دمشق - جورج الشامي
نفت مصادر من بلدة معلولا التي تقيم فيها غالبية مسيحية أن تكون الكتائب الثورية المسلحة التي سيطرت على المدينة قد استهدفت السكان والمدنيين، وأشارت إلى أن عناصر المعارضة المسلحة انسحبت من البلدة حفاظاً على حياة سكانها بعد أن قامت قوات الحكومة بقصف المدينة واستهداف بعض كنائسها.
وكانت كتائب المعارضة المسلحة، ومن بينها جبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية (كتيبة ثوار بابا عمرو وكتيبة مغاوير بابا عمرو) قد أعلنت عن استهداف حواجز قوات النظام في بلدة معلولا الواقعة في جبال القلمون بريف دمشق بهجوم انتحاري ضمن ما أسمته "سلسلة غزوات العين بالعين"، ودمّرت حاجز (التينة) الذي يضم عسكريين وميليشيات تابعة للحكومة عند مدخل البلدة، وأوقعت جميع عناصره بين قتيل وجريح، ودارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين قبل أن يتقدم مقاتلو المعارضة ويسيطروا على كامل المدينة.
وقال سكان من البلدة إن الطيران الحربي شنّ غارات على محيط الحاجز في معلولا وجبعدين، وقصَفَ مناطق قريبة من البلدة، كما ردّت قوات الحكومة باستهداف المدينة بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة، ما أسفر عن تدمير عدد من البيوت وإصابة كنيسة مار الياس الغيور، وكنيسة مار جريس وأدى إلى سقوط قتلى وجرحى
من جهته أوضح فائق المير، القيادي في حزب الشعب السوري المعارض، لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء أن "كتائب الجيش الحر العاملة في المنطقة قامت منذ شهر تقريباً بالهجوم والسيطرة على حاجزي مطعم السفير لللآتين من دمشق، ولم يقم الثوار بالدخول إلى معلولا ولم تتمّ مضايقةُ أو إزعاجُ أحد، لكن الحاجزين الآخرين بدءا بالخطف والاعتقال وكل أنواع التشبيح، فقامت كتائب جبهة النصرة العاملة في يبرود مع بعض كتائب الجيش الحر هناك بالهجوم على الحاجزين وتحرير المنطقة بالكامل ثم الدخول إلى معلولا، دون أي صدام أو إساءة للأهالي بالمطلق وبالذات جبهة النصرة التي كانت أكثر الجهات انضباطاً".
وتابع المير "سارع أكثرية المسيحيين في البلدة الى مغادرة البلدة رغم النداءات وطلب الثوار منهم البقاء وعدم المغادرة، لكنهم لم يستمعوا، وأعتقد أن سبب مغادرته هو مزيج من الخوف من النظام وانتقامه، كما هي عادته في أية منطقة يسيطر عليها الثوار، والخوف من تدخل الكتائب وخصوصاً جبهة النصرة وغيرها في شؤونهم بعد نجاح النظام في تسويق هذه المقولة وبعض الأخطاء التي ارتكبتها هذه التنظيمات في مناطق أخرى من قبل"
وعن موقف الإكليروس في البلدة، قال المعارض السوري "لم يشهد لرجال الدين المسيحيين أي موقفٍ سلبي أو عدائي للثورة بل كان موقفهم قريباً من موقف الأهالي وهو موقف وسلوك رعوي مسؤول، ولم تشهد أية احتكاكات سلبية بين الطرفين ولم تسجّل أية حادثة إساءة بحق أحد من المسيحيين بل على العكس"
وتابع "لكن أمام هذه الحالة المعقدة وغير المفيدة للثورة في هذه المرحلة بالذات، وحفاظاً على العيش المشترك وعلى أرواح وممتلكات أهل البلدة واحتراماً لقناعاتهم ولرغباتهم، كان لابد للثوار من معالجة هذه القضية، فكان القرار الصائب بانسحاب الثوار جميعهم من البلدة إلى الجبال المحيطة وبقية الجبهات، وهذا الذي حدث منذ مساء الأربعاء، وطالبوا الأهالي بالعودة إلى ديارهم، خصوصاً وأن هدف الثوار بإسقاط الحواجز وتحرير المنطقة قد تحقق، فما يربط سكان هذه المناطق تاريخياً إضافة لمصلحة الثورة أكبر بكثير مما يفرقهم"
وأضاف "بدوري أناشد الأهالي للعودة لبيوتهم وقطع الطريق على الذين يعملون على الإساءة للثورة وتمزيق وإضعاف النسيج الوطني السوري، وعودة الأهالي ستقدم الثورة نموذجاً رائداً يحتذى به في هذه المرحلة".
وفي وقت متأخر من الليل، ترددت أنباء عن وصول تعزيزات عسكرية من قوات الحكومة وتمركزت وحدات الجيش عند مدخل البلدة استعداداً لاقتحامها.
ومعلولا التي أصبحت بقبضة مقاتلي المعارضة، بلدة مختلطة من (مسيحيين ومسلمين) وتتكلم اللغة الآرامية الأم في سورية، وتضم الكثير من الكنائس الأثرية، وتعدّ جزءاً من التراث العالمي.
أرسل تعليقك