لبنانيون يَخْتَارُون قوارب الموت إلَى أُوروبا
آخر تحديث GMT01:48:04
 العرب اليوم -

لبنانيون يَخْتَارُون "قوارب الموت" إلَى أُوروبا

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - لبنانيون يَخْتَارُون "قوارب الموت" إلَى أُوروبا

الهجرة الغير شرعية
بيروت ـ العرب اليوم

بعد عامين من انهيار اقتصادي غير مسبوق يفاقمه شلل سياسي، لم يعد لبنان نقطة انطلاق للاجئين فحسب، بل أيضاً لمواطنيه الذين أرهقتهم الأزمات وباتت غالبيتهم تحت خط الفقر. ويقول إبراهيم، صاحب الـ42 عاماً، الذي استخدم اسماً مستعاراً، في مدينة طرابلس، إنه يؤمّن مدخولاً إضافياً عبر المساعدة على تهريب لبنانيين إلى الخارج عبر البحر. ويضيف: "لو أنني لا أعمل في هذا المجال، لكنت غادرت مثلهم وقصدت مهرّباً لمساعدتي". وليست الهجرة غير القانونية ظاهرة جديدة في لبنان الذي شكّل منصة انطلاق للاجئين خصوصاً سوريين باتجاه قبرص خصوصاً، الدولة القريبة والعضو في الاتحاد الأوروبي. لكن يتزايد عدد اللبنانيين الذين يخاطرون بأرواحهم بحثاً عن بدايات جديدة بعيداً عن بلدهم الغارق في الأزمات.
منذ عام 2019، تمكّن إبراهيم من تهريب قرابة مئة لبناني إلى أوروبا. ويقول: "أخرجتهم من هنا، من التسوّل. هناك على الأقل إذا وضعوا في مخيم، سيأكلون ويشربون بكرامة".
ويتباهى إبراهيم بأنه يساعد اللبنانيين فقط. ويقول: "يأتيني سوريون وفلسطينيون لكنني لا أقبل طلباتهم، فأنا مسؤول عن أبناء بلدي فحسب". ويتابع: "لبنانيون كثر يودون المغادرة. ومستعدون لبيع بيوتهم وسياراتهم. يبيعون كل شيء، المهم أن يرحلوا". ويبدو لبنان الذي يقطنه حالياً قرابة ستة ملايين شخص بمثابة سفينة غارقة تصارع تبعات انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.
وأدّت الأزمة إلى خسارة الليرة أكثر من 95 في المئة من قيمتها أمام الدولار. وانعكس ذلك تدهوراً غير مسبوق في قدرة السكان الشرائية بعدما بات الحدّ الأدنى للأجور يعادل أقل من 23 دولارا، في بلد يعتمد على الاستيراد إلى حدّ كبير. وجراء ذلك، تراجعت قدرة السلطات على توفير الخدمات الأساسية ودعم سلع حيوية خصوصاً المحروقات والأدوية. وتخلّلت محاولات الهجرة غير القانونية حوادث وفاة وغرق في عرض البحر.
وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن 1570 شخصاً على الأقل، بينهم 186 لبنانياً، شرعوا أو حاولوا المغادرة في رحلات بحرية غير قانونية من لبنان خلال الفترة الممتدة بين كانون الثاني وتشرين الثاني من العام الماضي، غالبيتهم باتجاه قبرص.
وأوضحت المتحدّثة باسم المفوضية ليزا أبو خالد أن العدد الإجمالي كان 270 بينهم 40 لبنانياً عام 2019. وتعمل الأجهزة الأمنية والجيش على وقف هذه المحاولات.
وأكّد الجيش أن عمليات المراقبة والرصد "تنفَّذ من خلال وحدات الكشف المتقدم المتمثلة بشبكة رادارات منتشرة على طول الشاطئ، ومن خلال دوريات متواصلة" في المياه الإقليمية، بالإضافة الى جهود مديرية المخابرات لملاحقة المهربين.
في عام 2020، نجحت القوات البحرية، وفق الجيش اللبناني، "في ضبط نحو 20 مركباً وتوقيف 596 شخصاً وتسليمهم إلى السلطات المختصة". وكثّفت دورياتها مع ارتفاع عدد عمليات التهريب. ويقول الجيش إنّ "عصابات التهريب" تضمّ غالباً أشخاصاً من جنسيات مختلفة، لكنّ رؤساءها "يكونون عادة من اللبنانيين لمعرفتهم بتفاصيل الشواطئ والمناطق اللبنانية".
ونسّق إبراهيم، حتى الآن، عشر رحلات تهريب، كان أولها عام 2019 لأسرة من خمسة أشخاص تقيم حالياً في ألمانيا، وآخرها في أيلول الماضي وضمّت 25 راكباً وصلوا إيطاليا، على حدّ قوله.
وتتراوح كلفة سفر الفرد بين 2500 دولار لبلوغ قبرص وسبعة آلاف دولار للوصول إلى شواطئ إيطاليا، وفق ابراهيم الذي قد يجني قرابة خمسة آلاف دولار كربح صاف مقابل كل رحلة تضم عشرين شخصاً.
ويوضح أنّه "في السابق، كنا ننشر الخبر، أما حالياً فالناس هم من يأتون إلينا". على مقعد مواجه للشاطئ، يجلس بلال موسى، 34 عاماً، وهو أب لثلاثة أطفال، ينفث دخان سيجارته مراقباً الأمواج العاتية التي كادت أن تبتلعه في تشرين الثاني لدى محاولته السفر بطريقة غير شرعية.
ويقول إنّه سيحاول مرة أخرى، إذ "لا مستقبل هنا لنا أو لأولادنا" بعدما تخلّى قبل ستة أشهر عن وظيفته في سوبرماركت إذ بات راتبه 55 دولاراً بالكاد يكفيه لدفع بدل التنقل.
في أيلول، قرّر بلال خوض الرحلة المحفوفة بالمخاطر. باع سيارته واقترض من صديقه مبلغ 1500 دولار كان ينقصه ليدفع أربعة آلاف دولار الى المهرّب الذي أعلمه بموعد السفر قبل ثلاثة أيام من حصوله.
في 19 تشرين الثاني، وضّب حقيبة ظهر صغيرة وغادر منزله في منطقة الضنية من دون إخبار زوجته حتى. وأعلمه المهرّب أنه سيسافر برفقة 72 شخصاً.
لكن عند وصوله إلى نقطة الاجتماع في طرابلس، تفاجأ بوجود نحو تسعين شخصاً يتسلقون شاحنة أقلّتهم إلى منطقة القلمون المجاورة التي انطلقوا منها.
وكان في عداد الرحلة 15 لاجئاً فلسطينياً وعشرة سوريين، بينما البقية من اللبنانيين. وكان هناك 35 طفلاً ونحو عشرين إمرأة.
بعد ساعتين من إبحار المركب، طارده زورق تابع للقوات البحرية أمر سائقه بالعودة الى الشاطئ. لكن الأخير لم يمتثل وتابع طريقه الى المياه الإقليمية. بعد ساعة من المطاردة، تسرّبت مياه البحر الى المركب. ثم تعطّل المحرّك، وكان الوقت ليلا. وبدأت المياه تُثقل المركب تدريجياً، ما دفع الركاب الذين أصابهم الهلع الى التخلّص من الحقائب وعبوات المازوت. وسارع بعضهم بينهم بلال الى الاتصال بأفراد عائلاتهم لإرسال إغاثة.
وعملت سفينة تابعة للجيش اللبناني على سحبهم باتجاه الشاطئ، حيث تم التحقيق معهم قبل الإفراج عنهم. ويقول بلال: "شعرت بالقهر لأنني عدت أدراجي ولم أتمكن من بلوغ وجهتي"، مضيفاً: "لكنني أعرف أنني سأغادر لبنان مجدداً.. لا طريق أمامنا إلا البحر".

قد يهمك ايضا 

حلم الهجرة إلى أوروبا ينشّط تهريب اللاجئين عبر الحدود اللبنانية ـ السورية

الهجرة الغير شرعية تظهر الانقسامات العميقة بين أوروبا الشرقية والغربية

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنانيون يَخْتَارُون قوارب الموت إلَى أُوروبا لبنانيون يَخْتَارُون قوارب الموت إلَى أُوروبا



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:06 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تنسيق تنانير الكشاكش القصيرة لخريف وشتاء 2024
 العرب اليوم - تنسيق تنانير الكشاكش القصيرة لخريف وشتاء 2024

GMT 21:32 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مُميّزة لعشاق الطبيعة والتاريخ
 العرب اليوم - وجهات سياحية مُميّزة لعشاق الطبيعة والتاريخ

GMT 19:12 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لجعل غرفة المعيشة دافئة ومناسبة لفصل الشتاء
 العرب اليوم - نصائح لجعل غرفة المعيشة دافئة ومناسبة لفصل الشتاء

GMT 18:45 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شمس الكويتية تغنّي حواراً بين فيروز وزياد الرحباني
 العرب اليوم - شمس الكويتية تغنّي حواراً بين فيروز وزياد الرحباني

GMT 00:20 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتجسس على أصدقائها.. فما البال بأعدائها؟!

GMT 00:42 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إيران باتت تدافع عن نفسها

GMT 22:40 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله يعلن استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية

GMT 23:19 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

غارات إضافية على الضاحية الجنوبية لبيروت

GMT 19:52 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في السودان

GMT 17:23 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلى يعترض مسار طائرة إيرانية فوق العراق

GMT 23:25 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الممثلة المغربية الشهيرة نعيمة المشرقي عن 81 عاما

GMT 02:58 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الاحتلال يستهدف مناطق متفرقة في الجنوب ويقتل المدنيين

GMT 23:17 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يتصدى لـ30 قذيفة أطلقت من لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab