حذرت دوائر فلسطينية من أن إسرائيل تقود الأراضي الفلسطينية إلى انتفاضة ثالثة من شأنها أن تقوي الحركات الإسلامية المتشددة، وتضعف التيار المعتدل داخل الصف الفلسطيني، مشيرة إلى أن فرض إجراءات معقدة على دخول المسجد الأقصى لن يوقف الاحتجاجات في القدس، بل سيصبّ الزيت على النار في مختلف الأراضي الفلسطينية.
واعتبرت هذه الدوائر أن العنف الذي تمارسه القوات الإسرائيلية على المدنيين، واستهداف المسجد الأقصى برغم رمزيته الدينية، يخلقان شروطا لانتفاضة ثالثة تنتهي بتقوية تيارات إسلامية متشددة على حساب الفصائل الفلسطينية المعتدلة.
وكانت الانتفاضة الأولى في 1987 قد أفرزت بروز حركة حماس، والانتفاضة الثانية في 2000 وحتى عام 2005 قد قوت من شوكة حركة حماس وشجعتها على السيطرة على القطاع والاستهانة بالسلطة الفلسطينية. كما ساهمت الانتفاضة الثانية في صعود كبير لتنظيمات متشددة بالمنطقة وخاصة تنظيم القاعدة.
ويقول خبراء في الحركات الإسلامية إن الجماعات المتشددة تستثمر معاناة الفلسطينيين لبناء رصيد شعبي في المحيط العربي والإسلامي، وتوظفه في تحقيق أهدافها الخاصة، مشيرين إلى تجربة الإخوان المسلمين في 1948، والقاعدة في 2001، فضلا عن ثورة الخميني 1979 في إيران والتي رفعت شعارات تحرير القدس لكسب تعاطف الشارع الإسلامي قبل أن يستفيق على طابعها الطائفي.
وكانت شرارة اندلاع الانتفاضة الثانية هي دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون إلى باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه في 28 سبتمبر 2000، الأمر الذي دفع جموع المصلين إلى التجمهر ومحاولة التصدي له، فكان من نتائجه اندلاع أول أعمال العنف في هذه الانتفاضة.
وتضاعفت المخاوف السبت من تجدد الصدامات في المسجد الأقصى غداة مواجهات دامية انطلقت ردا على قرار إسرائيلي بوضع أجهزة لرصد المعادن على مداخله.
وانتهى يوم الجمعة بمقتل ثلاثة فلسطينيين خلال مواجهات في القدس الشرقية والضفة الغربيّة المحتلتين مع قوى الأمن الإسرائيلية. كما قتل فلسطيني ثلاثة إسرائيليين طعنا في أحد منازل مستوطنة حلميش (نفي تسور) شمال غرب رام الله، حسب ما ذكر الجيش الإسرائيلي.
واقتحم الجيش الإسرائيلي ليل الجمعة السبت منزل الفلسطيني منفذ الهجوم في بلدة كوبر بالضفة الغربية واعتقل شقيقه وقام بقياس مساحة المنزل تمهيدا لهدمه، على ما أعلنت متحدثة عسكرية.
وأضافت المتحدثة أن المهاجم الفلسطيني البالغ 19 عاما أصيب أثناء الهجوم ونقل إلى مستشفى إسرائيلي، مضيفة أنه نشر قبيل تنفيذ هجومه وصية على فيسبوك قال فيها خصوصا “كل ما أملكه سكين مسنون ها هو يلبي نداء أقصانا”، في إشارة إلى المسجد الأقصى، ووقّعها باسم “الشهيد بإذن الله عمر العبد أبو زين”.
واندلعت الصدامات التي بلغت أوجها الجمعة قبل أسبوع بعد هجوم أدى إلى مقتل شرطيين إسرائيليين في البلدة القديمة من القدس في 14 يوليو. وقالت القوات الإسرائيلية إن المهاجمين خبأوا أسلحتهم في ساحة المسجد الأقصى وبناء على ذلك قررت تركيب أجهزة لكشف المعادن على مداخل هذا الموقع الحساس.
وأثار هذا الإجراء غضب الفلسطينيين وأعلن الرئيس محمود عباس مساء الجمعة تجميد الاتصالات مع إسرائيل إلى حين إلغاء إجراءاتها في المسجد الأقصى. وكان الفلسطينيّون دعوا إلى “جمعة غضب” مع رفضهم منذ الأحد الماضي أداء الصلاة داخل المسجد احتجاجاً على الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة.
واعتبر أوفر زالزبرغ، المحلل في “مجموعة الأزمات الدولية” أن “خطأ (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو كان في تركيب أجهزة رصد المعادن دون اللجوء إلى محاور مسلم”. وأضاف أن “الطابع الإكراهي (لهذا الإجراء)، أكثر من الإجراء نفسه، هو ما جعله غير مقبول لدى الفلسطينيين”.
وقد أعاد وضع أجهزة كشف المعادن تحريك المخاوف الفلسطينية من فرض إسرائيل سيطرة أمنية على الحرم القدسي، لكن نتنياهو أكد عدم وجود نية لتعديل إجراءات الوضع القائم في الأماكن المقدسة.
أرسل تعليقك