في الوقت الذي يشكل فيه سم العقارب خطرا حقيقيا يهدد حياة آلاف الأشخاص في بعض القرى النائية والمناطق الصحراوية الجافة في المغرب، فإنه يشكل بالنسبة للباحثين مادة ثمينة يمكن استخدامها في الصناعة الدوائية.ومن أجل استخراج هذا النوع من السموم بشكل آمن، طور فريق من الباحثين المغاربة من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، جهازا يمكن من استحلاب سم العقارب دون مخاطر.
وقد تمكن الباحثون المغاربة من الحصول مؤخرا على براءة اختراع لهذا الجهاز الروبوتي المخصص للاستخراج الآلي للسم من العقارب بشكل سريع وآمن، عوض اعتماد الطريقة اليدوية التي تعتمد على "التحفيز الميكانيكي"، أو "التحفيز الكهربائي اليدوي".وقد أظهر استخدام هذا السم الذي يحتوي على مادة "كلوروتوكسين" نتائج واعدة في مجال الصناعة الدوائية، حيث مازال العلماء يبحثون عن إمكانية استخدامه في علاج مرض السرطان، وإنقاذ آلاف المرضى الذين يعانون من مشكلات صحية مختلفة.
يقوم جهاز استخراج سم العقارب الذي ابتكره الباحثون المغاربة، على تثبيت ذيل العقرب وإرسال شحنة كهربائية تحفيزه على إنتاج قطرات من السم.ويمكن لهذا الجهاز الذي يتكون من نظام هوائي واهتزازي من استحلاب السم عن بعد، دون الحاجة إلى اللجوء للطرق التقليدية، التي لا تخلو من المخاطر، حيث يعمل على تجميع قطرات السم بشكل سريع عبر شبكة ناقلات آلية ثم تخزينها.يؤكد الأستاذ أنس الكتاني مدير الأطروحة الخاصة بهذا الابتكار، أن الاختراع جاء بعد إجراء عدد من التجارب في مختبر البيولوجيا والصحة بكلية العلوم بن مسيك التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.
ويضيف الكتاني، أن المغرب يعتبر موطنا للعقارب بامتياز، غير أن استخراج السم منها يظل عملية محفوفة بالمخاطر، ويعتبر تحديا بالنظر لما تشكله هذه العملية من خطر على هذا الكائن والإنسان على حد السواء.ويستطرد الكتاني مبرزا أن الجهاز مكن من إجراء هذه العملية بشكل آمن جدا، وبجودة عالية تحفظ المادة المستخرجة.
ويشدد الكتاني، على أن هذا الابتكار الذي حصل على براءة اختراع باعتباره الجهاز الوحيد في العالم القادر على القيام بهذه العملية، باستطاعته استخراج السم من أكثر من 32 عقرب دفعة واحدة، قبل تجميعه في علبة بيولوجية تحفظ جميع خصائصه
ويحظى هذا الجهاز باهتمام خاص من قبل الفاعلين في مجال صناعة الأدوية، وخاصة أصحاب مزارع تربية واستخراج سم العقارب، والمؤسسات الصناعية.ويأمل القائمون على ابتكار هذا الروبوت على تعميم استعماله ونشره على نطاق أوسع عبر تسويقه على المستوى العالمي، من أجل استخدامه في عملية استخراج السم وضمان السرعة والأمان والحفاظ على سلامة العقرب ومستخدم الجهاز.
يؤكد الأستاذ أنس الكتاني، أن العديد من المؤسسات الصناعية وفرق الأبحاث التي تشتغل في هذا المجال قد أعربت فعلا عن اهتمامها بهذا الابتكار منذ الإعلان عن المشروع، حيث تم التوصل بالعديد من الطلبات من أجل الحصول على الروبوت، أو على المادة المستخرجة من العقارب.
وبالموازاة مع حصول فريق البحث على براءة اختراع هذا الجهاز الثوري في استخراج سم العقارب، يبرز الأستاذ الكتاتي بأن الفريق قام بإصدار كتاب جديد تحت عنوان "دليل العقارب في المغرب"، يتضمن جميع المعلومات دقيقة حول العقارب داخل المملكة.وقد أظهرت نتائج الأبحاث المرتبطة باستخدامات سم العقارب في علاج بعض الأمراض، نتائج واعدة ومنافع عديدة، كما يمكن استخدامه كعنصر نشيط وأساسي في صناعة بعض الأدوية وإنتاج أمصال مضادة للسم.
ويعتبر سم العقارب من المواد النفيسة والنادرة على المستوى العالمي، وقد يصل سعره إلى 8000 دولار للجرام الواحد، فيما قد يبلغ سعر السم الأكثر ندرة 12 ألف دولار للجرام. ويؤكد الكتاني، على قدرة الجهاز في تسريع عملية استخراج سم العقارب، الذي يحتوي على فوائد مهمة في صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل.
ويضيف بأن براءة الاختراع التي حصل عليها الابتكار الذي يعود للطالب الباحث معاد مكامل، تعد تتويجا للعمل الجاد الذي قام به جميع القائمين على المشروع، كما تبرز مدى الأهمية التي تحظى بها الأبحاث داخل الجامعات.لذلك يشدد الكتاني على ضرورة تشجيع البحث العلمي وتقديم الدعم المعنوي والمادي للباحثين المغاربة، ودعم البرامج والاختراعات العلمية التي يشتغلون عليها، من أجل الاستفادة منها في المجالات الطبية وغيرها، سواء على المستوى الوطني أو الدولي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
تأكيد إمكانية وصول العقارب والثعابين إلى القاهرة عقب ظهورها في أسوان عبر النيل
العقارب السامة تتسبب في موت الأطفال في مدن الجنوب الليبي
أرسل تعليقك