دمشق - العرب اليوم
مع استمرار إضراب المطاحن السياحية، الخاصة بريف دير الزور الشرقي، الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، عادت أزمة الخبز وتوزيع مخصصات الطحين المدعومة لتطل برأسها من جديد بعد الإضراب المفتوح لأصحاب الأفران، الذي دخل يومه العاشر، حيث نظم الأهالي احتجاجات رفضاً لتخفيض الكميات المخصصة وزيادة سعر الكيس المدعوم، ما فاقم الأوضاع الإنسانية في السنة الثانية من معاناة المنطقة من الجفاف.
ويقول أصحاب الأفران الخاصة وموزعو مادة الطحين إن الجهات المسؤولة بالإدارة الذاتية قررت تخفيض حصة المنطقة بنسبة 25 في المائة من مخصصات الطحين المدعوم للأفران، ما دفع أصحابها إلى الإضراب حتى إلغاء القرار، على اعتبار أن الكمية المخصصة من الطحين لا تكفي لسد احتياجات المنطقة من الخبز نظراً إلى الكثافة السكانية من جهة، وانتشار المخيمات العشوائية في محيطها، حيث غالبية السكان يعتمدون على مادة الخبز المدعوم.
وخرجت مظاهرات وحركات احتجاجية في مدن وبلدات البصيرة وأبريهة والصبحة وعدد من قرى المنطقة بريف دير الزور الشرقي، وطالب المشاركون بإلغاء قرار تخفيض مخصصات الطحين وتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية. وقالت مصادر محلية ومسؤول لدى المجلس المحلي بالبصيرة إن المقر الواقع في مدرسة الصناعة تعرض لهجوم من قبل أهالي البلدة، وهرب جميع الموظفين قبل إغلاق مبنى المجلس لاستمرار إضراب الأفران. كما خرج أهالي قرية «الحريجية» بريف دير الزور الشمالي بمظاهرة مماثلة، وقطعوا الطريق العام احتجاجاً على أزمة الخبز.
وأوضح ذات المصدر أنهم عقدوا اجتماعات مع أصحاب الأفران في البصيرة والقرى المحيطة بها، وقد «تمسكوا بإضرابهم، وستبقى محطات الأفران مغلقة حتى تنفيذ مجموعة من المطالب التي تقدموا بها للإدارة، على رأسها صرف فواتير مؤجلة وزيادة مخصصات إقليم دير الزور من الطحين».
ورداً على الاحتجاجات ومطالب الأهالي بزيادة كميات الطحين؛ يقول لقمان أحمي، المتحدث الرسمي للإدارة الذاتية، إن الأخيرة أقرت مشروع الموازنة العامة للعام المقبل، وإن «نسبة كبيرة من الميزانية المقترحة، ستذهب لدعم الخبز والمحروقات، لتأمينها للمواطن بسعر مدعوم، إلى جانب صيانة خطوط الطاقة وإيجاد مشروعات جديدة للطاقة»، وكشف المسؤول الكردي أن موازنة الإدارة للعام الحالي بلغت 498 ملياراً و772 مليوناً و350 ألف ليرة سورية.
وبات مشهد وقوف طوابير من المواطنين أمام أبواب الأفران ومراكز التوزيع مألوفاً في المنطقة (شمال شرقي سوريا)، التي تحتوي على 80 في المائة من المخزون الاستراتيجي لمادة القمح، كما تعد أكبر منتج للنفط والغاز الطبيعي. وكانت سوريا تنتج قبل عام 2011 نحو 4 ملايين طن قمح، لكن هذه الأرقام تراجعت بعد سنوات الحرب، وبلغ إنتاجها في موسم العام الفائت أقل من مليون طن، وتقدر احتياجات البلاد بنحو 2.5 مليون طن.
وبحسب أرقام هيئة الاقتصاد والزراعة لدى الإدارة الذاتية للعام الحالي، فقد تم شراء نحو نصف مليون طن من القمح من الموسم الماضي، لتسد احتياجات أبناء المنطقة، كما باعت الإدارة جزءاً من إنتاجها، ويقدر بنحو 300 ألف من كميات القمح، إلى شخصيات ومجموعات تجارية على صلة بالحكومة السورية.
ورغم أن محافظات دير الزور والرقة الحسكة، شمال شرقي البلاد، تعد من أهم مناطق سوريا على صعيد زراعة القمح، فإن انعدام الهطولات المطرية والجفاف، تسبب بتفاقم شحّ مادة الطحين المدعوم لدى مطاحنها العامة والخاصة. ودعا الخبير الاقتصادي الدكتور شوقي محمد سلطات الإدارة الذاتية إلى الامتناع عن استيراد الطحين التركي والإيراني، بغية ضبط السوق وأسعار الطحين، إضافة إلى إعداد حسابات تكلفة حقيقية لمادة الطحين، وفقاً لأسعار القمح والمازوت بالمنطقة. وقال: «ليس المهم توفر الموارد الاقتصادية، بل الأهم هو إدارة هذه الموارد، وفق أسس علمية صحيحة ومنظومة قوانين اقتصادية متكاملة».
في سياق متصل، شهدت بلدة «درنج» بريف دير الزور الشرقي مظاهرات شارك فيها الأهالي تعبيراً عن رفضهم لاقتحام قوات «قسد» المعابر المائية وإغلاقها، وقطع المحتجين الطريق الرئيسي، وأضرموا النيران بالإطارات، وأشعلوا النيران، وقالت صفحات محلية ونشطاء إن المظاهرات جاءت على خلفية مداهمة قوات «قسد» المعابر النهرية، وملاحقة المهربين الذين ينقلون قطعان الماشية نحو قرية العشارة الخاضعة لسيطرة القوات النظامية.
وكانت قوات «قسد» قد شنّت حملة أمنية واسعة، يومي الجمعة والسبت الماضيين، طالت المعابر النهرية في بلدات جديدة بكارة ودرنج، الواقعة في الضفة الشمالية لنهر الفرات، بغطاء وتنسيق جوي من طيران التحالف الدولي. وقامت بإغلاق جميع المعابر الواصلة مع المناطق الخاضعة لقوات النظام بالضفة المقابلة، ما شمل سفر الأهالي والحركة التجارية.
كما داهمت المعابر السرية وطرقاً نهرية منعاً لعمليات التهريب بين المنطقتين، وتأتي هذه التحركات مع مواصلة اللجان الأمنية السورية تسوية طلبات الراغبين في العودة لمناطق النظام في مدينة البوكمال، على أن تكون بلدة حطلة بالريف الشمالي، المقابلة لمناطق سيطرة «قسد»، محطتها الرابعة بعد مركز المحافظة والميادين والبوكمال.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك