دمشق - سانا
يقدم الشاعر جمال زهر الدين في مجموعته الشعرية /حكايا الحب/ أسلوبا وجدانياً يعلو ويهبط متأثراً بالحالة الشعورية الشفافة التي تتلبسها أبيات القصيدة فالحب عنده داخل في كل جزئيات حياته... يقول في قصيدة أشواق..
بقلبك ذبحة قال الطبيب.. فقلت بهجره ذبح الحبيب
اتسكن يا حبيب شعاب قلبي..وتهجرني فيأكلني اللهيب
شموس جمالك القتال غابت..ولف حدائقي الليل الرهيب
وتنساب قصيدة زهر الدين بسلاسة ودون تعقيد في المفردات أو التراكيب فتأتي الصورة الشعرية بسيطة وعميقة ومعبرة عن الحب الذي يسكنه ويحرقه كما في قصيدة يا ساكن القلب.
ويتلبس الشاعر عباءة الأشياء وينطق بلسانها يوءنسنها ويحولها الى كائنات من لحم ودم فها هو يتجسد شخصية اللوحة في قصيدته لوحة في انتظار الرسام قائلا ..
مدت الى أعلى النجوم الغصون..
الدهر من أطفالها والقرون..
خضراء تبقى لا خريف لها..
يد ولو طالت وطالت سنون
وينتمي زهر الدين لمدرسة الحب في الشعر فهو دينه وأسلوب حياته وهو البديل عن الحروب والموت فيقول في قصيدة صلاة الدموع..الحب
حرب الحرب لم نخلق سوى للحب..
لم نخلق لأمر ثان..
حتى متى هذي الحروب بعالم..
أفراحه قطفت من الأحزان
ولا يتعب الشاعر من كثرة الوجد والإدمان على دموع الاشتياق يقول في قصيدة آلام وآمال..
عجباً لجفن العاشق السهران..
يبكي ومن يهواه في الأجفان..
أدمنت دمعي يا حبيب فخمرتي..
دمعي وما أحلاه من إدمان
ويحاول الشاعر تقمص لسان أشخاص عانوا من الحب أو الغدر أو يكلمهم فيعاتبهم مقدما عددا من القصائد في هذا السياق .. يقول في قصيدة مأساة ابن زريق البغدادي الذي مات قهراً من خيبة أمله بعد مدحه لأمير أندلسي لم يجزل له العطاء..
يا شاعري ما الذي بالشعر.. ترجو كثيباً رياح البيد تصفعه
تأبى ثرياك تقبيل الثرى فلمن..تبيع دراً ببعض الرمل تجمعه
تركت قاسية تبكي عليك دماً.. قسا الجمال على صب يودعه
ويؤكد الشاعر السبعيني من خلال قصائده على روح الشباب التي تسكنه انطلاقا من الحب الذي ملأ قلبه ووجدانه..
خريفي ربيع حين أكتب عن حبي..قريب حبيبي ساكن خفقة القلب..
أنيسي ولو جافى الأنام جميعهم..جليسي ولو حاد الأنام عن الدرب..
تركت لهم دنيا تسير بأهلها..إلى البعد عن نبع المودة والقرب
ولا ينسى الشاعر مدينته السويداء التي عاش فيها حياته وحبه فنجده يتذكرها في قصيدة يا سويداء ..
يا سويداء أنت أم السخاء..
أطعمي الأرض من كروم السماء..
ومن ناحية الشكل نوع الشاعر بين شعر الشطرين وشعر التفعيلة وكان انتقاله بين الابيات سلساً متناغماً منساباً من حيث الشعور الوجداني والفكرة التي يطرحها كما أنه تميز بالايجاز والتركيز على مبدأ خلاصة القول في خاتمة مجموعته الشعرية التي تقع في ثمانين صفحة ومن اصدارات دار ليندا للطباعة.
والشاعر جمال زهر الدين ولد عام 1939 في قرية الصورة الكبيرة في محافظة السويداء ونال الشهادة العالية في اللغة العربية من القاهرة عام 1963 ونال الدبلوم العامة في التربية من دمشق عام 1964 ودرس الأدب العربي في الجمهورية العربية السورية وفي الجزائر وله دواوين تحت الطبع حالياً.
أرسل تعليقك