أفاد مسؤول جزائري مطلع، أنه تم نقل الفنان الجزائري بلاوي الهواري، عميد الأغنية الوهرانية، إلى مستشفى الأمير عبد القادر المتخصص في مكافحة السرطان في وهران، بعد وعكة صحية ألمت به، ووفقًا طبية فإن حالته الصحية حرجة لكنها مستقرة، و يعاني المطر الجزائري بلاوي الهواري الذي يبلغ من العمر 91 سنة، منذ مدة من داء السرطان الخبيث، الذي استحكم به وجعله لا يقوى على الغناء منذ سنوات عدة.
ويُعتبر المطرب الجزائري بلاوي الهواري، هو أب الأغنية العصرية الوهرانية بدون منازع، حيث ساهم في صناعة أمجاد الأغنية الجزائرية الحديثة، بعدد من الأغاني الرائعة و المتميزة، في نصوصها وألحانها، وهو أول من لحن المقطوعات الموسيقية، في تاريخ الموسيقى الجزائرية المعاصر.
و رغم الأثر المهم الذي استطاع الفنان بلاوي توقيعه، على سجل الأغنية الوهرانية، خصوصًا من خلال إدراج لون السماعيات الموسيقية في الموسيقى الجزائرية عمومًا، وحيازته سجلاً يضم تلحين ما لا يقل عن 500 أغنية مختلفة، إلا أن الرجل لم يتم تكريمه من طرف الرئيس الجزائري بمناسبة اليوم الوطني، للفنان الجزائري المصادف لـــ8 حزيران/يونيو، من كل سنة، حيث تم إسداء أوسمة مصف الاستحقاق الجزائري لكبار الأدباء والمفكرين والفنانين والمبدعين الجزائريين، نظير ما قدموه من عطاءات لإثراء الثقافة الوطنية في الجزائر، و هو ما جعل الفنان بلاوي يتأسف لذلك و قد حز في نفسه كثيرًا، و هو الذي يعاني من مرضه في صمت.
ويعيش اليوم بلاوي هواري، في وقار الشيوخ، مدركا قيمة الأثر الذي أثرى من خلاله التجربة الموسيقية الجزائرية التي توجته كنموذج في تحديث الأنماط الموسيقية ليس جزائريًا فقط بل مغاربيًا أيضًا، هذا و قد ولد بلاوي الهواري في 26 يناير/كانون ثان 1926، في حي سيدي بلال، في المدينة الجديدة في مدينة وهران غرب الجزائر، نشأ و ترعرع في كنف عائلة تحب الموسيقى و كان أبوه " محمد التازي " عازفًا على آلة " الكويترة " و كان أخوه قويدر بلاوي عازف " بانجو"، و" ماندولين "، فيها تعلم العزف على الآلات الموسيقية ومنها اكتسب اهتمامه بها، فدخوله عالم الموسيقى لم يكن صدفة بل عن وراثة.
وفي الثالثة عشرة من عمره ترك المدرسة ليعمل في مقهى والده بجانب " حمام الساعة " حاليًا ، وكان مكلفًا بتغيير الأسطوانات على الفونوغراف بدأ في الاستماع إلى أسطوانات المشاهير من المغنيين ، في هذه المرحلة كان الطفل بلاوي ينهل من معين التراث الشعبي والغربي الموسيقي.وفي " قاعة الفتح " تلقى الجائزة الأولى " لإذاعة كروش. في 1942 وعند الإنزال الأمريكي على شمال افريقيا توظف في ميناء وهران كحاجب ، وراح يتعلم العزف على "البيانو" و "الأكورديون" و توجه لمصاحبة المغني "موريس مديوني".
في الأربعينيات القرن الماضي كان يحيي الأعراس والمناسبات العائلية مع فرقة عصرية وكان يغني الأغاني البدوية ونصوص شعراء الملحون و عندها اشتهر بأغنية " بي ضاق المور " للشيخ "بن سمير".
وفي عام 1943 أسس فرقة عصرية بمساعدة أخيه " معزوز"، والحكم الدولي الجزائري في كرة القدم " قويدر بن زلاط "، وكانت تضم : بوتليليس -عبد القادر حواس - مفتاح حميدة - بلاوي قويدر، وفي 1949 أوكل إليه الأسطورة " محي الدين بشتارزي"، تكوين وقيادة الفرقة الموسيقية و سجل أول أسطوانة له ( 45 لفة )، مع مؤسسة "Pathé marconi"، والتي غنى فيها أغنية " راني محير ".
وفي مدرسة الفلاح التي تخرج منها رجالات وهران وعلماؤها تشبّع بلاوي الهواري بروح ابن البلد وتعلم كيف يوظف فنه في خدمة الشعب ، فغنى رائعته " يا ذبايلي يا انا على زابانة " من كلمات " الشريف حماني " التي لحنها في مقهى والده و التي ينعي فيها استشهاد الثوري الجزائري "أحمد زبانة" .في حي سيدي بلال كان بلاوي يلتقي بالكادحين من أبناء وهران وكان يتفاعل مع موسيقى "القرقابو" و "القلال" وأغاني "البدوي" في هذا الحي الذي يمثل الوجه الشعبي للباهية وهران و منها آخر من المناهل التي كان يستقي بلاوي في شبابه.
بعد الاستقلال أوكلت إليه إدارة " الإذاعة والتلفزيون الجزائري الجهوي " بوهران ثم في 1967 إدارة " المسرح الوطني في الجزائر العاصمة . وفي 1970 نشط مشاركة الجزائر مدة سبعة أشهر في المعرض الدولي بــــ" أوزاكا " في اليابان، و آخر ألبوم للأستاذ بلاوي الهواري كان في 2001.
لحن الفنان بلاوي الهواري أكثر من 500 أغنية منها ما غناها بصوته، ومنها ما غناه مغنون شباب مثل : صباح الصغيرة ، جهيدة ، الشاب خالد ، هواري بن شنات ... . وجل أغاني بلاوي نصوصها من تراث "الملحون" لكبار الشعراء، مثل : عبد القادر الخالدي، الشيخ الميلود، لخضر بن خلوف، مصطفى بن إبراهيم قدور بن سمير.
و الفنان بلاوي الهواري هو أول ملحن أدخل لون السماعيات الموسيقية، في الموسيقى الجزائرية حيث كانت غير معروفة في الجزائر، أثناء الفترة الاستعمارية و بالتالي فقد شارك باسترجاع الشعب الجزائري، سيادته الثقافية و الموسيقية المستمدة من الموسيقى العربية، حيث ألف 4 أو 5 سماعيات في فترة الستينيات، من القرن الماضي بوسائل بسيطة.
أرسل تعليقك