أعلن الشيخ ماجد بن سعود بن راشد المعلا رئيس دائرة السياحة والآثار بأم القيوين عن اكتشاف دير مسيحي تاريخي بجزيرة السينية يعود تاريخه إلى الفترة ما بين القرنين السادس والثامن الميلاديين.وأوضح الشيخ ماجد بن سعود بن راشد المعلا أن البيئة التاريخية لجزيرة السينية تضم عددًا من أهم المواقع الأثرية والسياحية في إمارة أم القيوين، والتي تعد بمثابة سجل حي لمختلف المجتمعات الدينية والمجتمعات المتعددة الثقافات التي استقرت في الجزيرة على مدى القرون الماضية.
وأكد أن جزيرة السينية لعبت دورًا مركزيًّا في تاريخ إمارة أم القيوين ودولة الإمارات العربية المتحدة ككل منذ ما يقارب 2000 عام، و"اكتشاف دير السينية ساعدنا في فهم تاريخنا القديم، تاريخ غني بأمثلة من التسامح الديني وقبول التنوع البشري والثقافي، ويعد الدير دليلا آخر على وجود الطوائف المسيحية التي عاشت جنبًا إلى جنب مع المجتمع الإسلامي بساحل الإمارات قديمًا".
وتعليقاً على هذا الاكتشاف، قالت وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية نورة الكعبي: "يحمل هذا الاكتشاف الأثري قيمة تاريخية وتراثية عظيمة لدولة الإمارات التي تبذل حكومتها جهوداً كبيرة لحماية التراث المحلي وحفظه وتعريف الأجيال المقبلة به ترجمة لنهج كرسّه المغفور له الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأوصى بأن تتم العناية فيه وبالمواقع التاريخية والأثرية والحفاظ عليها، وهذا ما يجعلنا نواصل التزمنا بحماية تراثنا وتاريخنا الذي نعتزّ ونفخر به".
وأكدت أن الوزارة تعمل على تقديم الدعم الكامل لدائرة السياحة والآثار في حكومة أم القيوين لتنفيذ المشروع، واصفة هذا الاكتشاف بأنه نموذج للتعاون المشترك والعمل الجماعي الذي يثمر عن تحقيق الكثير من الإنجازات، مشيرة إلى أن الشركاء في المشروع ينتمون لهيئات ومؤسسات محلية وعالمية، حيث جرى توزيع المهمات بنجاح على الجميع كل حسب تخصصه وخبراته لتحقيق هذا الإنجاز.
وأثنت على جهود الفرق البحثية لإنجاز المرحلة الأولى من المشروع وتمنت لهم التوفيق في المرحلة المقبلة، وقالت:" سنواصل العمل على المواقع في المرحلة المقبلة وسنقدم كل الدعم الممكن لفرق البحث لاستكمال أعمال التنقيب عن هذه المواقع الأثرية القيّمة، ومن المهم أن نشير إلى أن هذا المشروع يعد فرصة متميّزة للطلاب المتخصصين في علوم الآثار للمشاركة في اكتشاف تاريخهم والتعرف عليه عن قرب وبشكل عمليّ على أهمية علم الآثار في حياتنا وضرورته في كشف النقاب عن تاريخ عريق تمتلكه دولتنا".
من جانبه، قال زكي أنور نسيبة المستشار الثقافي لرئيس الدولة: "سعدت اليوم بمرافقة معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب لحضور الإعلان عن اكتشاف مواقع أثرية جديدة في جزيرة السينية تعود إلى القرن السادس الميلادي، تضم مسجدًا وديرًا وآثار مستوطنات متعاقبة، وذلك بحضور الشيخ ماجد بن سعود المعلا، رئيس دائرة السياحة والآثار في أم القيوين وفرق البعثات الأثرية التي تضم فريق من جامعة الإمارات العربية المتحدة".
وأضاف: "يعتبر هذا الاكتشاف في الجزيرة التاريخية من أهم الاكتشافات الأثرية في المنطقة، وإذ نهنئ دائرة الآثار والسياحة على اكتشاف هذا التراث الغني الممتد على مناطق شاسعة من الجزيرة، نتمنى لها المزيد من النجاح والتألق في استكشاف آثار الجزيرة بالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب وجامعات الدولة للحفاظ على الموروث الحضاري لشعب الإمارات وإبرازه بما يليق به من اهتمام وحرص".
واستمرت عمليات البحث والتنقيب الأثري بجزيرة السينية لمدة موسمين متتالين من قبل الفريق المحلي بدائرة السياحة والآثار ومشاركة عدد من المؤسسات كجامعة الإمارات العربية المتحدة ومعهد دراسة العالم القديم بجامعة نيويورك والبعثة الإيطالية، وبدعم من وزارة الثقافة والشباب والمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية (ايكروم)، وفقا لوكالة أنباء الإمارات
ويتكون الدير المسيحي التاريخي بجزيرة السينية من مجموعة من المباني المجتمعية وكنيسة وقاعة طعام وصهاريج محاطة بغرف معزولة للرهبان. و تم بناء الدير من صخور الشاطئ المحلية وغطت الجدران والأرضيات بالجص الجيري. ويشير الفخار والزجاج المستخرج من الموقع إلى أن سكّان الدير كانت لهم روابط تجارية دولية امتدت من العراق إلى الهند.
كما ويشير التأريخ بالكربون المشع لعينات الفحم ودراسة الفخار المستخرج من الموقع إلى ازدهار الدير خلال الفترة من أواخر القرن السادس إلى منتصف القرن الثامن الميلادي، مما جعل المجتمع الرهباني المسيحي في جزيرة السنية شاهدًا على ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي.
ويعد دير السينية ثاني دير تم العثور عليه في دولة الإمارات من بعد اكتشاف الموقع الأثري لكنيسة ودير صير بني ياس في أبوظبي في أوائل التسعينيات، وقد تم العثور حتى الآن على ستة أديرة قديمة على طول شواطئ الخليج العربي حيث يوجد خمسة منها في دول مجلس التعاون الخليجي.
تؤكد المصادر التاريخية أن العديد من قبائل شرق الجزيرة العربية كانت تتبع الديانة المسيحية في يوم من الأيام قبل ظهور الإسلام، ويبدو الآن واضحًا بشكل متزايد أن مجتمعًا عربيًا مزدهرًا متعدد الأديان ظهر خلال العصر الذهبي الإسلامي الأول.
وعلى صعيدٍ آخر، أفادت الدائرة بأنها ستواصل أعمال التنقيب الأثري بموقع الدير لإبراز ملامح المجتمع المسيحي الذي عاش آنذاك بالمنطقة.
وقــــــــــــــد يهمك أيـــــــــــــــضًأ :
أرسل تعليقك