لم يكن الملك توت عنخ آمون، الذي توفّي في عمر 18 عاماً، صاحب إنجازات تاريخية أو عسكرية، تجعله من أشهر ملوك الفراعنة. لكن هذا الملك الذي حكم مصر في الفترة من عام 1334إلى 1325 ق.م، في عصر الدولة الحديثة، اكتسب قيمته وأهميته بعد وفاته، إذ تتفرد مقبرته بين المقابر الفرعونية بالعثور داخلها على 3500 قطعة أثرية، معظمها من الذهب، ما جعل اللقب المصاحب لاسمه هو "الفرعون الذهبي". وداخل الغرف المختلفة للمقبرة عُثِر على ملابس الملك، وحلي ذهبية، وعدد كبير من الجعارين والتماثيل الذهبية. وحملت جدران الغرفة التي تحتوي على التابوت الذي يضم المومياء، رسومات تحكي قصة رحيله إلى عالم الأموات.
ومرت، الأربعاء، الذكرى 98 لاكتشاف هذه المقبرة بلا صخب أو احتفالات، كما كان يحدث كل عام، بسبب جائحة فيروس كورونا، والمفارقة أن هذا العام تحديداً، كان من الممكن أن يشهد العالم حديثاً مختلفاً عن تلك المقبرة، التي باحت في عام 2020 بأسرار جديدة.
الحديث الذي كان يتردد دوماً في تلك الذكرى، هو محاولة العلماء المصريين تبرئة المقبرة من التسبب في وفاة أحد مكتشفيها، وهي الرواية التي يحلو للبعض ترديدها لإكساب خرافة "لعنة الفراعنة" بعضاً من المصداقية، كما يحاولون إعادة الحق لأصحابه، بالإشارة إلى دور الطفل المصري حسين عبدالرسول في اكتشاف المقبرة.
وقبل أيام من ذكرى اكتشاف المقبرة كشف الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، في حوار مع "العين الإخبارية"، أصل خرافة اللعنة والتي كانت من تأليف صحفيين استفزهم إعطاء اللورد كارنفون، الذي كان يرعى اكتشافات عالم الآثار هوارد كارتر في مصر، حق النشر عن الاكتشافات لصحيفة "لندن تايمز" وحدها، فانتهزوا فرصة وفاة لورد كارنفون بعد أيام من اكتشاف المقبرة، وألّفوا القصص عن وجود "لعنة الفراعنة"، وقالوا إن هناك نصاً داخل المقبرة يتوعد أي شخص يدخلها بالموت، وهذا غير صحيح.
كما أشار حواس في كتابه "الملك الذهبي" لدور الطفل المصري حسين عبدالرسول في اكتشاف المقبرة، وقال إنَّ هذا الطفل وكان عمره آنذاك (12 عاماً) يقوم بنقل الماء للعاملين فى موقع العمل، وأثناء إنزاله لـ"زير" مياه من على ظهر الحمار، تعثر حماره في فتحة المقبرة، فدل كارتر عليها، الذي كافأه بأن ألبسه قلادة وجدها في المقبرة وصوّره بها، لتكون هذه الصورة هي توثيق لحق الطفل وحماره في هذا الاكتشاف.
رجل من عائلة الطفل حسين عبد الرسول يحمل صورته وهو يرتدي قلادة من مقبرة توت عنخ آمون
والجديد الذي كان يمكن إعلانه هذا العام هو تطورات جديدة تتعلق بسبب وفاة الملك توت عنخ آمون، الذي سيتم إعلانه قريباً، كما قال حواس في حواره مع "العين الإخبارية".
والشائع تاريخياً أن الفرعون الذهبي مات قتيلاً، استناداً إلى قطع في الرأس، تبين لاحقاً أنّه كان يتم إحداثه في الأجسام من الأسرة الـ 18 بعد وفاتها لوضع مواد التحنيط في منطقة الدماغ، ولكن الدراسات التي أجريت على المومياء الخاصة به ترجح أنه توفي في حادثة، كشف عنها قطع كبير يوجد في القدم اليسرى.
وأوضح حواس أنَّ "النظرية الجديدة تشير إلى أنَّ هذا القطع كان نتيجة حادثة، وأنَّ هذا القطع تسبب في إحداث تسمم بالجسم، وسيتم حسم هذا الأمر بعد استيراد أداة تشخيصية قادرة على اكتشاف هذا الأمر".
وإضافة لسبب الوفاة الجديد الذي لا يزال مجهولاً، وثقت المقبرة لحدث كوني وقع قبل 29 مليون عام، عندما ذابت رمال الصحراء الغربية المصرية بفعل الحرارة التي خلفها اصطدام نيزك بالأرض، ليشكل ذلك قطعاً صغيرة من الزجاج الأصفر كلون طائر الكناري، زيّنت بعضها صدرية الفرعون الذهبي.
ورجح العلماء من قبل أن يكون الزجاج الذي زيّن صدرية الفرعون الذهبي نتج إما عن انفجار جوي يحدث عندما تدخل صخرة فضائية الغلاف الجوي لكوكب الأرض، أو بسبب تأثير نيزكي على سطح الأرض.
وخلال دراسة نشرت في 2 مايو/آيار الماضي بمجلة "جيولوجيا"، رجح باحثون من أستراليا والنمسا احتمال التأثير النيزكي، لاحتواء الزجاج على قطع من معدن نادر ناتج عند اصطدام نيزكي يسمى (ريديت).
وقال الباحثون في دراستهم التي اطلعت "العين الإخبارية" عليها، إنَّ تأثيرات النيزك تخلق موجات صدمة لها ضغط أكبر بملايين المرات من تلك الناتجة عن الانفجارات الجوية، وتسببت هذه الموجات في وجود معدن (الريديت) ضمن حبيبات الزجاج.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
فيروس "كورونا" يُعرقل آخر جولات "الفرعون الذهبي" الخارجية
أرسل تعليقك