من الأزمات الأصعب في التاريخ المعاصر" ولكن الأمم المتحدة تعمل على تحسين استجابتها للأزمة عبر هاتين الخطتين.
وكشف عن ان خطة المثابرة الثالثة التي تهدف لمساعدة المجتمعات المضيفة في البلدان المجاورة توفر إطارا متماسكا لمعالجة احتياجات الحماية للاجئين والاحتياجات الإنسانية للفئات
الأكثر ضعفا والآثار الاجتماعية والاقتصادية على المدى الطويل بالنسبة للدول المجاورة.
وقال ان الخطة تتضمن مكونين اثنين مترابطين أولهما حماية اللاجئين والمساعدات الإنسانية والثاني المساعدة الإنمائية القائمة على الاستقرار والمثابرة.
وذكر ان فشل المجتمع الدولي حتى الآن في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية تسبب بما يسمى "تعب المانحين" وهو ما ادى لتوليد شعور بين الجهات المانحة بأن هذا الصراع لن ينتهي
كما انه ساهم في تعميق أزمة اللاجئين.
وقال غونزاليس ان دولة الكويت لعبت دورا انسانيا رئيسيا في الأزمة السورية مشددا على انه "لولا دعم الكويت لما كنا وجدنا طريقة أخرى لكي تؤثر الاستجابة وبالتالي نحن بحاجة للاعتراف بقيادة الكويت في جمع كل هذه الجهود الإنسانية للأزمات التي تتطلب موارد ضخمة وهذه قيادة معترف بها على نطاق واسع عالميا".
واضاف "نتوقع ان يشكل مؤتمر الكويت الثالث نقطة انطلاق جديدة في طريقة معالجة الأزمة السورية والتأكد من أنها تطال كافة الجوانب متعددة الأبعاد للأزمة التي تساهم في تقويض الاستقرار الإقليمي وغياب التشجيع للأنشطة الاستثمارية والاقتصادية.
وأشار الى ان الامم المتحدة حصلت على نحو 45 بالمئة من إجمالي التعهدات ما تسببت بضغوطات على قدرات وكالات الأمم المتحدة في تقديم الخدمات للاجئين إلى جانب ظهور أزمات أخرى مثل إعادة إعمار غزة وفيروس إيبولا والمشاكل في منطقة الساحل.
واعتبر ان اللاجئين السوريين ومنهم أكثر من مليون طفل يفتقرون الى الأمل بالتوصل لحل مبكر مشيرا إلى أن النسيج الاجتماعي للمجتمع السوري تم تقويضه نتيجة لذلك.
وختم قائلا "ان هذه الأزمة لا تمس فقط الجيل الحالي بل الأجيال المستقبلية حيث ان قدرة الناس على التحلي بالأمل والثقة تبدو في خطر".
والتقى غونزاليس خلال زيارته الى الكويت كبار المسؤولين في الحكومة والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ووزارة الخارجية وجمعية الهلال الأحمر الكويتي في اطار التحضير لمؤتمر (الكويت 3).
وعلى خط مواز يسعى مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا جاهدا لفرض خطة لتجميد القتال في مدينة حلب الشمالية بهدف اغتنام اي فرصة لبناء الثقة بين الأطراف المتصارعة. (النهاية) ب ش / ر ج
أرسل تعليقك