تركز أعمالها الفنية على الحالة الذهنية، والخيال والعقل اللاوعي الذي ما زال يعاني من صدمة الحرب، فتتخذ من الفن السيريالي منهجاً للتعبير عن أفكارها وآرائها وأحلامها في تنفيذ أعمالها الفنية، وفق رؤيتها الخاصة وباستخدام التعبيرات الرمزية.
سوزانا جمعة.. فنانة متعددة الوسائط تعمل في مجال التصميم الداخلي والطباعة والرسم، حصلت على درجة البكالوريوس والماجستير في الفنون الجميلة من جامعة دمشق في سوريا، وعملت كأستاذ مساعد في الجامعة العربية الدولية في دمشق بقسم العمارة، شاركت في العديد من المعارض الفنية، وحظيت أعمالها بدراسات وأبحاث لما تتناول من قضايا إنسانية واجتماعية تدور حول الحالة الذهنية بسبب الحروب والنزاعات.
تشارك الفنانة سوزانا حاليا في النسخة الخامسة من برنامج الإقامة الفنية، وفي حوار خاص لـ الشرق أوضحت أنه كان لديها شغف كبير بالالتحاق بالبرنامج، وكانت متابعة له من بعيد، إلى أن وقع الاختيار عليها في النسخة الخامسة ضمن مجموعة كبيرة من الفنانين المبدعين، لافتة إلى أن قطر من الدول التي تولي اهتماما كبيرا بالطاقات الشبابية وبالمواهب الفنية، وأن الدولة تشهد حراكاً فنياً وثقافياً كبيراً ونوعياً غير مسبوق.
وأوضحت الفنانة سوزانا جمعة أنها تعمل حاليا على ثلاثة أعمال فنية للمشاركة بها في المعرض الختامي لبرنامج الإقامة الفنية، مشيرة إلى أن ضيوف مطافئ مقر الفنانين من الشخصيات العالمية المرموقة فنيا، أضافوا نكهة عالمية على أعمال الفنانين المشاركين بملاحظاتهم وأضافوا فهما عالميا للأعمال بقراءتهم لها، مؤكدة أهمية الدعم والتشجيع للمواهب الفنية، وابتكار أعمال فنية جديدة تضاف للساحة المحلية والعالمية.
*بداية حديثنا عن تجربة مشاركتكِ في برنامج "الإقامة الفنية" بنسخته الخامسة؟
**كنتُ متابعة لبرنامج الإقامة الفنية منذ نسخته الأولى التي انطلقت عام 2015م، وكان لديّ شغف كبير بالالتحاق بالبرنامج، ولله الحمد وفقني الله وتم اختياري ضمن عدد كبير من الفنانين المبدعين في النسخة الخامسة، وقد أضافت لي هذه التجربة الكثير، فالبرنامج يتيح فرصة للتبادل الإبداعي بين المقيمين، في حين يوفر لهم مساحة للمزيد من الإبداعات والابتكارات، فضلا عن ذلك يوفر بيئة ثقافية وفنية لتبادل التجارب والخبرات، حيث يستضيف البرنامج نخبة من الفنانين العالميين الذين بدورهم يمنحون الفنانين المقيمين فرصة لاكتساب المزيد من المهارات الفنية والإبداعية، إلى جانب مشاركة الفنانين المحليين البارزين الذين يساهمون بشكل كبير في نجاح هذا البرنامج من خلال خبراتهم الفنية.
*ما المشروع الفني الذي تعملين عليه خلال فترة إقامتكِ الفنية؟
** أعمل على مشروع فني تنبثق فكرته من أثر الحروب والتغيرات الناجمة عن ذلك، فالحروب أسوأ شيء يحدث للإنسان، وأعمالي الفنية تتمحور حول هذه الفكرة، وهي عبارة عن لوحات زيتية مزودة بصوت غنائي، وسوف أشارك بالمعرض الختامي بثلاثة أعمال فنية في النحت، أحد هذه الأعمال طباعة ثلاثية الأبعاد، وآمل أن أقدم تجربة مميزة ومثمرة وأن تحوز أعمالي هذه ذائقة محبي الفن.
صدمة الحروب
* كيف كانت بداياتكِ في الفن.. وما المدرسة التي تتبعينها؟
** لابد من الإشارة إلى أنني فنانة متعددة التخصصات أعمل في مجال التصميم الداخلي والطباعة والرسم، بدأتُ بممارسة الفن في طفولتي التي كانت شاهدة على شغفي بالفنون الجميلة، وكنتُ أرسم باستمرار حتى بدأ الرسم يسيطر عليّ بشكل تام، وأنا أعتبر الرسم موهبة من الله سبحانه وتعالى، ولكن كأي موهبة تحتاج إلى صقل وتنميتها من خلال المزيد من الخبرات والتجارب، وأيضا من خلال الدراسة، وقد حصلت على درجة البكالوريوس والماجستير في الفنون الجميلة في الفن السيريالي والعمارة السيريالية من جامعة دمشق في سوريا، فيما بعد شاركتُ بالعديد من المعارض الفنية بسوريا، كما عملت كأستاذ مساعد في الجامعة العربية الدولية في دمشق بقسم العمارة، وعندما اندلعت الحرب في سوريا عام 2012م، أصابني نوع من الإحباط وتأثرتُ كثيرا بما حدث لسوريا، فتركتُ الفن ما يقارب خمس سنوات، وخلال هذه الفترة انتقلت إلى مصر وبقيت فيها فترة، ثم جئت إلى قطر عام 2014م، واستقررتُ فيها، ثم وجدتُ نفسي شيئا فشيئا أعود للفن مجددا وفي عام 2017م، انطلقتُ من جديد في هذا العالم، حتى شاركتُ في برنامج "الإقامة الفنية"
* تركز أعمالكِ الفنية بشكل عام على الحالة الذهنية بسبب الحروب؟
** كما ذكرتُ آنفا الحروب أسوأ شيء يحدث للإنسان في حياته، تسلب منه وطنه وبيته وعائلته، وكل شيء يخطر على البال، وقد يحتاج الإنسان لسنوات طويلة حتى ينسى هذا الألم، ولا ينسى، فقد تنتهي الحروب في يوم ما، ولكن تبقى آثارها وخدوشها، لتعيش مع الإنسان طول الدهر، وبناء على ذلك تأتي أعمالي الفنية التي تركز على الحالة الذهنية، والخيال والعقل اللاوعي الذي ما زال يعاني من صدمة الحرب.
* تتجهين في أعمالك الفنية للفن السريالي، حدثينا عن ذلك؟
** نشأت المدرسة السريالية بفرنسا، وازدهرت في القَرن العشرين، ويركز الفن السيريالي على اللاوعي، والتلقائية في التعبير عن الأفكار والآراء، فهو يعتمد على لا شُعور الإنسان، وأحلامه في تنفيذ العمل الفني، باستخدام التعبيرات الرمزية، فأنا أرى الأحلام ومن ثم أحاول تنفيذ هذه الأحلام في لوحاتي الفنية، لذا ستجدين أن الأحلام مسيطرة على أعمالي الفنية بشكل كبير، باستخدام الرمز، ويمكن القول إنني أقدم السيريالية لكن بطريقة معاصرة أطرح فيها تجربتي الخاصة كخلفية لأي عمل أقوم بإنجازه، ولا أكرر تجربة أي فنان حتى لو كان من الكبار، فلديّ خط خاص بي أسير وفقه.
جائحة كورونا
*وقع جائحة كورونا على الفنانين هل جاء عليهم إيجاباً أم سلباً؟
** الفنان مفعول غير سيء، فهذه العزلة التي نعيشها هذه الأيام عزلة مفيدة جدا، أنا أعتبرها "عزلة ملهمة"، دفعتنا للمزيد من الجد والاجتهاد، فالتغيير حالة صحية لأنه لا شيء يبقى ثابتا، والظافر هو من يملك القدرة على التكيف والتأقلم مع كافة الظروف والتغيرات المناخية والحياتية، هو بالتأكيد سينجو في أي ظرف، ولا نقول سوى الحمد لله دائماً وأبدا، وفي هذا الصدد أود أن أشكر زوجي على مساندته لي ودعمه الدائم، فقد وفر لي كافة الأجواء الملائمة لي لإنجاز أعمالي الفنية ضمن برنامج الإقامة الفنية.
*يشهد الحراك الفني في قطر تطوراً غير مسبوق.. ما أثر ذلك على الفنانين؟
**ما نراه اليوم من ازدهار وتطور في قطر، نعجز في الحقيقة عن وصف ذلك، فقطر من الدول التي تولي اهتماما بالغا وغير مسبوق بالطاقات الشبابية وبالمواهب الفنية، وهناك حراك ثقافي وفني كبير في الدولة، من خلال مختلف المؤسسات والجهات المعنية بالفن والثقافة، إلى جانب المبادرات والجوائز والمسابقات التي يتم إطلاقها بشكل مستمر من أجل تحفيز الفنانين وتطوير أدواتهم الفنية، وخير مثال على ذلك برنامج "الإقامة الفنية" الذي أسهم بشكل كبير في دعم الفنانين سواء من المواطنين أو المقيمين، وكان لهذا الدعم أثر كبير في إنتاج الكثير من الأعمال الفنية المبتكرة التي شاركت في المعارض العالمية، وحظيت بإشادات دولية كبيرة، فضيوف مطافئ من الشخصيات العالمية المرموقة فنيا أضافوا نكهة عالمية على الأعمال بملاحظاتهم وأضافوا فهما عالميا للأعمال بقراءتهم لها ومن الجميل أن أصبحت معروفة عند هذه الفئة.
أخبار تهمك أيضا
"كوم الخادم" رواية تجسد ملحمة عوالم خفية في القرى المصرية
أرسل تعليقك