نيويورك - العرب اليوم
أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نداء إنسانياً عاجلاً لجمع قرابة 1.7 مليار دولار لمساعدة المدنيين المتأثرين بغزو روسيا لأوكرانيا، في ضوء مخاوف من ارتفاع عدد اللاجئين في الدول المجاورة إلى «أربعة ملايين خلال الأيام القليلة المقبلة». بينما دفعت فرنسا والمكسيك للتصويت مجدداً في مجلس الأمن على مشروع قرار يعنى بالأزمة الإنسانية الكبرى الناجمة عن الحرب، في وقت تستعد فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت اليوم الأربعاء على مشروع قدمته الولايات المتحدة وألبانيا بدعم من عشرات الدول الأخرى لمطالبة موسكو بـ«وقف فوري» لعدوانها و«سحب كل قواتها» من كل الأراضي الأوكرانية «بشكل كامل ومن دون أي شرط».ويتألف النداء الإنساني الذي أطلقه كبير الموظفين الدوليين من عنصرين: نداء عاجل لمدة ثلاثة أشهر للوضع داخل أوكرانيا، وخطة استجابة إقليمية للاجئين الأوكرانيين في الخارج، ولا سيما في الدول المجاورة. وجاء ذلك غداة اجتماع عقده مجلس الأمن وبحث خلاله في تداعيات الأزمة الإنسانية في أوكرانيا.
ولكن الجلسة استهلت بإعلان المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن «هناك خطوة أخرى عدائية اتُخذت من الدولة المضيفة (للأمم المتحدة) ضد روسيا» في شأن «طرد 12 شخصاً من بعثة روسيا»، معتبراً أن هذا «انتهاك صارخ آخر» من الولايات المتحدة لاتفاق الأمم المتحدة مع الدولة المضيفة بحسب اتفاقات فيينا حول العلاقات الدبلوماسية والقنصلية. وسارع نائب المندوبة الأميركية الدائمة ريتشارد ميلز إلى الرد، معتبراً أن هذا الموضوع غير ذات صلة بالجلسة المخصصة للوضع الإنساني في أوكرانيا. وأكد أن الإجراء «يتسق تماماً مع اتفاقية المقرّ»، موضحاً أن «الدبلوماسيين الذين طُلب منهم مغادرة الولايات المتحدة انخرطوا بممارسات لا تتماشى مع مسؤولياتهم والتزاماتهم كدبلوماسيين».كما قررت واشنطن طرد «جاسوس روسي» يعمل لدى الأمم المتحدة، وأكد الخبر الناطق باسم الأمم
- هجرة جماعية سريعة
وبعد ذلك، استمع أعضاء المجلس إلى إحاطة من المفوض العام للأمم المتحدة للاجئين فيليبو غراندي الذي تحدث عن «الألم» في أوروبا التي «تعصف بها الحرب مرة أخرى» في وقت يتجمع فيه الملايين من المدنيين الأوكرانيين الأبرياء في الملاجئ، ويسارعون لركوب القطارات المزدحمة ويفكرون بخوف في مستقبل أطفالهم. وإذ أشار إلى أن مئات الآلاف يلتمسون اللجوء في البلدان المجاورة، قال إن «هناك 520 ألف لاجئ من أوكرانيا في البلدان المجاورة»، مضيفاً أن «هذا العدد يرتفع بشكل كبير، ساعة بعد ساعة». وأوضح أن هؤلاء «بحاجة إلى الأمان والحماية، أولاً وقبل كل شيء، لكنهم يحتاجون أيضاً إلى المأوى والغذاء والنظافة وغيرها من أشكال الدعم». وزاد: «يؤسفني أن أقول إنه ما لم يكن هناك وقف فوري للنزاع، فإن الأوكرانيين سيستمرون في الفرار. نحن نخطط حالياً، أكرر، نخطط (لمساعدة) ما يصل إلى أربعة ملايين لاجئ في الأيام والأسابيع المقبلة»، محذراً أن «مثل هذه الزيادة السريعة ستكون عبئاً ثقيلاً على الدول المضيفة وستضغط بلا شك على أنظمة الاستقبال والموارد ذات الصلة». وأضاف: «عملت في أزمات اللاجئين لنحو 40 عاماً، ونادراً ما رأيت مثل هذه الهجرة الجماعية السريعة بشكل لا يصدق – وهي الأكبر بالتأكيد داخل أوروبا منذ حروب البلقان».
- تدفق اللاجئين
وأعلنت المفوضية السامية للاجئين أن أكثر من 280 ألف شخص فروا إلى بولندا و94 ألفاً إلى المجر، و40 ألفاً إلى مولدافيا، و34 ألفاً إلى رومانيا، و30 ألفاً إلى سلوفاكيا، بالإضافة إلى عشرات الآلاف الآخرين إلى بلدان أوروبية مختلفة، فضلاً عن عدد كبير أيضاً إلى الجمهوريات السوفياتية السابقة. وأفاد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث أن العالم يراقب الهجوم العسكري في أوكرانيا «بشعور من عدم التصديق والرعب»، قائلاً إن «المدنيين يدفعون الثمن بالفعل». وأضاف أن «حجم الخسائر في صفوف المدنيين والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المدنية حتى في الأيام الأولى ينذر بالخطر». وأكد سقوط 406 على الأقل من الضحايا المدنيين، بينهم نحو مائة من الأطفال، علماً بأن «العدد الحقيقي يمكن أن يكون أعلى بكثير، لأنه لم يجر التحقق بعد من العديد من الضحايا المبلغ عنهم». وأشار إلى أن الهجمات الجوية والقتال في المناطق الحضرية كل ذلك يضرّ بالمرافق المدنية الحيوية ويعطل الخدمات الأساسية مثل الصحة والكهرباء والمياه والصرف الصحي، فضلاً عن تدمير الجسور والطرق «مما أدّى إلى قطع وصول الناس إلى الإمدادات
والخدمات الحيوية». كما حذر من خطر استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق الحضرية، مؤكداً أن «هذا مصدر قلق خاصة في أماكن مثل كييف وخاركيف». ودعا جميع الأطراف إلى «احترام القانون الإنساني الدولي واتخاذ الحرص المستمر لتجنيب جميع المدنيين والأعيان المدنية الأذى خلال عملياتها العسكرية». كما دعا إلى «تجنّب استخدام الأسلحة المتفجرة واسعة النطاق في المناطق المأهولة بالسكان». وقال إن «المنظمات الإنسانية الـ119 التي تعمل في أوكرانيا تمكنت من تقديم شكل من أشكال المساعدة»، مضيفاً: «في الوقت الحالي، نحن بحاجة ماسة إلى إحراز تقدم على جبهتين إذا أردنا الوصول إلى المزيد من الأشخاص بالمساعدات. أولاً، نحتاج إلى تأكيدات من أطراف النزاع بحماية العاملين والتحركات الإنسانية. وثانياً، هناك حاجة إلى المزيد من الموارد».
- مشروع فرنسي - مكسيكي
وأعلن المندوب الفرنسي نيكولا دو ريفيير أن فرنسا والمكسيك ستقدمان مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق من أجل تلبية الحاجات الملحة للسكان الأوكرانيين. واتهم روسيا بأنها «تنتهك أهم المبادئ في ميثاق الأمم المتحدة، وتدوس على القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان». وجدد المطالبة بـ«وقف فوري للأعمال العدائية، ووصول المساعدات الإنسانية بأمان ودون عوائق إلى جميع الأشخاص المحتاجين». وأكد أن «حماية المدنيين وبينهم الأطفال والعاملون في المجال الإنساني وكذلك البنية التحتية المدنية هي أولوية قصوى».
وتحدث المندوب الروسي مجدداً، فقال إن «الوضع في أوكرانيا يقلِق الجميع، لأن الأشخاص البسطاء هم من يعانون»، معتبراً أن هؤلاء «رهائن الراديكاليين والقوميين الأوكرانيين المتمسكين بالسلطة، لماذا أقول ذلك؟ أقول ما أقوله لأنه في المناطق التي توجد فيها القوات الروسية، لا تصطدم الناس بصعوبات جمة، حيث إن كل الخدمات الأساسية مؤمنة لهم». وطلب من غريفيث وغراندي التعليق على اتهام «القوميين الأوكرانيين» بتركيز أسلحتهم في الأماكن السكنية. وأجاب المسؤولان الأمميان على الفور. وقالا إنه «ليس لديهم وسائل للتحقق من مثل هذه الادعاءات» الروسية.وقال المندوب الأوكراني الدائم لدى الأمم المتحدة سيرغي كيسليتسا إن روسيا «تشن حرباً واسعة النطاق وغير مبررة ضد أوكرانيا»، مضيفاً أنه «أسوأ اجتياح واسع النطاق منذ الحرب العالمية الثانية». واتهم روسيا بأنها «تهاجم المستشفيات، وفرق المساعدة الطبية المتنقلة وسيارات الإسعاف». ورأى أن «هذه ليست ممارسات دولة لديها شواغل أمنية مشروعة. هذه ممارسات دولة عازمة على قتل مدنيين. لا يوجد نقاش هنا، هذه جرائم حرب».
- «نشاطات تجسس»
بعيد إعلان المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا نبأ طرد 12 من العاملين في البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة، أكدت الناطقة باسم البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة أوليفيا دالتون أن «الولايات المتحدة أبلغت الأمم المتحدة والبعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة أننا بدأنا عملية طرد اثني عشر من عملاء المخابرات من البعثة الروسية»، عازية ذلك إلى أنهم «أساءوا استخدام امتيازات إقامتهم في الولايات المتحدة من خلال الانخراط في نشاطات تجسس تضر بأمننا القومي». وإذ أكدت أن واشنطن «تتخذ هذا الإجراء وفقاً لاتفاق مقر الأمم المتحدة»، لفتت إلى أن «هذا العمل كان قيد الإنجاز من أشهر عدة».
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك