بيروت - العرب اليوم
وسط الأزمات السياسية والاقتصادية، دفعت الأحداث الأمنية الأخيرة والتوترات في مخيم عين الحلوة، الكثير من الدول الخليجية والأوروبية لتحذير مواطنيها من الذهاب إلى لبنان.
وفيما يعتقد مراقبون أن هذه الخطوة تؤثر سلبيا على الوضع الاقتصادي المنهار، يؤكدون أن خلفها أجندة سياسية للضغط على لبنان من أجل فرض حلول سياسية للفراغ الرئاسي.
وأكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية بسام مولوي، حرص الحكومة اللبنانية على أمن وحماية مواطنيها، وطمأن الدول الشقيقة بأن تحذير السفارات هو إجراء طبيعي لحماية رعاياها.
وأصدرت السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وألمانيا وبريطانيا تحذيرات من السفر إلى لبنان، بسبب الاشتباكات الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية في مخيم عين الحلوة.
وسائل ضغط
قال داود رمال، المحلل السياسي اللبناني، إن هذه التحذيرات الخليجية ليست الأولى من نوعها، ودائمًا هناك مراجعة كل 6 أشهر أو عام تخرج خلاله تحذيرات عن دول مجلس التعاون الخليجي لرعاياها بوجوب الالتزام بقرار منع السفر إلى لبنان، حيث يجب على الموجودين اتخاذ الحيطة والحذر وعدم الاقتراب من أماكن التوترات.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن هذا التحذير جاء بالتزامن مع المواجهات في مخيم عين الحلوة بين جماعات إسلامية متطرفة وحركة فتح، بعد عملية الاغتيال التي تعرض لها قائد الأمن الوطني الفلسطيني في المخيم اللواء العرموشي، مضيفًا: "لا يمكن فصل هذه التحذيرات عن وسائل الضغط التي توافقت عليها مجموعة الخمس العربية والدولية التي اجتمعت في الدوحة، وتضم أمريكا، فرنسا، السعودية، مصر وقطر، حيث أصدرت بيانا، اتفقت على خطة العمل، التي يعتقدون أنها ستفضي لانتخاب رئيس جديد في لبنان".
ويرى داود رمال، المحلل السياسي اللبناني، أن ما يحدث من ضمن وسائل الضغط، لا سيما في ذروة موسم السياحة والصيف في لبنان، والأعداد الكبيرة من المغتربين اللبنانيين الذين قدموا للبنان، حيث تأتي هذه التحذيرات لتضع السلطات الرسمية اللبنانية أمام مسؤولياتها، التي تتضمن حفظ الأمن والاستقرار ومنع استباحة الساحة اللبنانية من أي فصيل مسلح، مع ضرورة أن تعمد القوى السياسية اللبنانية والفرقاء الممثلين في المجلس النيابي للذهاب سريعا لانتخاب رئيس للبلاد من خارج الاصطفافات القائمة حاليا، على أن يتمتع بقبول من الجميع، وبإمكانه التحدث مع كافة الأطراف، وإجراء حوار وطني حول الملفات الأساسية.
هذه النقاط، بحسب رمال داود، هي التي تقف خلف البيانات التحذيرية الخليجية، ومعها سفارات بعض الدول الغربية التي تتكافل وتتضامن باستخدام وسائل ضغط وتحفيز للفرقاء اللبنانيين، لإنهاء الأزمة السياسية التي إذا طالت بطبيعة الحال ستتطور إلى أزمات أخرى أمنية، وقد بدأت مبشرات هذه الأزمات في الظهور.
ويعتقد المحلل السياسي اللبناني أن الأخطر في هذه الخطوة هو وجود مخاوف من أن يتم مجددا تحويل الساحة اللبنانية لساحة لتصفية الحسابات، بحيث يتم إلهاء الجميع بتوترات تأخذ أشكال العنف في الوقت الذي تساق فيه صفقات على مستوى المنطقة.
انفجار الوضع
بدوره اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن بلاده تعاني من أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية وطائفية تتفاقم وتهدد بأوضاع أمنية غير مستقرة، بالإضافة لتوتر الوضع في المخيمات، وغيرها من الأوضاع الأمنية المتنقلة، التي أوحت أن الوضع في لبنان غير آمن وغير مستقر.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن التحذيرات الخليجية وغيرها من الدول، نابعة من هذه الوضعية الاستثنائية، لكن بنفس الوقت هناك ضغط على الوضع اللبناني غير المستقر، ما يعبر عن المتغيرات التي تحدث في المنطقة خاصة بعد الانفتاح ما بين السعودية وإيران والسعودية وسوريا.
وقال أبوزيد إن هذه الانفراجات أصيبت في الأيام الأخيرة بحالة من الإرباك والتردد والحذر، لذلك نلاحظ أن فتح السفارة السعودية في إيران تراجع، وعودة السفارة السعودية لسوريا تم تأخيرها.
وتابع: "هناك بعض المعلومات التي تشير إلى التناقضات والخلافات بين الرياض وطهران من جهة، والسعودية وسوريا، وإيران والولايات المتحدة الأمريكية".
ويرى المحلل السياسي اللبناني أن كل هذه الأمور تعبر عن الموقف الخليجي من الحالة في لبنان، فيما يتوقع البعض أن يكون بداية الانفجار على الساحة اللبنانية التي تشهد تواجد كل هذه القوى والمحاور، مشيرا إلى المواقف الرسمية للدولة اللبنانية، من رئيس الحكومة وزير الداخلية والجيش، التي أكدت أن الوضع الأمني لا يزال مستقرا وهناك احتواء ويمكن ضبطه.
وتابع: "الوضع في المخيم آمن لكن هناك حذر، ولا يوجد أي مؤشر بأن هناك انفجارا قريبا يمكن أن يحدث، لكن الأسباب الموجودة تهدد بأعمال أمنية متوقعة".
هذه الأوضاع، بحسب أبو زيد، تؤثر على الوضع الاقتصادي والأمني في البلاد، وكان البعض يأمل أن ينتهي الشهر ويعود المغتربون ويستفيد لبنان اقتصاديا وماليا من الوضع الاغترابي، خاصة أن موسم الصيف في لبنان كان إيجابيا وجديا، وكان هناك حضور كبير للوافدين من اللبنانيين وغيرهم، مما عكس حركة اقتصادية جيدة على الساحة اللبنانية.
الخليجيون لهم دور أساسي وكبير، لكن حضورهم في هذا الصيف لم يكن كالسنوات السابقة بسبب الخلافات السياسية والتباينات وحالة لبنان، والموقف الخليجي يؤثر على الوضع الاقتصادي، ومن مصلحة لبنان أن يكون هناك علاقات إيجابية وسليمة مع الخليج والدول الأخرى حتى يستفيد لبنان من الحركة السياحية، بحسب أو زيد، الذي أوضح أنه في نفس الوقت يتم استعمال الوضع الاقتصادي للضغط السياسي من أجل تحسين الشروط السياسية لكل فريق.
ويعتقد المحلل اللبناني أن بلاده تمر بمرحلة خطيرة جدا تحتمل إمكانية الانفجار، وكذلك إمكانية الحل، وهو مرتبط بالمفاوضات التي تجري في المنطقة، فإما أن تتجه الأمور إلى مواجهة بين المحور الأمريكي السعودي من جهة والسوري الإيراني من جهة أخرى، أو يكون هناك تسوية سياسية تنعكس إيجابيا على لبنان، مشيرا إلى أن حالة الانتظار هي السائدة في الوقت الراهن والجميع ينتظر تطورات الأوضاع في المرحلة المقبلة.
ودعت السفارة القطرية لدى بيروت، المواطنين القطريين الزائرين للبنان، الابتعاد عن المناطق التي تشهد الأحداث الحالية في لبنان.
ودعت السفارة السعودية في لبنان، رعاياها إلى مغادرة الأراضي اللبنانية على وجه السرعة، على خلفية الاشتباكات المسلحة التي اندلعت بين بعض فصائل فلسطينية في مخيم عين الحلوة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
السعودية تُطالب مواطنيها بمغادرة لبنان وتجنب مناطق النزاعات وميقاتي يؤكد أنه لا داعي للهلع
ارتفاع عدد ضحايا اشتباكات مخيم عين الحلوة
أرسل تعليقك