العطش يقود التحركات الاحتجاجية في تونس ومخاوف من ثورة
آخر تحديث GMT22:13:03
 العرب اليوم -

العطش يقود التحركات الاحتجاجية في تونس ومخاوف من ثورة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - العطش يقود التحركات الاحتجاجية في تونس ومخاوف من ثورة

تونس
تونس_ العرب اليوم

ينص الدستور التونسي على أن الحق في الماء مضمون وأن المحافظة عليه واجب على الدولة والمجتمع، غير أن هذا التنصيص لا يجد انعكاسا له على أرض الواقع.
ومع ارتفاع درجات الحرارة تتفاقم معاناة المناطق الفقيرة مائيا نتيجة الانقطاع المتكرر للمياه، وهو ما يدفع أهاليها إلى إطلاق صيحة فزع لعلّ الدولة تستجيب لنداءاتهم التي تعيد نفسها منذ عقود، وغالبا ما تتخذ هذه النداءات أسلوب الاحتجاج لإيصال صوتها.
محافظة قفصة بالجنوب الغربي التونسي واحدة من عشرات المحافظات التونسية التي تقبع تحت أزمة شح المياه وانقطاعها المتكرر الذي يستمر أياما وأحيانا أسابيع، متسببا في أزمة حياتية لسكانها.
هذه المعاناة قادت أهالي مدينة الرديف ومناطق الحوض المنجمي إلى الالتحاق بركب المحتجين على العطش الذين تتوسع رقعتهم في مختلف بقاع الجمهورية التونسية. وعمد الأهالي إلى غلق المعتمدية والبلدية تعبيرا عن غضبهم من تجاهل السلطات لحقهم الطبيعي في الماء.قفصة الأكثر عطشا
وأكد عضو تنسيقية الحركات الاجتماعية عن جهة قفصة بوبكر العكرمي ، أن أهالي منطقة الحوض المنجمي يعيشون منذ أيام دون ماء، مشيرا إلى أن أزمة انقطاع المياه الصالحة للشراب باتت الخبز اليومي لسكان هذه المناطق منذ سنوات وليس من اليوم.
وقال العكرمي "يدفع الأهالي تكلفة مياه تسمى في فواتير الاستخلاص بأنها مياه صالحة للشراب، غير أن هذه التسمية لا تنطبق مع ما يحصل عليه سكان مناطق الحوض المنجي".
ولفت إلى أن هذه الوضعية تزداد سوءً مع ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما أنتج ردة فعل عفوية من أهالي بعض المناطق مثل الرديف والمظيلة وبرج العكارمة وأم العرايس والمتلوي الذين خرجوا للاحتجاج، قائلا "لم يعد مواطنو هذه المناطق يحتجون على غياب التنمية والتشغيل، هم يطالبون بحق دستوري وحياتي لا تنازل عنه".
وأكد العكرمي أن تنسيقية الحركات الاجتماعية قادت حملة تحت شعار "عطشتونا" منذ 2019، غير أنها لم تجد آذانا صاغية من السلطات المعنية التي استمرت في تقديم وعود لم تتحقق إلى اليوم.
ويأمل العكرمي في أن تلتزم السلطات بالوعد الأخير الذي قدمته لأهالي مناطق الحوض المنجمي والمتمثل في الشروع في حملة كبرى للربط العشوائي، والتكفل بمتابعة موضوع المضخة المائية، والعمل على إصلاح مضخة البئر 7 في أقرب الآجال، مع التزام شركة فسفاط قفصة بضخ الماء.
ويحذر من "ثورة عطش" في الأفق، في ظل توسع رقعة المناطق الفقيرة مائيا والتحاق محافظات أخرى مثل جندوبة والقيروان وسيدي بوزيد ومدنين وقبلي بالمناطق العطشى. ولفت إلى أن التنسيقية ستتجه إلى تصعيد تحركاتها وتأطير الأهالي دفاعا عن الحق في الماء.العطش يقود التحركات الاحتجاجية
وقال عضو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية المكلف بملف العدالة البيئية رابح بن عثمان إن انقطاع المياه الذي يصل أحيانا إلى 20 يوما حوّل حياة أهالي المناطق العطشى إلى معاناة حقيقية. وذكر بن عثمان أن هذه الأزمة آخذة في التفاقم على اعتبار أن البلاد تعاني من شح مائي خاصة في جهة الجنوب الغربي التي تقل فيها تساقطات الأمطار.
وقال إن هذه الوضعية المقلقة تستوجب تحركا عاجلا من الدولة الملزمة بالدستور بتوفير المياه. وتابع "من المعلوم أن مطالب التنمية والتشغيل هي الأعلى حضورا في المطالب الاجتماعية، ولكن مع اقتراب فصل الصيف من كل عام تتصدر مطالب توفير المياه الصالحة للشراب قائمة المطالب وتتربع على شعارات الاحتجاجات"، مشيرا أن التبليغات على انقطاع المياه بلغت مستوى قياسي في السنوات الأخيرة.
وانتقد بن عثمان غياب سياسة مائية متبعة من الدولة والضعف المسجل على مستوى مقاومة الربط العشوائي للمياه الذي يستنزف الرصيد المائي لشركة توزيع واستغلال المياه التي تعاني بدورها من هشاشة البنية التحتية وقلة الأعوان، متسائلا "كيف يمكن تغطية حاجيات مدينة الرديف التي تضم 27 ألف ساكن بعدد أعوان لا يتجاوز 12 عونا."
بدورها، أكدت عضو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية منيارة المجبري لـ "سبوتنيك"، أن أكثر من 3 آلاف مواطن تونسي لا يصلهم الماء الصالح للشراب لا عن طريق الصوناد (الشركة الرسمية المسؤولة عن توزيع المياه) ولا عن طريق الجمعيات المائية. وقالت "في سنة 2022 ما يزال عدد كبير من الأهالي يشربون من الآبار والعيون والوديان ويقطعون مسافات طويلة للحصول على الماء الذي لا يستجيب أحيانا إلى معايير السلامة".
وأضافت المجبري "حتى المنخرطين في الصوناد يجدون إشكاليات عديدة إما في علاقة بجودة المياه أو بانقطاعها المتكرر خاصة في فصل الصيف"، مشيرة إلى أن السلطات تكتفي في كل مرة بإطلاق وعود لامتصاص غضب الأهالي.وفي حديث لـ "سبوتنيك"، لفت الخبير في المياه حسين الرحيلي إلى أن أزمة انقطاع المياه الصالح للشرب تحولت إلى عادة يومية في العديد من المناطق، قائلا إن تونس مقبلة على صيف آخر من العطش. وأشار إلى أن هذا الإشكال كان يقتصر في السابق (قبل الثورة) على مناطق الجنوب الغربي، غير أنه بات يشمل اليوم العاصمة والمحافظات الساحلية مثل سوسة ونابل.
وأضاف "تشير التقارير إلى أن 18 محافظة من أصل 24 تعاني من العطش ومن انقطاع كبير للمياه. وتتصدر قفصة وصفاقس ترتيب المحافظات الأكثر تسجيلا للاضطرابات في عملية التزود بالماء". وتابع "الغريب في الأمر أن محافظة جندوبة (الشمال الغربي) التي تُعتبر الخزان الطبيعي للمياه وتحوي 60% من سدود البلاد، يعاني جزء كبير من أهاليها من انقطاع شبه يومي للماء الصالح للشرب ويقطع بعضهم أكثر من 10 كيلومترات بحثا عن المياه.
ويُعزي الرحيلي هذا الانقطاع إلى سببيْن أساسييْن، الأول هو أن تونس دخلت مرحلة ندرة الماء المعد للشرب في مناطق معينة وخاصة منها الجنوب الغربي الذي سجل تراجعا ملحوظا في كميات المياه الصالحة للشرب.
وقال إن السبب الثاني يتعلق بضعف الإمكانيات المادية واللوجستية لشركة استغلال وتوزيع المياه التي بدأت تتقادم، مضيفا "قنوات الصوناد تعود إلى أكثر من 40 سنة.
التيار الكهربائي
وبالإضافة إلى محطات الضخ القديمة وانقطاع التيار الكهربائي هنالك مشكل البنية التحتية الخاصة بإيصال الماء الصالح للشرب."
ويرى الرحيلي أن حل أزمة المياه يتطلب أولا تخلي الدولة عن اعتبار الماء مسألة ثانوية والقطع مع الحلول الترقيعية التي تتكرر كل سنة، وأن تتجه إلى الاستثمار في مشاريع المياه وضخ اعتمادات مالية لشركة الصوناد بهدف إعادة هيكلتها وصيانة تجهيزاتها مع وضع استراتيجية جديدة لتطوير خدماتها كما وكيفا.وبيّن الخبير في المياه أن المسألة الثانية التي يجب التركيز عليها هي نشر ثقافة مائية، مشيرا إلى أن تونس أهدرت أكثر من 600 مليون متر مكعب من المياه سنة 2021، غالبيتها في الري الفلاحي وما يناهز 130 مليون متر مكعب في المياه المعدة للشرب، قائلا إن هذا الإهدار هو دليل واضح على وجود إشكال حقيقي في التجهيزات والبنية التحتية.
وفي السنة الماضية، تلقى المرصد التونسي للمياه 2633 تبليغا عن مشاكل مرتبطة بالنفاذ إلى الماء، تتوزع على 1872 تبليغا بخصوص انقطاع التوزيع غير المعلن عنه مسبقا، و466 تبليغا عن حركات احتجاجية للمطالبة بالحق في الماء، و204 عملية تبليغ تخص تسرّب المياه من الشبكة لمدة تتجاوز 3 أيّام دون تدخل، و91 تبليغا في ما يتعلق بجودة المياه الموزّعة عبر الشبكة.
وتصدرت محافظة قفصة قائمة المحافظات الأكثر تبليغا عن انقطاع المياه (259 تبليغا)، تليها محافظة صفاقس (229). بينما سجلت محافظات تونس الكبرى (العاصمة، منوبة، بن عروس، أريانة) مجتمعة 397 عملية تبليغ.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا

قيس سعيد يهاجم المشيشي في "رسالة" ويؤكد أن التعديل لم يحترم الدستور التونسي

 

قيس سعيد يتعهد باحترام الدستور التونسي ويعلن وقوفه الى جانب فلسطين

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العطش يقود التحركات الاحتجاجية في تونس ومخاوف من ثورة العطش يقود التحركات الاحتجاجية في تونس ومخاوف من ثورة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 العرب اليوم - هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab