دبي- العرب اليوم
تمكنت إدارة الخبرة وتسوية المنازعات في ديوان حاكم دبي من حل قضية معقدة جديدة من نوعها تتعلق بالعملات الرقمية، حيث تمكّن موظف في إحدى الشركات من الاحتيال والاستيلاء بطرق غير مشروعة على مبلغ 800 ألف درهم، عبر تداول تلك العملة، وخان ثقة شركته، وأكّد مدير إدارة الخبرة وتسوية المنازعات في ديوان حاكم دبي، هاشم القيواني، أنّ الدعوى أحيلت للإدارة، أقامتها شركة تداول عملات رقمية ضد موظف تقني يعمل لديها، بدعوى أنه استغل وظيفته والصلاحيات الممنوحة له وثقة إدارة الشركة به، وعمل على توظيف تلك الخبرات في مجال تطوير وإدارة أنظمة التداول بالعملة الرقمية، وإنشاء حسابات وهمية للتداول بالعملات الرقمية والاستيلاء على مبلغ (800) ألف درهم، وللتحقق من ذلك قامت الإدارة بتكليف أحد خبرائها التقنيين لدراسة المستندات والاطلاع على إجراءات العمل بالشركة، وإجراء تحليل دقيق للبيانات الصادرة من أجهزة الحاسب الآلي المستخدمة من الموظف، بهدف التوصل إلى مدى وجود أية ملاحظات، أو أخطاء ارتكبها وما نتج عن ذلك من أضرار لحقت بتلك الشركة
.
وأشار القيواني إلى أنه من خلال دراسة وتحليل المستندات بطريقة تقنية، تبين أن الموظف كان يشغل وظيفة تقنية لدى الشركة ويتمتع بخبرة وكفاءة عاليتين في مجال تطوير وإدارة أنظمة التداول بالعملة الرقمية، وأنه استغل مهاراته في التحايل على الشركة التي يعمل بها وقام بإنشاء حسابات "وهمية" في النظام متجاوزاً كافة الإجراءات الخاصة بالشركة للتسجيل في منصة التداول للعملات الرقمية، حيث تم ذلك من خلال طريقتين الأولى: تعتمد على تحويل نسبة ضئيلة من العملات المتداولة على المنصة، والطريقة الثانية: تعتمد على الدخول مباشرة إلى قاعدة البيانات الخاصة بمنصة التداول وإدراج معاملات غير فعلية للحسابات الوهمية التي قام بإنشائها، بهدف تحويل العملات الرقمية إلى حسابه الخاص لدى المنصة، وحسابات أخرى لمنصات تداول عملات رقمية أخرى.
وتبين أن إدارة الشركة لم تكن على علم أو دراية بالتلاعب القائم ولم تتولد لديها أي شكوك في موظفها التقني ذي الخبرة في مجال منصات تداول العملات الرقمية، نظراً لأنه هو من قام بتأسيس النظام وبذل جهده ومهاراته للوصول بمنصة تداول الشركة إلى مستوى جيد في الأسواق العالمية، ولأن الشركة أعطته الصلاحيات لإدارة فريق التطوير لديها، وساهم في تدريب الفريق وتطوير مهاراته في مجال تداول العملات الرقمية، مما كان له أثر في اكتساب الموظف ثقة إدارة الشركة، إلا أن الشركة لم تأخذ في الاعتبار المعايير العالمية لتقنية المعلومات، ولم تضع ذلك ضمن أولوياتها لعدم خبرتها في مجال تقنية المعلومات، ولم تتوفر لديها الأنظمة الرقابية لاكتشاف أي خطأ أو تلاعب، وهو ما سهل وسمح باستخدام اسم المستخدم الخاص بإدارة الأنظمة من قبل كافة الموظفين التقنيين لدى الشركة، وعند اكتشاف التلاعب لم تستطع الشركة تحديد الموظف المسؤول عن ذلك التلاعب، وقال "وتم اكتشاف التلاعبات أثناء قيام موظف آخر لدى الشركة باستخدام صفة الفضول المعرفي لديه، حيث بادر بتطوير منصة التداول بعد تعلمه خصائص النظام، وإضافة خاصية على برنامج إدارة منصة التداول تضيف ميزة إضافية لتحليل عمليات ال
تداول، يمكن من خلالها بيان التداولات الفعلية والمبالغ المدخلة في النظام فعلياً عن طريق التحويلات البنكية أو التحويل من منصات التداول الأخرى، ومن خلال ذلك التحليل تبين لإدارة الشركة وجود فروقات في أرصدة المبالغ المدخلة فعلياً والمبالغ المسجلة في النظام، فضلاً عن وجود فروقات في التداولات الفعلية والعملات الرقمية المتوقع الحصول عليها من قبل المتداولين.
وتولدت لدى إدارة الشركة شكوك حول موظفها نظراً لخبرته في مجال تطوير منصات التداول وإدارة التداولات الخاصة بالشركة، إلا أنها لم تستطع في بداية الأمر التحقق من تلك الشكوك بسبب ضعف سياساتها المتعلقة بالتخصص وتقسيم العمل، وتبين أن اسم المستخدم الرئيسي ورمز الدخول الخاص بإدارة الأنظمة والخوادم يتم استخدامه من قبل كافة الموظفين التقنيين لدى الشركة، مما حدا بالشركة في بداية الأمر إلى الاستعانة بخبير تقني متخصص في مجال تداول العملات الرقمية، والتحفظ على أجهزة الحاسب الآلي الخاصة بالشركة والمستخدمة من قبل الموظف المعني وتفريغ محتواها.
وتوصلت الشركة إلى وجود محادثات خاصة بذلك الموظف على برامج التواصل تشير إلى الحصول على مبالغ كبيرة، ومواضيع خاصة به عن أحلامه التي سوف تتحقق بشراء منزل، كما تبين من ضمن المحادثات ذكر اسم مستخدم وهمي في النظام، مما زاد من شكوك الشركة بقيام موظفها المعني بذلك التلاعب، ومن خلال قيام الخبير التقني المكلف من قبل إدارة الخبرة بالاطلاع على الأوراق والمستندات الخاصة بذلك ودراستها بطريقة تقنية مستفيضة، وفحص أجهزة الحاسب الآلي المستخدمة لدى الشركة الخاصة بالموظف المعني، والتي تبين من خلالها وجود برنامج منصة تداول خاص بالشركة على جهاز الموظف، وتبين أنه كان يدير بعض الحسابات الوهمية ويقوم بتحويل العملات الرقمية إلى حسابه الشخصي وحسابات أخرى لدى منصات تداول أخرى وهو ما يتوافق مع شكوك الشركة، كما قام الخبير التقني بإجراء مطابقة للحسابات الوهمية التي كان يديرها الموظف عن طريق جهاز الحاسب الآلي المستخدم من قبله، مع الحسابات المستخدمة في عمليات التلاعب المطبقة على خوادم الشركة، والحسابات التي تم إدراج مبالغ عليها عن طريق الإدخال المباشر في قاعدة البيانات الخاصة بالشركة، وتم حصر قيمة التلاعبات التي قام بها الموظف المعني وما لحق بالشركة من ضرر جراء ذلك.
وقال القيواني: "تتعرض بعض الشركات للمخاطر نظراً لعدم تطبيقها للمعايير العالمية لأمن المعلومات، وإدارة الأنظمة، والتدقيق الدوري لسير العمل، حيث إن الشركة المذكورة ارتكبت خطأ وتعرضت لخطر نتج عن وصول معلومات لبعض المتداولين بوجود تلاعب ضمن منصة التداول عند مراجعتهم لسجل التداول الخاص بهم، وبأن العملات التي تم تداولها لا تتطابق مع الأسعار التي تم التداول بها، وهو ما يضعف ثقة هؤلاء المتداولين في تلك الشركة وما قد ينتج عنه من تأثير سلبي على سمعتها ومكانتها في مجال التداول بالعملات الرقمية، مما قد يؤثر على عزوف كثير من المتداولين بالاستمرار بالتعامل معها، يتوجب على الشركات والمؤسسات الالتزام بتطبيق المعايير العالمية وبناء نظام رقابي قوي وفعال لتقييم الصلاحيات والأعمال المسندة لموظفيها المختصين في مجال تقنية المعلومات وفصل ذلك عن المعاملات المالية، وحماية أنظمتها الرقمية والتقنية تفادياً لأي اختراق أو قرصنة، مع ضرورة قيام الجهات المعنية بذلك المجال بتدريب جيل واعد متخصص في مجال العملات الرقمية لمواكبة كافة المستجدات في ذلك المجال وكيفية التعامل معها".
ولفت هاشم القيواني إلى أن ظاهرة العملات الرقمية التي اجتاحت العالم بأسماء وأشكال متنوعة باتت تشغل حيزاً كبيراً من الاهتمام لدى كثير من فئات المجتمع، بل إن هناك تبايناً في وجهات نظر وآراء الناس بشأنها منهم من أصبح شغوفاً بمعرفة كافة المستجدات عنها والبعض الآخر الذي يتعامل بها بحذر شديد أو حتى يرفض التعامل بها من الأساس، وحيث إن أي تطور أو تغير في النشاط الاقتصادي قد ينشأ عنه وجود نزاعات نظراً لعدم وعي أو إلمام المتعاملين في ذلك المجال.
أرسل تعليقك