أبو ظبي _ العرب اليوم
أصدر مشروع "كلمة" للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي الترجمة العربية لكتاب"أشعار عربية على جدران قصر الحمراء ونوافيره"، لمؤلفه المستعرب الأسباني إيميليو غارثيا غوميث، وقد نقله إلى العربية خالد الريسوني، وراجع الترجمة كاظم جهاد وأحمد يماني. يُعدّ الكتاب مدخلًا جيّدًا إلى فهم تاريخ النقوش الشعرية العربية التي اضطلع المستعرب الأسباني إيميليو غارثيا غوميث بنفض الغبار عنها وإضاءة ما التبس بصددها. لقد جعل غارثيا غوميث من هذه النقوش مشروعه البحثيّ منذ أن نزل ضيفًا على غرناطة في رحلته العلمية والمعرفية، حيث كتب غوميث: "يمثل شعر النقوش في قصر الحمراء انفجارًا للجمال معقـّـدًا ومميــّزًا وإلى حدّ ما فريدًا، فقد شــكل على مدى عــدة قرون تحدّيًا فكريًا، ويجب أن أعترف أن مثل هذا النوع من التحديات قد حرّك دائمًا ذكائي المتواضع وأحمى فورة دمي".
في القسم النظري من الكتاب، المعنون "مدخل"، يكشف إيميليو غارثيا غوميث للقارئ القيمة الأثرية لقصر الحمراء كمعلم معماريّ كان يمكن أن يصنف ضمن عجائب الدنيا السبع لولا انغلاق إمكان إضافة عجائب جديدة إلى تلك التي صنّفها التاريخ وأقرّها. ورغم هشاشة قصر الحمراء فقد استطاع أن يقاوم آثار الزمن وأن يستمرّ شاهدًا على حقبة تاريخية بكاملها رغم الصراع المفتوح الذي عاش تحت تأثيراته إبان ما يسمى بحروب الاسترداد. لقد استطاع قصر الحمراء أن يستمرّ حيًّا بعد أن غادره ملوك الدولة النصرية، فاستقرّ به من استقر من السلالات لكنّه رغم ذلك حافظ على ذاته كأثر عمرانيّ مميّز، وخضع لأعمال ترميم كان بعضها يتمّ بناء على المعرفة العلمية وبعضها كان يخضع لنزوات كادت تودي به إلى الخراب. لكن غارثيا غوميث وهو يتتبع ما آل إليه قصر الحمراء، يشيد بالأعمال الترميمية التي قام بها توريس بالباس، بل إن عددًا من المهندسين المعماريين الإسبان قد أجمعوا في بيان لهم نشروه في 1952، وسمّوه "بيان قصر الحمراء" على ضرورة احترام قواعد الهندسة المعمارية في ترميم هذا الأثر المعماريّ الإنسانيّ.
وعلى العموم فإنّ هذا القسم النظريّ من الكتاب يهتمّ بالشعر باعتباره يمثّل جزء من هذا الصرح الأثريّ العظيم من خلال النقوش الموجودة على جدران قصر الحمراء ونوافيره، في فرادتها كظاهرة فنية وجمالية، كما يؤطرها تاريخيًا وأدبيًا ودينيًا وفنّيًا. ثمّ يتطرّق إلى الشعراء الذين اشتمل قصر الحمراء على نقوش قصائدهم، وهم الشعراء الوزراء الثلاثة: ابن الجياب وابن الخطيب وابن زمرك. ثمّ يلج غارثيا غوميث مباشرة إلى مجموع القصائد المنقوشة فيشير إلى موقع وجودها في أجزاء القصر ومواضيعها والقيمة الشعرية لمحتوياتها، والكلمات المفاتيح التي تمكّن من فهم هذه النصوص، مفصلًا القول في بعض الاستعارات المهيمنة في هذه القصائد المنقوشة. ولا يغفل المؤلف المناقشة النقدية لعدد من الدارسين والمترجمين السابقين الذين تعرضوا بالبحث والترجمة لهذه النقوش الشعرية، قبل أن يقدّم توطئة لترجمته لنصوص الأشعار العربية المنقوشة في قصر الحمراء. أمّا القسم الثاني من الكتاب فقد خصّصه إيميليو غارثيا غوميث للترجمة التي أنجزها لهذه النصوص المنقوشة، مع تعليقاته عليها وتقديمه التوضيحات اللازمة بصددها.
ولد مؤّلّف الكتاب، إيميليو غارثيا غوميث، في 4 يونيو 1905 وتوفيّ في 31 مايو 1995، بمدريد. اعتُبر شيخ المستعربين الإسبان، واضطلع كباحث بمهمّة تعريف الإسبان بالتراث الأدبي العربي في الأندلس وتدريسه في الجامعة الإسبانية، كما قام بترجمة نصوص عديدة منه إلى الإسبانية. كان أستاذ كرسيّ العربية بجامعة غرناطة حتى عام 1935، وأوّل مدير لمدرسة الدراسات العربية بغرناطة حتّى 1935، وهو العام الذي شهد انتقاله إلى مدريد، خلفًا للمستعرب الإسباني ميغيل آسين بالاثيوس في كرسي اللغة والأدب بجامعة الكومبلوتنسي بمدريد. ثمّ أصبح غوميث مديرًا لمعهد ميغيل أسين بالاسيوس (CSIC)، ولمجلّة الأبحاث الأدبية العربية «الأندلس». تقلّد عدّة مناصب من بينها مدير الأكاديمية الملكية للتاريخ، وترأس اللجنة الاستشارية لليونسكو لمشروع الشرق والغرب الكبير (1958-1969)، كما عيّن سفيرًا لإسبانيا في بغداد وبيروت وأنقرة، ووزيرًا غير مقيم في أفغانستان. كما حصل على عدة جوائز كجائزة ريفادنيرا عام 1925، وجائزة فاستينراث من قبل الأكاديمية الملكية الإسبانية عام 1930، وفي عام 1992 تمّ ترشيحه لجائزة سرفانتس، وهي السنة التي حصل فيها على جائزة أمير أستورياس للتواصل والعلوم الإنسانية.
أمّا المترجم خالد الريسوني، المولود في الــدار البيضاء في 1965، فهو شاعر ومترجم وباحث مغربي، ترجم العديد من النصــوص والدواوين الشعرية لعدد من شعراء اللغة الإسبانية وكتّابها، من بينهم فديريكو غارثيا لوركا ورافائيل ألــبرتي وأنتونيو ماتشادو وخوان خيلمان وأندريس سانشيث روباينا، وغيرهم. حصل على جائزة رافائيل ألبيرتي للشــعر من سفارة إســبانيا في المغرب عام 2003، وجائزة ابن عربي لــلأدب العربي من دار ســيال بيجماليون، أســبانيا، عــام 2017، وعلى جوائز أخرى.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك