اطلقت الاف البالونات مساء الاحد في سماء العاصمة الالمانية على انغام انشودة الفرح لبيتهوفن وسط صيحات حشود المحتفلين في اختتام مثير لاسبوع الاحتفالات بالذكرى ال25 لسقوط جدار برلين.
واحتشد مئات الالاف عند بوابة براندبورغ وفي وسط برلين لمشاهدة اطلاق نحو سبعة الاف بالون مضاء على طول 15 كلم من الجدار السابق الذي قسم برلين من 13 اب/اغسطس 1961 وحتى 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1989.
وترمز هذه البالونات الى الشموع التي اضاءها الالمان الشرقيون الذين طالبوا النظام الستاليني بالحرية.
رئيس بلدية برلين كلاوس فوفيرت قال عند بوابة براندبورغ "ننحني اجلالا امام قوة عزيمة" هؤلاء المتظاهرين في المانيا الشرقية الذين تحلوا بجراة النزول الى الشوارع للمطالبة بالمزيد من الحريات قبل 25 عاما. واضاف قبل اطلاق اول بالون "نحن شعب سعيد".
وقبل ذلك بقليل صفق الحضور بقوة للزعيم السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشيف (83 سنة) الذي ينسب له فضل كبير في اعادة توحيد المانيا وهم يهتفون "غوربي، غوربي". كما صفقوا طويلا لزعيم نقابة تضامن البولندية السابق ليخ فاونسا.
ثم بدات اوركسترا ديوان الشرق والغرب بقيادة المايسترو الاسرائيلي الارجنتيني دانيل بارنبويم عزف انشودة الفرح من السيمفونية التاسعة للموسيقار الالماني الشهير لودفيغ فان بيتهوفن وهو النشيد الرسمي للاتحاد الاوروبي ما شكل لحظة تاثر وانفعال كبيرين.
وقد وضعت احتفالات الذكرى هذه السنة تحت شعار "شجاعة الحرية"، وخلافا للذكرى العشرين لم يدع اي رئيس دولة او حكومة حالي للمشاركة فيها بحيث اعطيت الصدارة للشعب.
ومنذ صباح الاحد احتشد المحتفلون حول منصات النبيذ او النقانق امام بوابة براندبورغ الغنية بالرموز والواقعة في المنطقة العازلة ابان تقسم المدينة.
كان الايقاع حزينا في الصباح مع احياء قداس في كنيسة المصالحة التي شيدت في "شريط الموت" الذي كان يفصل جانبي الجدار. ثم جرى الحفل الرسمي للحكومة الالماني الذي كان مقتضبا جدا وجمع تحت سماء ملبدة بالغيوم ووسط طقس بارد عشرات الاشخاص بدون اي مدعو اجنبي.
وتناوب على الكلام ممثلون عن حركات المواطنين في تلك الاونة. كما غرست المستشارة انغيلا ميركل والمشاركون الاخرون زهورا في الجدار تكريما للالمان الشرقيين الذين قتلوا لدى محاولتهم الهرب من جمهورية المانيا الديموقراطية السابقة.
وقالت المستشارة الالمانية التي نشأت في المانيا الشرقية السابقة وبدأت مسيرتها السياسة في سياق الاحداث قبل 25 سنة امام عدد من الصحافيين "ذلك استمر طويلا وكثيرون من الناس عاشوا في معاناة قبل فتح الجدار (...) ليس فقط في المانيا بل وايضا في بولندا والمجر وتشيكوسلوفاكيا وفي كثير من البلدان الاخرى وفي هذا اليوم علينا ان نفكر فيهم" على ما قالت.
وقالت ميركل ايضا في حفل عند نصب جدار برلين "بامكاننا تغيير الامور الى الافضل، انها رسالة سقوط الجدار" في التاسع من تشرين الثاني 1989.
واضافت ميركل "انها موجهة الينا في المانيا، والى الاخرين في العالم"، و"بخاصة في هذا الوقت الى الناس في اوكرانيا وسوريا والعراق والى جميع الديانات في العالم حيث الحريات وحقوق الانسان مهددة او حتى تداس بالاقدام".
وتابعت "ان سقوط الجدار اظهر ان الاحلام يمكن ان تصبح حقيقة".
وقالت ايضا "ان جدرانا اخرى يمكن ان تسقط، جدران الدكتاتورية، والعنف، والايديولوجيات والاحقاد"، وذكرت بان النظام الشيوعي في المانيا الشرقية كان "دولة اللاقانون"، "دولة كانت تراقب" مواطنيها وتنتهك "الحقوق الاساسية مثل حرية الرأي والصحافة".
وذكرت خصوصا بان 138 شخصا دفعوا حياتهم ثمن محاولتهم عبور الجدار.
وفي الفاتيكان ذكر البابا فرنسيس في هذه المناسبة بدور سلفه يوحنا بولس الثاني ودعا الى بناء "جسور وليس جدرانا".
وقال البابا في قداس الاحد في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان "قبل 25 عاما سقط جدار برلين الذي قسم لفترة طويلة المدينة الى قسمين ورمز الى التقسيم الايديولوجي لاوروبا والعالم اجمع".
وفي هذا الحدث الذي سجل نهاية الحرب الباردة ومهد لاعادة توحيد المانيا واوروبا تبقى فرحة الالمان وسعادتهم العارمة بالالتقاء في ذلك المساء بعد 28 عاما من الانفصال المؤلم الذي غالبا ما ترجم بمآس عائلية، من ابرز الصور الراسخة في ذاكرة القرن العشرين.
نقلًا عن "أ.ف.ب"
أرسل تعليقك