عكفت الصحافية فيكتوريا لوتمان من شيكاغو على استكشاف ما يصل إلى 120 موقعًا من أروع مواقع المياه الجوفية في الهند، والتي كانت أول وسيلة حيوية للحصول على المياه وتخزينها
بين القرنين الثاني والرابع بعد الميلاد، وظلت هذه المواقع من العجائب المعمارية حتى الآن، ويرجع شغف الصحافية بهذه المواقع إلى جمالها وتاريخها.
وبيّنت لوتمان في تصريحات صحافية "تعتبر مواقع رائعة على مستويات عدة، فهي مذهلة بصريًا وجميلة وغامضة وتحظى بأهمية تاريخية كبيرة، وتخالف هذه المواقع توقعاتنا عن الهندسة المعمارية، فمن ينظر إلى الأسفل لروية المبنى، وما كيفية الوصول إلى مواقع المياه الجوفية، عليك أن تنظر إلى أسفل وتسير في اتجاهها مخترقا الأرض".
وأضاف "يوجد بعض هذه المواقع فوق سطح الأرض، وربما قريبا من بعضها البعض وأنت لا تعلم، بعضها يمتلك جدارًا منخفضًا وعندما تنظر فوق الحائط يمكنك أن تشاهد ستة طوابق مثلا، إنها مواقع مربكة ومثيرة للاهتمام ورائعة في الوقت ذاته".
وأوضحت لوتمان أنها شاهدت أول موقع للمياه الجوفية منذ 30 عامًا مضت في أول رحلة لها إلى الهند، وتصف هذه المواقع بكونها أهم المعالم المدنية في حينها.
وكشفت أنّ مواقع المياه الجوفية ظلت تعاني من الجفاف بسبب سوء إدارة المياه لعدة قرون وعدم تنظيم الآبار المحفورة إلى حد كبير، وحاليا ينظر إليها باهتمام أكبر بسبب أزمة المياه الحالية في الهند
وأبرزت لوتمان، "اليوم تحظى هذه المواقع بأهمية قليلة مقارنة بمكانتها السابقة ولكنها من المعالم المهمة التي تثري تاريخ الهند المعماري والفني والهندسي، وبفضل أزمة المياه في الهند تعتبر هذه المواقع الجوفية من النظم الجيدة في تجميع المياه والتي جرى استخدامها لأكثر من ألف عام، وساعد قرار اجتثاث الطمى وإعادته إلى المواقع الجوفية لجلب المياه مرة أخرى في إعادة استخدام هذه المواقع، ويعد هذا وسيلة رائعة للحفاظ عليها".
ولا تعتبر المواقع الجوفية من العجائب ذات الشهرة العالمية التي تنافس الأهرامات أو تاج محل في الهند، إلا أن تصنيفها بواسطة "اليونسكو" باعتبارها تتبع التراث العالمي منحها الأمل الكبير في استمرار الاحتفاظ بها.
وأوضحت الصحافية "يساعد الاعتراف بنحت (Rani ki Vav in Patan) في رفع شأن المواقع الجوفية عالميا، وكانت هذه المواقع بمثابة نقاط تجمع اجتماعية حيث تعمل النساء على جمع المياه، وكان الأفضل الاستمتاع بقضاء الوقت مع الأصدقاء في المواقع الجوفية بدلا من الانتظار في الطابور أمام صنبور القرية".
وتطورت المواقع الجوفية من ثقوب رملية مملوءة بالماء إلى هياكل معقدة كانت يوما ما مركزا للحياة اليومية وخصوصًا في مناطق البارون حيث كان الماء من أهم السلع الأساسية، كما وفرت هذه المواقع الراحة من الحرارة الشديدة بفضل طبقاتها الباردة عن المناطق الخارجية.
واستخدمت بعض المواقع الجوفية كمعابد لأداء الطقوس والصلوات إلا أنه لا توجد أدلة تاريخية كثيرة بشأن هذا الاستخدام، وبيّنت لوتمان "هناك الكثير من التخمين والأساطير المحيطة بهذه المواقع، مثل الفكرة التي تزعم أن بناء موقع Rani ki Vav الذي اختير بواسطة "اليونسكو" باعتباره من المواقع الأثرية جرى في فترة تتراوح بين 15 إلى 20 عامًا، ويعد هذا الموقع من أكبر المواقع حجما وأكثرها زخرفة، ولذلك فربما استغرق سنوات عدة فى تدشينه.
واعتمدت لوتمان في استكشافها لهذه المواقع على الأعمال العلمية لكل من Jutta Jain Neubauer وJulia Hegewald و Morna Livingsto.
وذكرت "سألت كل شخص التقيته في أنحاء الهند إذا ما كان قد سمع عن المواقع الجوفية في مكان ما، بما في ذلك المعماري والمعلم وعامل المقهى في سوق القرية، فهم من يمكن أن يرشدونني إلى الاتجاه المطلوب، وعندما عثرت على أحد هذه المواقع قضيت ساعات في حلقة مفرغة أثناء القيادة مع التعثر في الطريق وسؤال ما لا يقل عن ستة أشخاص من السكان المحليين، ولكن عند الوصول يمكنك أن تجد كنزا".
واستغرقت رحلات لوتمان الاستكشافية بين بضعة أيام وأسبوع مع السائق عادة، ولكن في العام المنصرم استعانت بمرشد بسبب عدم إجادتها اللغة الهندية، وكشفت لوتمان "كنت أشعر أنني أقترب من الهدف عندما خرج المرشد والسائق من السيارة من أجل التقاط الصور، وبعد كل هذا يمكنني القول أن هذا هو تاريخهم وليس تاريخي".
أرسل تعليقك