داهمت قوة من جهاز أمن الدولة اللبناني، الثلاثاء، مصرف لبنان المركزي في بيروت بحثاً عن حاكم المصرف رياض سلامة، بعدما داهمت القوة منزله ولم تجده، فيما أعرب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن أسفه لـ"الطريقة الاستعراضية" لمعالجة ملفات حساسة مرتبطة بالاستقرار النقدي.
ودعا ميقاتي إلى توافق سياسي مسبق على حاكم جديد للمصرف، قبل تحريك القضية ضده، محذراً من مغبة تلك التحركات على الاستقرار النقدي للبلاد.ورافقت القوة الأمنية التي داهمت منزل ومقر عمل حاكم مصرف لبنان، مدعية عام جبل لبنان القاضية غادة عون، التي سبق أن أصدرت مذكرة إحضار بحق سلامة بعد تغيبه عن حضور 3 جلسات تحقيق سابقة.
وقبل مداهمة المصرف، داهمت القوة منزل سلامة في منطقة الرابية ولم تجده فغادرت.ورداً على المداهمة، أعلنت نقابة موظفي مصرف لبنان المركزي، الإضراب عن العمل والإغلاق الكامل للمصرف لمدة 3 أيام بدءاً من الأربعاء لـ"إتاحة الفرصة للعقلاء للتدخل حمايةً للمؤسسة"، بحسب بيان للنقابة.
وقالت النقابة إن "القاضية غادة عون ومرافقيها، قاموا بالدخول إلى حرم المصرف بطريقة غير مألوفة ودون مراعاة الأصول القانونية المعتمدة مما مسَّ بكرامة مؤسسة مصرف لبنان وموظفيها".
وحذرت النقابة من الدخول في إضراب مفتوح "إذا لم تتوقف التصرفات غير اللائقة".
ودعت النقابة، السلطات المعنية ووزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى ومدعي عام التمييز إلى "التدخل لوضع حد لهذه التصرفات غير اللائقة من قبل القاضية غادة عون، والتي تخرج عن كل الأصول القانونية في سابقة لا مثيل لها، حتى لا نضطر آسفين لإعلان الإضراب المفتوح".
وهذه ليست المرة الأولى التي تداهم فيها قوة من أمن الدولة منزل سلامة، إذ استصدرت القاضية غادة عون مذكرة إحضار بحق سلامة في يونيو الماضي، وكلّفت جهاز أمن الدولة بتنفيذها، وانتقلت بنفسها إلى منزله بالرابية لمواكبة القوة الأمنية في تنفيذ مهمتها.
وفتح القضاء اللبناني في أبريل 2021 تحقيقاً محلياً بشأن ثروة سلامة ومصدرها بعد استهدافه بتحقيق في سويسرا للاشتباه في تورطه وشقيقه في قضايا اختلاس "أكثر من 300 مليون دولار على نحو يضر بمصرف لبنان"، ويواجه سلامة أيضاً شكاوى قضائية في دول أوروبية أخرى من بينها فرنسا وبريطانيا.
وتتهم القاضية غادة عون، سلامة، بالإثراء غير المشروع واختلاس أموال عامة، ومخالفة قانون النقد والتسليف"، فيما ينفي الأخير ارتكاب أي مخالفات، واصفاً التحقيقات ضده في لبنان وخارجه بأنها "ذات دوافع سياسية".
"اهتزاز لا تحمد عقباه"
وحذر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الثلاثاء، من مغبة ما وصفه بـ"الطريقة الاستعراضية التي يتم بها معالجة ملفات قضائية حساسة لها ارتباط بالاستقرار النقدي في البلاد"، مشدداً على أن ذلك قد يعرّض البلد "لاهتزاز لا تحمد عقباه".
وقال ميقاتي، وفق مكتبه الإعلامي إن "مداهمة المصرف المركزي بهذا الشكل الاستعراضي وسط تداخل الصلاحيات بين الأجهزة القضائية ليس الحل المناسب لمعالجة ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة".
وأضاف: "قلت وأكرر لسنا متمسكين بأحد، ولا ندافع عن أحد، بل نتمسك بالقضاء العادل بعيداً عن الاستنسابية، مع الحرص على سمعة لبنان المالية دولياً".وشدد على ضرورة معالجة هذا الملف بتوافق سياسي مسبق على حاكم جديد لمصرف لبنان، ولتأخذ القضية مجراها القانوني المناسب بعد ذلك".
تحقيقات وتدقيق
ويعدّ أداء سلامة الذي يقود المصرف المركزي منذ عام 1993 محل تدقيق بعد بدء الأزمة المالية والاقتصادية غير المسبوقة، التي تسببت في تخلف لبنان عن سداد ديون سيادية، وفاقمتها ظروف وباء كورونا.
ويلاحق القضاء السويسري، مسار تحركات أموال يشتبه أن سلامة قام بها بالتعاون مع شقيقه، انطلاقاً من الجزر العذراء البريطانية، وصولاً إلى جنيف مروراً ببنما.
ومثل سلامة في 5 أغسطس الماضي، أمام النيابة العامة التمييزية، إذ تم استجوابه في قضايا عدة من بينها اختلاس أموال عامة وتهرّب ضريبي.
وفتح القضاء اللبناني في أبريل 2021 تحقيقاً محلياً بشأن ثروة سلامة ومصدرها بعد استهدافه بتحقيق في سويسرا للاشتباه في تورطه بقضايا اختلاس، قبل أن يُستهدف أيضاً بتحقيق في فرنسا وشكوى في بريطانيا.وفي 19 يوليو، قررت النيابة العامة التمييزية استجوابه في التحقيق بـ"جرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال والتهرب الضريبي".
وفي مارس 2022، أعلنت وكالة التعاون القضائي الجنائي الأوروبية تجميد 120 مليون يورو (131 مليون دولار) من الأصول اللبنانية في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورج وموناكو وبلجيكا، لارتباطها بتحقيق في جرائم اختلاس، وقال مدعون ألمان إن هذه الخطوة مرتبطة بالتحقيق في موضوع سلامة.
قد يهمك أيضأ
الأمن اللبناني يداهم منزلا لحاكم المصرف المركزي
محكمة لبنانية ترفض طلب قاضٍ التنحي عن قضية حاكم المصرف المركزي
أرسل تعليقك