كيتو - منى أسعد
على مشارف عاصمة الإكوادور، يمكن للأزواج الشباب والعائلات المغامرة التمتع بوجبة في الظلام داخل كهف دون أضواء بحثا عن تجربة فريدة من نوعها، والتي يمكن أن تمثل للبعض خبرة مخيفة نوعا ما، حيث يوجه العاملون المكفوفون، الضيوف إلى طاولاتهم ويقدموا لهم عصائر الفاكهة الغريبة مع أطباق فاتح للشهية مثل: خضار كارامليزد والموز المقلي الحلو.
يتم تناول الطعام في المطعم المظلم، حيث لا يرى الزبائن ما يأكلون، ويعتمد المفهوم الأساسي لهذه المطاعم على إزالة الرؤية ما يعزز الحواس الأخرى ويزيد من متعة تذوق الطعام، وقد افتتحت هذه المطاعم في مناطق كثيرة من العالم منذ عام 1999.
مطعم "لا كويفا دي رافا"، أو "كهف رافا"، هو من بنات أفكار الإكوادوري رافائيل وايلد، الذي قضى سنوات من حياته في إدارة مطعم إيطالي في سويسرا، وبعد عودته إلى كيتو العاصمة الإكوادورية، بدأ في بناء كهف كممارية لهوايته وقرر لاحقا فتح مطعم داخله، يديره مجموعة من الموظفين المكفوفين مع خدمة تناول الوجبات في الظلام الدامس، وهذا المفهوم ظهر بالفعل في المدن الأوروبية بما في ذلك باريس وبرشلونة وفي الولايات المتحدة، بينما مطعم كيتو هو المطعم الوحيد الذي يدير مفهوم الظلام في أميركا اللاتينية.
وقال وايلد إن الكهف مستوحى من ذكريات طفولته الخاصة في الإكوادور، والكثير منها أمضاها في الهواء الطلق، بما في ذلك الكهوف القريبة مضيفا: "أنني أحب استكشاف المدينة في الظلام"، فيما يهدف المطعم إلى توفير وظائف للمكفوفين، والتصدي للصراعات اليومية، وتقديم تجربة طهي فريدة من نوعها، فوفقا لمنظمة الصحة العالمية، هناك 40 إلى 45 مليون مكفوف في العالم، بما في ذلك حوالي خمسة ملايين في أميركا اللاتينية.
تبدأ رحلة الزبائن في الكهف بداية من المشي أولا من خلال نفق ضيق، ذو إضاءة خافتة، ثم الوصول إلى الداخل في الظلام، ليجدوا النوادل يضعون أيدهم على كتفهم من أجل إرشادهم لطاولاتهم داخل الكهف المظلم، وهناك قائمة شهية من الوجبات تضم عناصر مثل اللازانيا النباتية وشرائح اللحم والرقائق المصنوعة من الكينوا والبطاطس المهروسة.
بالنسبة للبعض، فإن الظلام بالمطعم لا يطاق، حيث يقول فرناندو بوشلي، مهندس معماري، إنه ترك طاولته بعد خمس دقائق، وشعر بعصبية شديدة للبقاء لفترة طويلة في غرفة الطعام المظلمة حيث يحظر استعمال الهواتف المحمولة والساعات الباعثة للضوء، حيث يحتاج المبصر إلى من يقوده في هذا المطعم ليعيش ولو لساعات ما يعيشه فاقدو البصر منذ الولادة مستعينين بحواسهم وأحاسيسهم.
أرسل تعليقك